يرى حسين سعيد قرار البرلمان الألماني بتصنيف الجرائم التي ارتكبها مسلحو داعش بحق الايزيديين على أنها "جرائم إبادة جماعية" كدعم كبير لهم ويعتقد أن المراحل المقبلة أكثر أهمية بالأخص تعويض المتضررين وتطبيع الأوضاع في المناطق التي استعيدت من سيطرة التنظيم.
"سررنا كثيراً بالقرار الذي سيمهد الطريق لكي تقر دول أخرى بالإبادة الجماعية المرتكبة بحق الايزيديين"، هذا ما قاله حسين سعيد، ناشط ايزيدي في سنجار لـ(كركوك ناو).
ويعتبر حسين القرار دليلاً من الناحية القانونية لكي يتم الاعتراف مستقبلاً رسمياً على المستوى الدولي بجرائم داعش على أنها إبادة جماعية، "نأمل أن يكون لهذا القرار تأثير على أرض الواقع وعلى أوضاع المواطنين والمنطقة".
وكان البرلمان الألماني (البوندستاغ) قرر في جلسة عقدت يوم 19 كانون الثاني 2023 تصنيف الانتهاكات والجرائم التي ارتكبها مسلحو "الدولة الاسلامية في العراق والشام-داعش" بحق أبناء المكون الايزيدي في العراق على أنها إبادة جماعية.
خطوة مهمة لتصنيف جرائم داعش ضد الايزيديين على المستوى الدولي كإبادة جماعية
وسلط قرار البرلمان الضوء على جرائم القتل، الاختطاف وإجبار الايزيديين على تغيير ديانتهم، الاغتصاب والاستعباد وبيع وشراء الفتيات والنساء الايزيديات، مشدداً على ضرورة أن تقدم الحكومة الألمانية الدعم المالي للايزيديين، وإعادة تأهيل المجتمعات المدمَّرة، وجمع الوثائق والأدلة من العراق ومساءلة المتهمين.
في آب 2014 سيطر مسلحو تنظيم داعش على قضاء سنجار (120 كم غرب الموصل)، واختطفوا ستة آلاف و417 ايزيدي، لا يزال مصير قرابة ألفين و700 منهم مجهولاً، وفقاً لإحصائيات مكتب إنقاذ المختطفين الايزيديين التابع لحكومة اقليم كوردستان.
وأسفرت هجمات داعش عن مقتل ألف و293 ايزيدي، هدم 68 مزاراً دينياً، كما عثر حتى الآن على أكثر من 80 مقبرة جماعية تضم ضحايا ايزيديين.
بيريفان سليم شمو، نائب رئيس مجلس محافظة دهوك، وهي من المكون الايزيدي، قالت لـ(كركوك ناو)، "نثمن هذا القرار، وهي خطوة مهمة لتصنيف جرائم داعش ضد الايزيديين على المستوى الدولي كإبادة جماعية"، ودعت الى تحويل فقرات ومواد القرار الى خطوات عملية.
وسبق أن اعترفت كل من بلجيكا، استراليا وهولندا بالإبادة الجماعية ضد الايزيديين.
نادية مراد، إحدى الناجيات من أسر داعش، وناشطة حائزة على جائزة نوبل للسلام قالت في رسالة أن أكثر من 18 حكومة وهيئة عالمية تقر حالياً بالإبادة الجماعية المرتكبة ضد الايزيديين ووصفت قرار البرلمان الألماني بـ"يوم تاريخي" أملةً أن يصبح بداية تحقيق العدالة.
في تشرين الثاني الماضي، دان القضاء الألماني عراقيا بتهمة ارتكاب "مجازر إبادة" في حق الايزيديين، وذلك في سابقة عالمية.
وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، نشرت تغريدات باللغة الكوردية قالت فيها "قبل ثلاثة اعوام رأيت نساء ايزيديات شمال العراق، كن مختطفات، مستعبدات، تعرضن للاغتصاب، آلامهن لا تفارقني. البرلمان الألماني (البوندستاغ) قرر أن تصنف جرائم داعش ضد الايزيديين على انها إبادة جماعية".
واشارت انالينا الى أنه "لا يمكن لقرار برلماني في العالم أن يمحو آلامهم"، لكنها ترى أن القرار خطوة مصيرية نحو الاعتراف بالآلام وتحقيق العدالة.
في البداية كان مشروع القرار يحوي العديد من الثغرات، لم يكن يلبي مطالب أهالي سنجار، ثم شاركنا مع عدد من الخبراء في صياغة القرار
توجد في ألمانيا أكبر جالية ايزيدية، حيث يقدر عددهم بحوالي 150 ألف ايزيدي، حسب مؤسسة دويتشة فيلة الألمانية (DW).
أعداد الايزيديين في العراق كانت تقدر بأكثر من 550 الف شخص، حسب إحصائيات مديرية شؤون الايزيديين في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بحكومة اقليم كوردستان، تعرض 360 ألف منهم للنزوح وهاجر أكثر من 100 ألف خارج العراق.
"منذ حزيران الماضي، كنا في ألمانيا بصدد كتابة مشروع قرار الاعتراف بالإبادة الجماعية ضد الايزيديين، في البداية كان مشروع القرار يحوي العديد من الثغرات، لم يكن يلبي مطالب أهالي سنجار، ثم شاركنا مع عدد من الخبراء في صياغة القرار، وتم أخذ آراء رؤساء قبائل سنجار واشخاص آخرين وجرى تعديله"، حسبما تحدث الدكتور عرفان أورتاج، نائب رئيس المركز الاستشاري للايزيديين لـ(كركوك ناو).
من المطالب الرئيسية لأهالي سنجار، بحسب أورتاج، إخراج القوى والفصائل المسلحة من سنجار، تنفيذ اتفاقية سنجار وتطبيع ألوضاع، إعادة النازحين وتعويضهم.
حسب متابعات سابقة لـ(كركوك ناو)، من الأسباب الرئيسية وراء هجرة الايزيديين، الدمار الذي خلفته الحرب في مناطقهم، انعدام الاستقرار والخدمات إلى جانب صعوبة الحياة في المخيمات.
يشكل الايزيديون 30 بالمائة من مجموع أكثر من 664 ألف نازح متواجدين في اقليم كوردستان، وشهد العام الماضي هجرة عكسية لايزيديي سنجار نحو المخيمات بسبب التوتر الأمني والاشتباكات المسلحة.
واوضح عرفان أورتاج أن مسودة قرار البرلمان الألماني كانت تضم قبل تثبيته مادة حول احتضان الأطفال المولودين جراء الاغتصاب على يد مسلحي داعش، لكن الايزيديين رفضوا ذلك، ثم أعيدت صياغة المادة بالشكل التالي "يتم اعتبار أوضاع الأطفال المولودين من داعش بالخطر، إذا قرر الايزيديون احتضانهم يمكننا تقديم المساعدات لهم".
تعرض قسم من الايزيديات المختطفات الى الاغتصاب على يد مسلحي داعش وأنجبن اطفالاً منهم، نتيجة لذلك تعرضن للنبذ من قبل المجتمع الايزيدي الذي رفض استقبالهن مع أطفالهن، لذا لم تتمكن النساء اللواتي قررن الاحتفاظ بأطفالهن من العودة الى كنف عوائلهن، فيما يتم ايواء أخريات عند منظمات انسانية لحين ايجاد حل للمعضلة.
هرمان ميرزا بك، نائب أمير الايزيدية قال لـ(كركوك ناو)، "سعداء بقرار البرلمان الألماني كونها قوة عظمى في العالم، تكمن أهمية القرار في أنه يمثل خطوة أخرى للاقتراب من الاعتراف الرسمي بالإبادة الجماعية في حق الايزيديين في الأوساط الدولية مثل محكمة لاهاي، لكي يتم تعويض الايزيديين مادياً ومعنوياً".
يتولى فريق تحقيق تابع للأمم المتحدة، العمل على ملف الايزيديين منذ عام 2017 وكان الفريق قد ذكر في تقرير نشر عام 2021 أنهم جمعوا "أدلة واضحة ومقنعة" على وجود انتهاكات وجرائم ضد الايزيديين.
"من المهم أن تضم القرارات المتعلقة بالإبادة الجماعية بنود تنص على تعويض الايزيديين، لأنهم معدومون ويعيشون منذ أكثر من ثمان سنوات مصاعب الحياة في النزوح، ويجب أن تكون ورقة ضغط لتطبيع الأوضاع في سنجار وعودة النازحين الى ديارهم"، بحسب ميرزا هرمان.
قانون الناجيت الايزيديات رقم 8 لسنة 2021 وصف ما حدث بحق الايزيديين كجرائم إبادة جماعية، وشدد على تسجيل دعاوى قضائية ضد مرتكبي تلك الجرائم وحددت يوم 3 آب يوماً وطنياً للتعريف بتلك الأحداث، كما كلف وزارة الخارجية بالعمل على حشد الدعم للاعتراف بالإبادة الجماعية على المستوى الدولي.
وفي عام 2019 اعتبر برلمان كوردستان في مشروع قرار يوم 3 آب ذكرى الإبادة الجماعية للايزيديين.