كركوك ناو

 ينوي عيدو خلف وغيره من النازحين المقيمين في المخيمات العودة الى ديارهم، لكنهم يرفضون العودة قسراً قبل أن يعود الاستقرار والخدمات الى سنجار.

 تعتزم الحكومة العراقية في إطار منهاجها الوزاري إغلاق كافة مخيمات النازحين، من ضمنها المخيمات الواقعة في محافظات اقليم كوردستان. العملية أثارت اتهامات متبادلة بين المسؤولين في الحكومة الاتحادية العراقية وحكومة اقليم كوردستان.

"قسم كبير من الخدمات لم تنفذ بعد، والأهم بالنسبة لنا هو أن المسائل الادارية والعسكرية بقيت معلّقة، ولن نعود قبل أن تحسم"، حسبما قال عيدو خلف لـ(كركوك ناو).

عيدو من أهالي سنجار ويعيش منذ أكثر من ثمان سنوات في مخيم للنازحين بمحافظة دهوك.

يوجد 26 مخيماً للنازحين في اقليم كوردستان، في حين أغلقت جميع المخيمات الواقعة في المناطق الخاضعة لسلطة الحكومة الاتحادية.

تلقى النازحون الدعم والمساعدات وحُلّت مشاكل القضاء السياسية والادارية والعسكرية، ربما ستصل نسبة العائدين بنهاية هذا العام الى 40 بالمائة

"النازحون لا يرغبون بالبقاء في اقليم كوردستان، نتلهف للعودة، لكن لا أخفي لكم بأن عودتنا على وشك أن تصبح حلماً، طالت فترة نزوحنا لأكثر من ثمان سنوات بعد أن كنا نقول بأنها عدة أشهر وتنتهي".

وقال عيدو خلف، "نتضايق حين نسمع المسؤولين يقولون بأن على النازحين أن يعودوا، نشعر بأنهم يريدون إجبارنا على العودة الى سنجار، وهذا ما لا نرغب فيه".

يتواجد أكثر من 664 ألف نازح في اقليم كوردستان، معظمهم من محافظة نينوى، بالأخص قضاء سنجار، و يشكل الايزيديون نسبة 30 بالمائة منهم، فضلاً عن أن مصير أكثر من ألفين و600 ايزيدي اختطفوا من قبل داعش لا يزال مجهولاً.

بير ديان جعفر، مدير دائرة الهجرة والمهجرين والاستجابة للأزمات التابعة لحكومة اقليم كوردستان في محافظة دهوك –تشرف على كافة مخيمات دهوك- قال لـ(كركوك ناو)، "خلال السنوات الثمان الماضية عاد نحو 30 الى 35 بالمائة من نازحي سنجار الى مناطقهم،... إذا تلقى النازحون الدعم والمساعدات وحُلّت مشاكل القضاء السياسية والادارية والعسكرية، ربما ستصل نسبة العائدين بنهاية هذا العام الى 40 بالمائة".

يوجد 16 مخيم للنازحين في دهوك، تأوي أكثر من 26 ألف عائلة، فيما تقيم أكثر من 38 ألف عائلة نازحة خارج الخيمات.

عودة النازحين بطيئة، فمثلاً، عادت الأسبوع الماضي 40 عائلة فقط وفي بعض الأسابيع لم تعود أية عائلة بسبب نقص الخدمات وعدم حل المشاكل"، وشدد المسؤول في حكومة الاقليم قائلاً "لن نعيد أي عائلة نازحة الى سنجار قسراً، سنظل نخدمهم ما داموا هنا، وأي نازح يرغب بالعودة فهو حر ولن نعيق عودته"، بحسب بير ديان جعفر.

ويأتي هذا في حين اتهمت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية الشهر الماضي السلطات في اقليم كوردستان بأنها تمنع النازحين من العودة.

أيفان فائق جبرو، وزيرة الهجرة والمهجرين، صرحت خلال مقابلتين تلفزيونيتين مع قناتي الرشيد والعراقية في شهر نيسان الماضي أن إغلاق المخيمات أصبح قضية سياسية، في حين كانت هناك إرادة حقيقية يمكن إغلاقها وإعادة سكانها الى مناطقهم"، وأضافت، "ليست لدينا سلطة على مخيمات اقليم كوردستان.. يتحدثون دائماً عن أنهم استضافوا النازحين، نشكرهم على ذلك لكن يجب أن لا تغلق الباب على الضيوف"، مشيرةَ الى منع عودة النازحين.

نرفض قطعاً العودة القسرية للنازحين ولم يُصدر قرار كهذا، هناك فقط عودة طوعية

وزارة الداخلية في حكومة اقليم كوردستان ردت مباشرة على اتهامات وزيرة الهجرة وشددت في بيان على أن "السبب الرئيسي وراء عدم عودة النازحين بالدرجة الأولى هو وجود عدد من القوى غير القانونية في منطقة سنجار وعدم تنفيذ بنود اتفاق سنجار بين حكومة الاقليم والحكومة الاتحادية بشأن تطبيع الأوضاع في سنجار".

تنفيذ بنود اتفاق سنجار تم تثبيته ايضاً في البرنامج الحكومي بهدف استتباب الأمن والاستقرار في القضاء والمنطقة بشكل عام. اتفاق سنجار أبرم بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم في عام 2020 لإعادة تنظيم الملف الإداري، الأمني والخدمي، لكن بنوده لم تُنفذ حتى الآن، وتتواجد في سنجار ثمان قوى مسلحة.

يعاني قضاء سنجار منذ أكثر من ست سنوات من وجود ادارتين محليتين للقضاء، إحداها تتولى مهامها في مركز القضاء والأخرى نازحة في محافظة دهوك. الى جانب وجود هاتين الإدارتين، تتمتع الإدارة الذاتية الديمقراطية في سنجار، التي شكلت من قبل أطراف مقربة من حزب العمال الكوردستاني كمشروع لإدارة سنجار، بسلطات في القضاء.

سرجون فيادور حنا، مدير دائرة الهجرة والمهجرين العراقية في دهوك قال لـ(كركوك ناو)، "نرفض قطعاً العودة القسرية للنازحين ولم يُصدر قرار كهذا، هناك فقط عودة طوعية ونحن نقدم لهم التسهيلات".

يتوجب على كل عائلة نازحة ترغب في العودة تسليم معاملاتها لدائرة الهجرة والمهجرين التابعة لإقليم كوردستان، ومن ثم تحصل على كتاب من دائرة الهجرة العراقية لاستلام مبلغ مليون وخمسمائة ألف دينار كمساعدات للعائدين.

"لن يُغلق أي مخيم في دهوك والمناطق الأخرى، متى ما خلت المخيمات من  النازحين حينها ستغلق، لكن إغلاق المخيمات ليس إجبارياً وما دام هناك نازحون سنستمر في خدمتهم "، حسبما أكد المسؤول في الحكومة العراقية.

وفقاً لإحصائيات الحكومة الاتحادية، تم حتى الآن إغلاق أكثر من 55 مخيم للنازحين، آخرها كان مخيم الجدعة 5 في نينوى الذي أخلي كلياً من النازحين في نيسان الماضي.

وقال شريف سليمان، رئيس لجنة الهجرة والمهجرين في البرلمان العراقي لـ(كركوك ناو)، "وزارة الهجرة والمهجرين لم تتخذ خطوات جدية لإعادة النازحين، ما يقال حول تقديم المساعدات والدعم للنازحين مجرد اقاويل لم تترجم الى خطوات عملية".

لا توجد أية خطوة عملية رسمية لإغلاق المخيمات في محافظة دهوك ولم يردنا شيء بهذا الخصوص

ويرى سليمان أن إقناع النازحين بالعودة وحل المشاكل في نينوى، مرهون بتنفيذ اتفاق سنجار المبرم بين أربيل وبغداد.

حسب متابعات (كركوك ناو)، تعاني عشرات العوائل في المخيمات من غياب المساعدات، منها شح مياه الشرب ورداءة المواد الغذائية التي توزعها عليهم الحكومة العراقية.

علي عمر كعبو، نائب محافظ نينوى لشؤون النازحين والمنظمات قال لـ(كركوك ناو)، "لا توجد أية خطوة عملية رسمية لإغلاق المخيمات في محافظة دهوك ولم يردنا شيء بهذا الخصوص".

وأوضح كعبو أن "إجراءات عودة النازحين ليست صعبة"، حيث يتطلب الأمر من النازحين مراجعة دوائر الهجرة أو إدارات المخيمات وهناك يصدر لهم كتاب العودة، جميع معاملات العودة "تُسَيّر دون تأخير خلال مدة قصيرة".

ستة ملايين مواطن عراقي نزحوا من مناطقهم بسبب حرب داعش والعمليات العسكرية للقوات العراقية في الفترة من 2014 الى 2017، وحسب إحصائيات المنظمة العالمية للهجرة لا يزال أكثر من مليون مواطن يعيشون في النزوح، بضمنهم النازحين المقيمين داخل مخيمات اقليم كوردستان.