كان غازي عبيد أمام خيارين، مشاهدة إبله وهي تموت بسبب تأثيرات التغيرات المناخية على مناطقهم أو الهجرة، فاختار الثاني.
يرعى غازي منذ أكثر من عام قطيعاً من الإبل في أحد مراعي محافظة دهوك بعد اضطراره للرحيل من دياره في قضاء البعاج بنينوى.
"الجفاف يسود في مناطقنا، لم تعد هناك مراعي ومياه، لذا لجأنا الى دهوك حيث تكثر فيها المراعي وهي مناسبة جداً لرعي مواشينا"، هذا ما قاله غازي عبيد لـ(كركوك ناو).
مناطقنا كانت الأمثل لرعي الإبل، قبل الجفاف وتداعيات التغيرات المناخية، كان يوجد في البعاج 22 ألف رأس إبل، واليوم تقلص عددها الى النصف
عبيد من أهالي قضاء البعاج (جنوب غربي نينوى)، معيشتهم تعتمد على رعي المواشي، بالأخص الإبل، حيث يملك حالياً 70 رأس إبل، نقل 12 منها الى دهوك، فضلاً عن 250 رأس غنم.
"لم يمض وقت طويل على وجودنا هنا، في البداية جلبنا عدداً من الإبل لنرى أن كانت تستطيع التكيف على العيش في منطقة جبلية و وعرة، بخلاف البعاج التي تمتاز بالسهول والصحاري". اليوم ترعى إبل غازي عبيد دون مشاكل في جبال دهوك، "اضطررنا للمجيء الى دهوك، لأننا كنا نخشى أن تنفق ماشيتنا بسبب الجفاف وقلة المراعي".
يرعى عبيد ماشيته في قرية باجلور، التي تبعد 7 كيلومترات شرقي دهوك، العديد من رعاة مناطق نينوى الأخرى استقروا في نفس المكان.
وفقاً لإحصائيات وتحذيرات الأمم المتحدة، يأتي العراق في المركز الخامس بين البلدان الأكثر تأثراً بتداعيات التغيرات المناخية والتي تشمل مخاطر شح المياه، الجفاف، ارتفاع درجات الحرارة والتلوث وكوارث طبيعية أخرى.
خلف خاشع، مدير زراعة قضاء البعاج، قال لـ(كركوك ناو)، إن "مناطقنا كانت الأمثل لرعي الإبل، قبل الجفاف وتداعيات التغيرات المناخية، كان يوجد في البعاج 22 ألف رأس إبل، واليوم تقلص عددها الى النصف".
ويقول خاشع بأن المناطق التي اشتهرت برعي الإبل في نينوى هي البعاج، ربيعة، تل عبطة والحضر، كونها تمتلك مساحات واسعة من السهول والصحاري وكانت فيها بعض الاشجار، التي تمثل مصدراً رئيسياً لغذاء الإبل.
"المياه شحيحة، المراعي قلت بنسبة كبيرة، والأسوأ هو أن الحكومة لا تدعم الرعاة مطلقاً، لذا يضطرون لبيع مواشيهم أو الهجرة، خشية نفوقها، وقد اختار العديد منهم الهجرة، بحسب خلف خاشع.
تداعيات تغير المناخ تجبر السكان على ترك مناطقهم، أكثر من 20 ألف شخص في العراق هجروا مناطقهم بسبب الجفاف، بحسب الأمم المتحدة.
قبل أن يهاجر غازي عبيد الى دهوك، نفقت 37 من إبله في البعاج، ويعتزم أن ينقل الـ22 المتبقية له في البعاج الى قرية باجلور بدهوك إن واتت الظروف، "أجرنا مرعى بإيجار سنوي قدره ثلاثة ملايين دينار"، واشار الى أن بعض الرعاة نقلوا مواشيهم جنوباً الى الرمادي وكربلاء، "أصبحنا الأكثر تضرراً من الظروف المناخية بسبب غياب الدعم الحكومي".
في محافظة نينوى التي يزيد تعداد سكانها على أربعة ملايين و200 ألف شخص، تعتمد معيشة سكان القرى، الذين يمثلون قرابة 40 بالمائة من سكان المحافظة، على رعي المواشي.
ألف رأس إبل نفقت خلال الفترة الماضية في البعاج لوحدها، بسبب انتشار بعض الأمراض وقلة المراعي وعوامل أخرى تتعلق بالظروف المناخية
شاكر يحيى، مدير زراعة بعشيقة (شرق الموصل) يقول بأن تأثيرات الجفاف والتغيرات المناخية جعلت الرعاة يتوجهون الى جبال دهوك، "في بعشيقة، حوالي 50 شخص نقلوا مواشيهم الى مناطق اقليم كوردستان، بسبب قلة المراعي وشح المياه".
يوجد في محافظة نينوى أكثر من خمسة ملايين و270 ألف رأس ماشية من مجموع أكثر من 20 مليون و426 ألف رأس ماشية في العراق، وتأتي في المرتبة الأولى على مستوى العراق بحسب احصائية وزارة الزراعة العراقية.
وتشير الاحصائية الى أن عدد الإبل في العراق وصل الى حوالي 205 ألف رأس، وتأتي محافظة نينوى ثانياً بعد محافظة المثنى بـ27 ألف و131 رأس إبل.
لكن مدير زراعة البعاج يقول، "قبل ظهور تأثيرات التغيرات لمناخية والجفاف، كان يوجد 100 ألف رأس إبل في المنطقة لكنها عددها تقلص الى النصف"، وأشار خلف خاشع الى أن، "ألف رأس إبل نفقت خلال الفترة الماضية في البعاج لوحدها، بسبب انتشار بعض الأمراض وقلة المراعي وعوامل أخرى تتعلق بالظروف المناخية".
محافظة دهوك تحاول وقف هجرة الرعاة من نينوى الى مناطقها بحجة قلة المراعي والتغييرات المناخية.
ريدير صدقي شريف، مدير الثروة الحيوانية في دهوك، قال لـ(كركوك ناو)، "قبل عامين حظرنا نقل المواشي من مناطق جنوب العراق ونينوى الى دهوك، لأن قلة الأمطار وظهور الحمى النزفية مؤخراً كان لها تأثير".
يوجد في دهوك حوالي مليون و500 ألف رأس غنم وماعز فضلاً عن حوالي 120 ألف رأس بقر.
"القائمون على نقاط التفتيش يمنعون جلب المواشي الى مراعي دهوك، لكن كانت هناك حالات تغاضوا فيها عن الأمر، خصوصاً بالنسبة للمواطنين الذين جلبوا الإبل، لكن لن يسمح بجلب المزيد منها".