يضطر البعض من مربي المواشي لتقديم فضلات الدواجن لمواشيهم كعلف بديل نتيجة لتداعيات التغيرات المناخية، الأمر الذي يؤدي الى فساد لحومها ونفوق البعض منها.
إعطاء فضلات الدواجن للمواشي مسموح وفق شروط، لكن أغلب مربي المواشي لا يراعون هذه الشروط ولا يأخذون بتحذيرات الأطباء البيطريين بهذا الخصوص.
شاع استخدام روث الدجاج كعلف للمواشي في منطقة كرميان خلال السنوات القليلة الماضية حيث تقلصت المراعي بسبب قلة الأمطار التي شملت أيضاً مناطق أخرى من بينها كركوك.
الأمور كانت تسير على ما يرام بالنسبة لعائلة فاطمة محمد (50 سنة) المؤلفة من سبعة أفراد في قريتهم (يكه جالا) بقضاء كفري، قبل أن يفقدوا ثلث مواشيهم في غضون بضعة اشهر.
تقول فاطمة، "بعد عام 2021 اختفت المراعي، الجفاف جعلنا نشتري فضلات الدجاج بمبلغ كبير ونعطيها كعلف لمواشينا".
سعر الشاحنة المحملة بفضلات الدجاج مليون و300 ألف دينار، بحسب فاطمة.
"كانت المواشي تتغذي يومياً على فضلات الدواجن دون مشاكل، لكن خلال أشهر قليلة نفق 50 رأس ماشية من مجموع 150".
فاطمة التي تتولى مع أبنائها تربية المواشي نظراً لأن زوجها مسن، تقول "أحضرنا الطبيب البيطري وعزا السبب الى فضلات الدواجن وقال بأنه لم يكن من المفروض أن نقدمها للمواشي".
اضطرت عائلة فاطمة لبيع الـ100 رأس المتبقية من الماشية وغادروا القرية في نفس العام ويقيمون حالياً في ناحية رزكاري التابعة لقضاء كلار بمحافظة السليمانية شمالي العراق، بعد أن كانت تربية المواشي والزراعة تمثل مصدر الدخل الوحيد للعائلة.
قصة فاطمة تكررت مع عشرات الأسر الأخرى في المنطقة، والتي تعرضت لخسائر بسبب عدم معرفة كيفية استخدام فضلات الدواجن كعلف للمواشي وعدم مراعاة الشروط والتعليمات.
علي كريم (48 سنة) وعائلته المؤلفة من ثمانية أشخاص مروا بطروف مشابهة للتي واجهت عائلة فاطمة، حيث اشترى علي كريم قبل أربعة أعوام 150 رأس ماشية بالقرض، لكنهم واجهوا مشكلة عدم توفر المراعي في الأعوام 2021 و2022، "كانت مواشينا جائعة بسبب عدم توفر مراعي، كغيرنا من سكان المنطقة اعتمدنا على فضلات الدواجن... اشترينا خمس شاحنات محملة بالمخلفات بسعر مليون و400 ألف لكل شاحنة".
"في اليوم الأول قدمنا الفضلات للمواشي ولم يحدث شيء، لكن في الأيام التالية نفق 27 رأس ماشية، لحقت بنا خسائر كبيرة، جربنا الأدوية ولم تفد بشيء، الطبيب البيطري قال بأنها تسممت بسبب فضلات الدواجن".
بصورة عامة، قسم من مربي المواشي ليس لديهم ما يكفي من الأراضي لإنتاج العلف وهذا ما أجبر 80 بالمائة منهم للاعتماد على فضلات الدجاج، وفقاً لإحصائية لدائرة الثروة الحيوانية في كرميان.
يقول علي كريم، "لم يكن لدي المال لشراء الأعلاف الاعتيادية ولا أملك أرض مناسبة لتحويلها الى مراعي، لذا فإن شراء فضلات الدواجن يعتبر الأقل كلفة".
وتابع علي قائلاً، "حالياً أشتري فضلات الدجاج وأخلط معها التبن والشعير قبل تقديمها للمواشي، فهذا أفضل ولا يؤدي الى نفوقها".
يوجد في منطقة كرميان –إدارة مستقلة ضمن حدود محافظة السليمانية- 143 حقل دواجن، جميعها تبيع مخلفات الدجاج لمربي المواشي.
بختيار أحمد، مدير الثروة الحيوانية في كرميان اشار إلى أن تعليماتهم تشدد على ضرورة أن تقوم حقول الدواجن بحرق الفضلات، لكنها تخالف هذه لتعليمات دون أن تتعرض للمساءلة.
"السبب الرئيسي للاعتماد على فضلات الدواجن هو الجفاف وعدم توفر المراعي... حقول الدواجن مستمرة حتى الآن في بيع الفضلات".
ويقول مدير الثروة الحيوانية في كرميان بأنه خلال مساعيهم الأخيرة لإقناع أصحاب حقول الدواجن بضرورة التخلص من فضلات الدواجن قالوا، "تعرضنا لخسائر ونريد تعويضها عن طريق بيع الفضلات".
وفقاً لتعليمات دائرة الثروة الحيوانية في كرميان يجب إعادة تدوير الفضلات قبل تقديمها كعلف للمواشي، لكن لا يوجد في المنطقة أي معمل لإعادة التدوير.
من الناحية العلمية يسمح بتقديم فضلات الدواجن للمواشي لكن بنسبة لا تتجاوز 20 بالمائة، أي أن تكون الـ80 بالمائة المتبقية أعلاف متنوعة أخرى، حسبما أوضح الطبيب البيطري عثمان جمال.
وقال عثمان لـ(كركوك ناو)، "لا توجد في اقليم كوردستان معامل لفرز الفضلات، فهي تقدم للمواشي دون إعادة تدويرها وهذا يضر بالمواشي ومنتجاتها".
لا توجد في اقليم كوردستان معامل لفرز الفضلات
"هناك نسبة من العفن في بعض الفضلات وهو سم قاتل لا يزول حتى بعد طبخ اللحم مائة بالمائة، ويؤدي الى الإصابة بالعديد من الأمراض"، بحسب عثمان جمال.
وشدد عثمان على أن "التأثيرات الأخرى تتضمن رائحة اللحم حيث تصبح كريهة كما أن طعمها أيضاً يتغير، فضلاً عن أن طبخها يستغرق وقتاً أطول... إجمالاً يمكننا القول بأن المواشي التي تقدم لها الفضلات يمكن أن تنقل الفايروسات والبكتيريا للإنسان، كما أن الأدوية والهرمونات التي تقدم للدواجن تؤثر ايضاً على الانسان عن طريق هذه الفضلات".
بعد نفوق 50 رأس من ماشيتها، ذبحت فاطمة محمد غنماً لتناول لحمه، وتقول "أثناء طبخ اللحم كانت تنبعث منه رائحة كريهة جداً، كما أن مذاقها لم يكن طيباً، كانت رائحة اللحم كرائحة الفضلات".
حول كيفية التعرف على اللحوم الصالحة للاستهلاك البشري، يقول عثمان جلال "لون اللحم طريقة مهمة لمعرفة ما إن كان صالحاً للأكل أم لا، إذا كان لونه أحمراً غامقاً وداكناً فهذا يعني بأنه غير صالح للاستهلاك، أما إذا كان لونه وردياً أو أحمر فاتح فهو صحي وتمت تغذيته بعلف جيد".
وينصح عثمان جمال، الذي يعمل في مجال البيطرة منذ سنوات عدة، مربي المواشي بأنه من أجل انتاج لحوم صالحة للاستهلاك وتكون مواشيهم بعيدة عن الإصابة بالأمراض، يجب إضافة 100 كيلوغرام من الشعير والتبن لل 20 كيلوغرام من فضلات الدواجن قبل تقديمها للمواشي.
وشدد أيضاً على ضرورة تعريضها لأشعة الشمس لأربعة أيام قبل خلطها للتخلص من الفيروسات والبكتيريا الضارة.