يصر سكان قرية طوبزاوا على رفضهم لمساعي الجيش العراقي لإعادة تأهيل أحد المعسكرات القديمة في المنطقة والذي يعدونه أحد "رموز الإبادة الجماعية للكورد وحملات الأنفال".
قبل أسابيع نصب عدد من مواطني قرية طوبزاوا بناحية يايجي (غربي محافظة كركوك) خيم اعتصام رافضين تمركز الجيش في المنطقة.
"قبل أيام، عاد الجيش مجدداً وجلبوا معهم معدات وحواجز خرسانية ليغلقوا بها محيط المعسكر، لكننا نظمنا تجمعاً احتجاجياً ومنعناهم، بعد ذلك تدخل وزير العدل العراقي، خالد شواني، وأجبر قوات الجيش عن طريق وزير الدفاع على الانسحاب من المنطقة"، حسبما قال ساطح ناصح، ممثل معتصمي طوبزاوا لـ(كركوك ناو).
"منذ الشهر الماضي، دخلت قوات الجيش القرية عدة مرات للإعداد تأهيل معسكر طوبزاوا، لكنهم منعوا من ذلك".
"المعسكر استخدم في عام 1988 كمعتقل لضحايا حملات الأنفال، لذا نرفض أن يحول الى معسكر مرة أخرى"، ويقول ساطح بأن المعسكر يقع وسط منازل القرية، وتعيش بعض العوائل في قسم منه، وكانت قوات البيشمركة متواجدة في قسم منه قبل سنوات، والآن تتمركز فيه قوة من الحشد التركماني من أهالي المنطقة.
أنفلوا أهلنا في هذا المكان وكان من المفترض أن يحول الى نصب تذكاري وليس معسكر
أنشأ معسكر طوبزاوا عام 1987 بعد تهجير سكان القرية، وبعد عام، خلال حملات الأنفال، تم احتجاز آلاف المواطنين الكورد في المعسكر قبل نقلهم الى صحاري السماوة وسجن نقرة سلمان، بحسب الشهود والوثائق.
فلاح يايجلي، قائممقام كركوك وكالةً، المطّلع على تفاصيل الملف، قال لـ(كركوك ناو)، "بعد قرار إخلاء مقر قيادة العمليات المشتركة في كركوك، أرادت الفرقة 11 في الجيش العراقي أن تتمركز في المعسكر لان ملكيته تعود لوزارة الدفاع وكان معسكراً في السابق وقريب من المدينة، لكن بعد احتجاجات السكان، أعتقد بأنهم وجدوا مكاناً آخر قرب ناحية الرشاد ليتمركزوا فيه".
مقر قيادة العمليات المشتركة في منطقة شوراو بكركوك كان من المقرر أن يتم تسليمه للحزب الديمقراطي الكوردستاني بقرار من رئيس الوزراء العراقي، لكن احتجاجات مجموعة من المواطنين ومن ثم تظاهرات سكان حي رحيماوا والصدامات التي وقعت الأسبوع الماضي في كركوك، عطّلت عملية تسليم المقر وقررت المحكمة الاتحادية وقف تنفيذ القرار.
شيرزاد محمد، من سكنة قرية طوبزاوا، قال لـ(كركوك ناو)، "لن نقبل مطلقاً بإعادة تأهيل المعسكر مرة أخرى، لأن لنا ذكريات مرة ومؤلمة مع هذا المعسكر، أنفلوا أهلنا في هذا المكان وكان من المفترض أن يحول الى نصب تذكاري وليس معسكر".
هذا أمر مستحيل، حتى أن أرض المعسكر تعود ملكيتها لأهالي القرية وليس للحكومة
المنظمات المدافعة عن حقوق ذوي المؤنفلين، طالبوا في أكثر من مناسبة بحماية معسكر طوبزاوا من الاندثار لكي يحول الى نصب تذكاري، كونه يضم بين جدرانه العشرات من قصص ورسائل ضحايا الأنفال.
ونشرت 47 منظمة وشخصية وناشط في مجال الأنفال بياناً يوم السبت، 9 أيلول، طالبوا فيه بإلغاء قرار إعادة تأهيل معسكر طوبزاوا، لأن أرض المعسكر تعود ملكيتها للكورد وتم تمليكها من قبل الدولة في الثمانينات، كما أن إحياء المعسكر يتعارض مع مشروع قانون إلغاء قرارات مجلس قيادة الثورة وقرارات محكمة الجنايات العليا بخصوص قضية الأنفال، حيث قررت المحكمة تعويض ضحايا الأنفال معنوياً والحفاظ على المعسكر يندرج ضمن التعويضات المعنوية.
ليست هذه المرة الأولى التي يطالب فيها الجيش بمعسكر طوبزاوا، ففي عام 2021 حاول الجيش إعادة تأهيله، لكن تم وقف تنفيذ القرار بسبب تصاعد الاحتجاجات.
يقول شيرزاد محمد إن حوالي ألف عائلة تعيش في المنطقة، على مقربة من المعسكر ولا يمكن أن تتمركز عناصر الجيش وسط منازل المواطنين، "هذا أمر مستحيل، حتى أن أرض المعسكر تعود ملكيتها لأهالي القرية وليس للحكومة".
هناك مشكلة أخرى تواجه الأراضي الزراعية في قرية طوبزاوا وعدد من القرى الأخرى في المنطقة تتمثل بمساعي وزارة الدفاع العراقية لتحويل أراضيهم الى وحدات سكنية لمنتسبي الجيش، "هذه ألأراضي تعود ملكيتها لوزارة الدفاع العراقية".
ويقول ممثل أهالي طوبزاوا، إن "لم نستطع منع الجيش من إعادة تأهيل المعسكر والتمركز فيه، سنضطر لإخلاء المنطقة".
حسم قضية النزاعات حول ملكية الأراضي الزراعية في معظم كركوك يندرج في إطار الإجراءات المتعلقة بتنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي، بعد إعادة تفعيل اللجنة المختصة بتنفيذ المادة واستئناف مهامها.