تعمل آمنة وفريقها على غرس الشتلات على ضفاف نهر دجلة، في مسعى لإنشاء أول غابة اصطناعية الهدف منها تخضير ناحية الزاب ومن ثم نقل التجربة الى مناطق كركوك الأخرى.
حملة تخضير الزاب (70 كم جنوب غرب كركوك) انطلقت بمبادرة مجموعة (من أجلنا) ,وبدأت منذ عدة أسابيع.
"يوجد في منطقتنا نهري دجلة والزاب، وهما دافعان رئيسيان نحو تخضير هذه البلدة ونحن لدينا متطوعون بإمكانهم العمل من أجل تحسين البيئة وزيادة نسبة الخضرة"، حسبما قالت آمنة ضياء حسن لـ(كركوك ناو).
لدى المجموعة التطوعية أكثر من 15 متطوعاً في ناحية الزاب لوحدها.
لم أكن أعرف بأن هناك عدداً كبيراً من الشباب يولون اهتماماً ممتازاً بالعمل في هذا المجال قبل أن نطرح فكرة تأسيس مجموعتنا
وفقاً لمتابعات (كركوك ناو)، بدأت المجموعة بتنفيذ عدة أنشطة وفعاليات بيئية بالتعاون مع فريق (عين الزاب) التطوعي، على رأسها حملة تشجير على ضفاف نهر دجلة حيث زرعت حتى الآن أكثر من 140 شتلة من نوع (آكاسيا،ألبزيا والكالبتوس) في إطار تجربة لإنشاء "أول غابة اصطناعية" في الناحية.
وقالت آمنة، "إذا نجح المشروع في الزاب سنوسعه ليشمل كافة مناطق المحافظة".
نسبة الخضرة في محافظة كركوك لا تتجاوز 2 بالمائة، بحسب احصائية لدوائر كركوك نشرها موقع (كركوك ناو) في وقت سابق، وتشير المعايير العالمية الى أن هذه النسبة يجب أن لا تقل عن 15 بالمائة.
مجموعة آمنة التطوعية تأسست في تموز 2023 وتملك حوالي 55 متطوعاً في عموم المحافظة.
"التغيرات المناخية وبيئة المنطقة عوامل رئيسية دفعتني لتأسيس مجموعة تطوعية"، وتقول آمنة (23 سنة) وهي ناشطة مدنية في الزاب "لم أكن أعرف بأن هناك عدداً كبيراً من الشباب يولون اهتماماً ممتازاً بالعمل في هذا المجال قبل أن نطرح فكرة تأسيس مجموعتنا، والجميع الآن مستعدون للعمل بصورة تطوعية".
فضلاً عن التشجير، تنفذ المجموعات التطوعية في الزاب العديد من الأنشطة البيئية الأخرى تتعلق بمخاطر التغيرات المناخية وتأثيرها على المنطقة.
"إذا أردت أن تسمع صوت الطيور، لا تشتري قفصاً بل ازرع شجرة"، هذه الكلمات كتبت على جدران عدة مدارس في الزاب وبلدية الناحية، الى جانب صور فعاليات أخرى تتعلق بالتوعية البيئية والصحية، من بينها عقد ندوات حول المخاطر التي تحدق بالبيئة واستعمال البلاستك وكيفية الحفاظ على المياه النظيفة.
يقول الدكتور عمار حسين (43 سنة)، ناشط مدني ومدير مدرسة بالزاب ومؤسس مجموعة (عين الزاب) التطوعية إن الخطوة الأهم في هذه الحملات والمبادرات بالنسبة للبيئة، هي مشاركة المواطنين ودعم الشباب لها، بالأخص الاعتناء بالأشجار وريها بعد زراعتها.
هذه المبادرة مفيدة للمنطقة، لكن أنواع وأحجام الأشجار لا تتناسب مع بيئة المنطقة
مجموعة (عين الزاب) تشارك أيضاً في إنشاء "أول غابة اصطناعية" بهدف زيادة نسبة الخضرة حول نهر دجلة الذي يمر بناحية الزاب، تمهيداً لتنفيذ مشاريع مماثلة أكبر، ولكي تسهم في مواجهة تأثيرات الظروف المناخية وتقليل تأثيرات الحرارة.
وفقاً لإحصائيات وتحذيرات الأمم المتحدة، يأتي العراق في المركز الخامس بين البلدان الأكثر تأثراً بتداعيات التغيرات المناخية والتي تشمل مخاطر شح المياه، الجفاف، ارتفاع درجات الحرارة والتلوث وكوارث طبيعية أخرى.
"هذه المبادرة مفيدة للمنطقة، لكن أنواع وأحجام الأشجار لا تتناسب مع بيئة المنطقة"، حسبما أوضح أياد حسين، مدير بلدية ناحية الزاب لـ(كركوك ناو) ولفت الى أن من ألأفضل أن يزيد ارتفاعها عن متر واحد، "أشجار النخيل والصنوبر تستطيع تحمل درجات الحرارة العالية والتكيف مع مناخ المنطقة".
درجات الحرارة في الزاب ومناطق جنوب غربي محافظة كركوك تصل خلال فصل الصيف الى 50 درجة مئوية وتشهد عواصف ترابية بين حينٍ وآخر.
يقول أياد حسين إن البلدية تخطط لتطوير كورنيش الزاب لتحويله الى موقع سياحي، حيث يوجد فيه حالياً ما بين 300 الى 400 شجرة، وهناك مقترح آخر ليشمل الحزام الأخضر عدة مناطق في ناحية الزاب.
جهود إدارة كركوك على مدار أكثر من عقد لزيادة نسبة الخضرة في المحافظة لاقت الفشل، حيث تم التأكيد في أعوام 2011 و 2014 على زيادة نسبة الخضرة دون نتائج على أرض الواقع.
أمامنا تحديات كبيرة تعترض نجاح هذه المشاريع ونحتاج لتوعية المواطنين للاهتمام بالأشجار والخضرة والحفاظ عليها
"مشاركة النساء في الحملات البيئية أمر جيد، لأنهن يشعرن بتأثيرات التغيرات المناخية على المنطقة"، تقول سارة علي محمد (27 سنة)، وترى بأن النساء يواجهن تحديات كثيرة بسبب شح المياه الذي يعيق الزراعة.
تعتقد سارة، وهي خريجة المعهد التقني، من الضروري أن تشارك النساء في حملات زيادة نسبة الخضرة، والذي سيخلق مزيداً من الوعي داخل المجتمع إزاء قضية البيئة.
تعتمد معيشة سكان ناحية الزاب التابعة لقضاء الحويجة بصورة رئيسية على الزراعة ورعي المواشي، وتعتبر من المناطق الخصبة وتلعب النساء دوراً رئيسياً في مجال الزراعة.
حسب احصائية لشعبة زراعة ناحية الزاب، الخطة الخاصة بزراعة الحنطة لهذا العام كانت أكثر من 330 ألف دونم، فضلاً عن آلاف الدونمات المخصصة لزراعة الذرة والمحاصيل الأخرى.
يخشى الدكتور عمار حسين من أن قسماً من المزارعين في الزاب يتخلون عن العمل في مجالهم بسبب تداعيات التغيرات المناخية، على رأسها نقص المياه الى جانب غياب الدعم الحكومي، ويرى بأن الدور الذي تلعبه النساء في حملات التشجير والدعم البيئي مؤثر، نظراً لأن تأثير التغيرات المناخية ظهرت عليهن بصورة اكبر.
خلال الأعوام الماضية، سعت عدة منظمات لزراعة الأشجار وزيادة نسبة الخضرة في كركوك، لكن هذه المشاريع لم تدم بسبب عدم الاعتناء بالأشجار، في الوقت الذي تواجه فيه المحافظة مخاطر صحية متصاعدة بسبب استخراج النفط من مئات الآبار النفطية.
ويقول مدير بلدية الزاب إن الخطة الخاصة بزراعة الأشجار على الأرصفة والجزرات الوسطية متواصلة، "أمامنا تحديات كبيرة تعترض نجاح هذه المشاريع ونحتاج لتوعية المواطنين للاهتمام بالأشجار والخضرة والحفاظ عليها، وهذا ما يمكن للمجموعات التطوعية لعب دور فيه".
توجد في مدينة كركوك حوالي 200 حديقة حكومية، عدد قليل منها تزيد مساحتها عن عدة دونمات، أما البقية فمساحتها صغيرة. الى جانب 81 جزرة وسطية-بطول كيلومتر واحد إلى خمسة كيلومترات- زرعت فيها الأشجار.
ترى مجموعة (من أجلنا) التطوعية أنه بإمكان النساء لعب دور قيادي في حملات التشجير وتقديم الدعم لمعالجة العديد من المشاكل، "حب النساء للتغيير جعلهن مبدعات في إيجاد الحلول، والذي قد يبدأ من بيوتهن وتوعيتهن لأطفالهن من أجل تهيئة بيئة نظيفة وصحية"، بحسب آمنة.