بدأ المشهد يزداد تعقيداً بين رئيس الكنيسة الكلدانية اكبر الطوائف المسيحية في العراق الكاردينال لويس ساكو وزعيم حركة "بابليون" المسيحية ريان الكلداني حتى وصل الأمر إلى التظاهرات وتبادل التهم بالفساد وتهديد باللجوء إلى القضاء.
تظاهرة بالشموع واغصان الزيتون
انطلقت عصر يوم الجمعة 12 أيار 2023، في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، تظاهرة للمئات من ابناء المكون المسيحي مؤيدة لرئيس الكنيسة الكلدانية الكاردينال لويس ساكو، رافعين الشموع واغصان الزيتون والاعلام العراقية.
"خرجنا بوقفة احتجاجية ضد ريان الكلداني بعدما وجه اساءات للكاردينال ساكو اعلى سلطة مسيحية في العراق، نحن نرفضها ونشجبها، لا نقبل باي إساءة لهذه المرجعية الدينية من أي شخصا كان" تقول وجدان نوري احدى المتظاهرات لـ(كركوك ناو).
ردد متظاهرو الكنيسة الكلدانية اثناء الوقفة، تراتيل وصلوات عبروا خلالها عن دعواتهم للسلام ووحدة المسيحيين، ورفض الإساءة للكنيسة او رئيسها.
"الاساءات والادعاءات الباطلة ضد الكاردينال ساكو ليست قضية شخصية انما للكنيسة ككل، فالكاردينال يمثل المسيحيين روحيا وهو ليس شخصا اعتياديا"، حسب ما قاله الاب نظير دكو راعي الكنيسة مار يوسف الكلدانية في بغداد لـ(كركوك ناو).
مؤكداً في الوقت نفسه ان هناك تعاطف "كبير" من كافة افراد المجتمع العراقي وجميع العالم للكاردينال لمواقفه "الوطنية" تجلى ذلك في زيارة البابا فرنسيس إلى العراق في عام 2021.
لويس ساكو ولد في مدينة زاخو في العام 1948، وسيم كاهنا في أبرشية الموصل الكلدانية في عام 1974 انتخب مطرانا على أبرشية كركوك في عام 2002، وتم انتخابه بطريركا على الكنيسة الكلدانية في عام 2013.
اقتحام الساحة
وخلال التظاهرة؛ حاول العشرات يهتفون بشعارات ضد الكاردينال ساكو، الدخول لمنطقة التظاهرة في ساحة التحرير، إلا ان القوات الأمنية المتواجدة ابعدتهم الى خارج مكان التظاهرة.
"يسقط ساكو" و "كلا كلا ساكو" و "ولن نسمح لاحد ان يبيع ممتلكات المسيحيين" يصرخ احد ممن دخل الساحة وهو يرفع يافطة فيها شعارات مناهضة للكاردينال.
في حين أصر المتظاهرون ومعهم رجال الدين والراهبات، على البقاء في أماكنهم تحت نصب الحرية وترديد شعاراتهم التضامنية مع رئيس الكنيسة الكاردينال ساكو وتلاوة التراتيل الدينية، في حين تجمع الطرف الاخر في الجانب الاخر من الساحة يهتفون ضد ساكو. لتنتهي التظاهرة مع حلول الليل، وينسحب الجميع من ساحة التحرير.
ولد ريان الكلداني في بلدة القوش بمحافظة نينوى، سنة 1983، ثم انتقل إلى بغداد واستقرّ فيها، أسّسَ ريان كتائب بابليون سنة 2014 بعد أن سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام "داعش" على أرجاء واسعة من محافظة نينوى، ثم انظمت قواته إلى تشكيلات قوات الحشد الشعبي.
وللكلداني حركة سياسية "بابليون" استطاعت ان تحصل على جميع مقاعد الكوتا المخصصة للمسيحيين في الانتخابات البرلمانية العراقية عام 2021.
التهديد للجوء إلى القضاء
تبادل كل من ساكو والكلداني التهديد للجوء إلى القضاء، حيث ذكر بيان صدر يوم 12 أيار عن الكنيسة الكلدانية التي يراسها ساكو: " لدينا وثائق من عناصر داخل بابليون وداخل الوزارة تثبت الفساد، عليهم ان يكفوا عن الاكاذيب وتأذية المكون المسيحي، البطريركية ستضطر الى تقديمها مع غيرها الى القضاء العراقي والقضاء الدولي".
في حين ذكر بيان لحركة بابليون التي يرأسها الكلداني: "نحن مستعدون للمثول امام القضاء في اي محكمة للدفاع عن اي تهمة موجهة إلينا، في اي مكان من العراق الحبيب، ولكن ليس عبر وسائل الاعلام بل وفق شكاوى قانونية".
اتهامات متبادلة
وفي يوم السبت 6 أيار 2023، عقد الكاردينال لويس ساكو مؤتمرا صحفيا في بغداد، اتهم به ريان الكلداني بالاستيلاء على أملاك المسيحيين.
وقال في المؤتمر"الكلداني أراد الاستيلاء على الكنائس ودور المسيح في محافظة نينوى".
وشدد ساكو في حديثه على تفنيد ادعاءات الكلداني بشأن استيلاءه على أراض للمكون المسيحي، واكد أن هذا "غير صحيح"، واضاف "من يكون الكلداني حتى يحاسبنا على بيع عقار وشراء اخر نحن نعمل وفق القانون".
في المقابل، أصدر ريان الكلداني في اليوم نفسه بيانا رد فيه على اقوال ساكو: " لا انت ولا سواك يحق لهم بيع ممتلكات الطائفة والناس، وسنحاسبك انت وكل من يقوم بذلك وفق القانون العراقي. هذا بيت القصيد، وهذه كل مشكلتك معنا".
ويذكر ان مجلس القضاء الاعلى رفض الشكوى المقدمة ضد البطريرك لويس ساكو بتاريخ 5 أيار 2023.
ويذكر ان المكون المسيحي تقلص اعداده في العراق بشكل كبير، وفي ظل عدم وجود تعداد رسمي للسكان، كان يقدر اعدادهم في قبل عام 2003 بمليون و500 الف نسمة، تقلص في ما يقارب 250 الف نسمة حسب قول المطران بشار متى وردة في مقال له صدر عام 2019.