الحلم الذي حث المعلمة آشتي للخروج الى الشارع والمشاركة في التظاهرات يوشك أن يصبح حقيقة، نقل رواتبهم وخدمتهم الوظيفية من حكومة اقليم كوردستان الى الحكومة الاتحادية العراقية في مراحله الأخيرة.
آشتي عبدالله (31 سنة) معلمة بإحدى المدارس التابعة لقسم الدراسة الكوردية في كركوك، بعض شؤون هذه المدارس تدار من قبل وزارة التربية العراقية لكن رواتبهم لا تزال تصرف من قبل وزار التربية في حكومة اقليم كوردستان، لذا كانت آشتي من بين التدريسيين الذين شملهم نظام الإدّخار والاستقطاع وكذلك تأخر صرف الرواتب.
"أرغب في أن تُنقل ملاكاتنا على بغداد، ولأجل ذلك شاركت في العديد من التجمعات والتظاهرات، لأننا حينها سنستلم رواتبنا في مواعيدها ودون استقطاعات"، هذا ما قالته آشتي عبدالله التي لديها خدمة 10 سنوات في كركوك لـ(كركوك ناو).
منذ عام 2014، فشلت حكومة اقليم كوردستان بتأمين رواتب موظفيها كاملةً و فرضت نظام الإدخار والاستقطاع وتأخير صرف الرواتب بحجة الأزمة المالية، حالياً تدفع الرواتب دون تلك استقطاعات لكنها صرفها يتأخر عن موعده.
لا توجد عوائق أمام نقل الملاكات التدريسية، لكن العملية تأخرت بسبب ضيق الوقت وانشغالنا بالانتخابات
على مدار السنوات التسع الماضية، دفعت هذه الأوضاع الآلاف من تدريسيي وموظفي الدراسة الكوردية في كركوك للخروج في تظاهرات والمطالبة بنقل ملاكاتهم الى بغداد.
المنهاج الوزاري للحكومة العراقية الحالية برئاسة محمد شياع السوداني يضم (الفقرة 21- صفحة 25) حول "ربط جميع مدارس الدراسة الكوردية التي تقع خارج إقليم كوردستان بالمديرية العامة للدراسات الكوردية في وزارة التربية الاتحادية ونقل ملاكاتها الى هذه التربية".
وقالت النائب عن محافظة كركوك وعضو لجنة التربية في البرلمان العراقي، نجوى حميد الكاكائي لـ(كركوك ناو)، "لا توجد عوائق أمام نقل الملاكات التدريسية، لكن العملية تأخرت بسبب ضيق الوقت وانشغالنا بالانتخابات، لكننا بالتأكيد سنتابعها بصورة أوفى هذا الأسبوع".
وأوضحت أن المشمولين بنقل الخدمة يجب أن تكون رواتبهم على حكومة الاقليم ويكونوا من سكنة المناطق المتنازع عليها، ولديه جنسية وبطاقة تموينية وبطاقة سكن تثبت ذلك.
"حوالي 150 تدريسي في جميع المناطق المتنازع عليها طلبوا بناءً على رغبتهم أن تبقى رواتبهم على حكومة الاقليم وعدم نقلها الى بغداد"، بحسب نجوى حميد الكاكائي.
وأشارت عضو لجنة التربية النيابية الى تبقي بعض الإجراءات الأخرى مثل ملف التقاعد، نظراً لأن سن التقاعد في العراق 60 سنة بينما السن التقاعدي في الاقليم هو 63 سنة، لذا فالموظف والتدريسي الذي تجاوز عمره 60 سنة يجب حينها أن يحال للتقاعد أو أن يبقى على ملاك حكومة الاقليم والتقاعد ضمنه.
وزارتا التربية في الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم شكلتا خلال الأشهر الماضية لجان للنظر في تفاصيل تنفيذ الفقرة الخاصة بنقل خدمة موظفي وتدريسيي مدارس الدراسة الكوردية في المنهاج الوزاري.
المتحدث باسم وزارة التربية العراقية، كريم سيد، قال لـ(كركوك ناو) أن "الجانبين شكلا لجان خاصة لهذا الغرض، وهناك تنسيق وتواصل لمناقشة تفاصيل العملية التي تشمل معلومات وبيانات المدارس والملاكات والمناهج الدراسية، وهناك تفاصيل أكثر، ومتى ما صدرت قرارات جديدة سيتم الكشف عنها".
الدراسة الكوردية بدأت في كركوك والمناطق المتنازع عليها بعد سقوط نظام البعث عام 2003، حيث كانت الدراسة باللغة الكوردية محظورة قبل ذلك التاريخ.
يقول شيرزاد رشيد، مدير الدراسة الكوردية في كركوك بأنهم أكملوا كافة الإجراءات بالتنسيق مع بغداد، عن طريق تزويدهم بالمعلومات والبيانات الخاصة بالتدريسيين والموظفين ومدارس الدراسة الكوردية، وأضاف "سلمن جميع المعلومات لوزارة التربية العراقية وننتظر ردهم أو بالأحرى ننتظر قرار مجلي الوزراء العراقي".
وألمح شيرزاد الى أنه لا يعلم الى أين وصلت خطوات تنفيذ المنهاج الوزاري ونقل خدمة تدريسيي وكوظفي الدراسة الكوردية، لكنه قال "حسب علمنا لا توجد عراقيل أمام تنفيذه".
كانت هناك مساعي لنقل الملاكات من اقليم كوردستان الى بغداد عامي 2009 و2010، لكن "قليلون أبدوا استعدادهم حينها
رغم ذلك يرى مدير الدراسة الكوردية في كركوك أن بعض الملفات تحتاج للمزيد من العمل، "طلبنا أن توضع المناهج الدراسية بأكملها من قبل تربية الاقليم، لكنهم يصرون على أن تتكفل الحكومة العراقية بذلك، بعها اتفقنا أن توضع مناهج المواد العلمية، مثل الفيزياء، الكيمياء والرياضيات من قبل وزارة التربية العراقية، أما المواد الاجتماعية فتوضع من قبل تربية الاقليم وتتكفل الحكومة العراقية بطبعها".
المناهج الدراسية ونظام الدراسة في قسم الدراسة الكوردية مرتبطة بإقليم كوردستان لكن التعليمات الخاصة بتنظيم الدوام والامتحانات تصدرها وتشرف عليها التربية في بغداد.
يقول شيرزاد رشيد أن موضوع الاختلاف في سن التقاعد يجب أن يحسم بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم.
وأشار الى أن رواتب التدريسيين في الاقليم وبغداد "هي نفسها بل أعلى"، لكن مطالب نقل الخدمة والملاكات تعود للفترة التي كان فيها صرف الرواتب يتأخر وكان هناك نظام الادخار والاستقطاع، فقد كانت هناك مساعي لنقل الملاكات من اقليم كوردستان الى بغداد عامي 2009 و2010، لكن "قليلون أبدوا استعدادهم حينها لنقل خدمتهم الى الحكومة الاتحادية".
يخدم في قسم الدراسة الكوردية بكركوك سبعة آلاف و425 تدريسياً وموظفاً، الى جانب أكثر من ألف محاضر، وهناك أيضاَ مساعي لحسم ملف المحاضرين مع الحكومة العراقية.
"أنا وبقية المعلمين في مدرستي نطالب بنقل ملاكاتنا على حكومة بغداد، لأنها لا تؤخر صرف الرواتب كما أن الراتب التقاعدي عندها أعلى"، حسبما قالت جوانه عاصي، معلمة في مدرسة تابعة للدراسة الكوردية لـ(كركوك ناو).
جوانه (60 سنة) من بين الذين تواجه ملفاتهم مشاكل في حال نقل الخدمة، نظراً لأن سنها مشمول بالتقاعد حسب التعليمات المعمول بها من قبل التربية الاتحادية، بينما لا زال أمامها 3 سنوات أخرى لكي تستمر في وظيفتها في حال بقيت ضمن ملاكات تربية الاقليم، "نحن عالقون بيت تربيتين، لا نستطيع فعل شيء"، جوانه أم لأربعة أطفال وتملك خدمة 20 سنة في مجال التعليم.
في العراق يُعمل بقانون التقاعد الموحد رقم 9 لسنة 2014، لكن الاقليم يعمل بقانون التقاعد رقم 27 لسنة 2006 الذي ألغي في العراق.
بروين فاتح، مديرة وحدة إشراف الدراسة الكوردية في مديرية تربية كركوك بينت أن "جميع الإجراءات والخطوات المتعلقة بنقل خدمة التدريسيين والموظفين استكملت وأنهم بانتظار اقرار الميزانية"
مشروع قانون الموازنة أحيل الى البرلمان بانتظار مناقشته والتصويت عليه.
وقالت بروين لـ(كركوك ناو) أن "تقدماً كبيراً أحرز فيما يخص تنفيذ الفقرة 21 من المنهاج الوزاري للحكومة العراقية، جميع الأحزاب والأطراف متفقة على تنفيذ المنهاج"، وأشارت الى أن "المشكلة الوحيدة" هي ملف التدريسيين والموظفين من مواليد 1961، 1962 و1963، مبينةً أن هناك جهود تبذل لإيجاد حل لها.
بخلاف بغداد، لا يوجد صندوق تقاعد في اقليم كوردستان، حيث أن النسبة التي يتم استقطاعها من الراتب تذهب مباشرة لميزانية الدولة، ويجب إعادة تنظيم هذا الاختلاف بين الحكومتين في حال نقل الخدمة من اقليم كوردستان الى الحكومة الاتحادية.
"ليس لدينا منحة في صندوق التقاعد، الراتب التقاعدي قليل جداً بخلاف بغداد، هناك اختلاف كبير بين الحكومتين فيما يخص مستحقات المتقاعد".
وذكرت بروين مثالاً آخر حول الاختلاف في التقاعد، وقالت إذا كان المتقاعد في الحكومة العراقية لديه خدمة 42 سنة فإن راتبه مليون و500 ألاف دينار الى جانب مخصصات الغلاء المعيشي التي تصل الى 300 ألف دينار، فضلاً عن مكافأة نهاية الخدمة للمتقاعدين البالغة 30 مليون دينار، في حين أن الشخص الذي لديه نفس سنوات الخدمة في حكومة الاقليم يستلم راتب تقاعدي قدره 900 ألف دينار ومكافأة نهاية خدمة قدرها 10 ملايين دينار.
وقالت مديرة وحدة إشراف الدراسة الكوردية أن التعليمات الحالية المتعلقة بنقل الخدمة تشمل فقط الملاكات الدائمة وليس العقود.
اضافةً الى كركوك توجد مدارس تابعة للدراسة الكوردية في المناطق الأخرى المتنازع عليها ويصل عددهم الكلي الى حوالي 17 ألف شخص.
كامران علي حسن، مجير وحدة إشراف المدارس الاعدادية في قسم الدراسة الكوردية بكركوك قال لـ(كركوك ناو) أن "نقل خدمة التدريسيين لديه جانبان، أحدهما جيد ويتعلق بتحسين الوضع المعيشي للتدريسيين، والآخر سيء لأنه سيخلق المشاكل للدراسة الكوردية ولن تبقى بالشكل الحالي"، دون الخوض في تفاصيل أكثر.
المتحدث باسم وزارة التربية في حكومة اقليم كوردستان، سامان سيويلي، قال لـ(كركوك ناو) بأنه لن يدلي بأي تصريح حول هذا اللمف، نظراً لأن تفاصيل الملف عند مدير الدراسة الكوردية في كركوك.