مزارعو مخمور يشتكون
الإجراءات المشددة للحكومة العراقية تمنع وصول الأسمدة والبذور للقضاء

العراق، عملية استلام محصول الحنطة من المزارعين لعام 2022    تصوير: وزارة التجارة العراقية

عمار عزيز

يعاني المزارعون في مخمور من عدم وصول الأسمدة والمواد الكيمياوية الكافية الى القضاء الذي يعد من أغنى مناطق نينوى في انتاج محاصيل الحبوب، ويأتي ذلك بالتزامن مع بدء موسم زراعة الحنطة والشعير.

خلال هذا الشهر نظم مزارعو مخمور تظاهرتين احتجاجاً على منع وصول الأسمدة والمواد الكيمياوية والبذور من اقليم كوردستان الى القضاء.

الأزمة نشأت بعد أن أصدرت وزارة الزراعة العراقية في 20 تشرين الثاني 2022 قراراً يقضي بمنع نقل الأسمدة الكيمياوية من اقليم كوردستان الى محافظات العراق وكلفت وزارة الداخلية باتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاسبة المخالفين.

حتى ما قبل اسبوعين، كان بإمكان المزارعين إيصال الأسمدة والمواد الكيمياوية من الاقليم الى قضاء مخمور التابع بمحافظة نينوى عن طريق "التهريب ودفع الرشاوى"، لكن الحكومة العراقية شددت اجراءاتها في نقاط التفتيش ما أدى الى صعوبة وصولها للمزارعين ولو عن طريق تهريبها.

يقول زيور الحاج روستم، الذي يملك 850 دونم من الأراضي الزراعية في مخمور، "حلّ موسم زراعة الحبوب، لكن ليس لدي لا أسمدة ولا بذور، أحتاج الى 50 طن من السماد الكيمياوي و60 طن من البذور، إن لم أحصل عليها الآن سيفوت الأوان".

يوجد في مخمور 500 ألف دونم من الأراضي الصالحة للزراعة، 190 ألف دونم منها أراضي سيحية، موزعة على ثلاثة آلاف مزارع.

kshtwkal-nainawa-1

نينوى/ 2022/ مزارع يرش أرضه بالمبيدات    تصوير: إعلام زراعة نينوى

قضاء مخمور من المناطق المتنازع عليها بموجب الدستور العراقي ويقع جنوب شرق مدينة الموصل، وهي من الأقضية الغنية في انتاج الحنطة حيث وصل انتاج هذا العام الى 200 ألف طن.

سيروان جميل، تاجر أسمدة وبذور في مخمور ويملك في الوقت نفسه 200 دونم من الأراضي الزراعية في القضاء قال "قبل اسبوعين كان القائمون على نقاط التفتيش يقبضون مبالغ تتراوح بين 600 و 700 دولار عن كل شاحنة (محملة بالأسمدة والبذور)، لكن الحكومة العراقية لا تسمح الآن بمرورها لأن ذلك ممنوع وفقاُ لقرار وزارة الزراعة".

بموجب تعليمات وزارة الزراعة العراقية، باستثناء سماد اليوريا والأسمدة المحظورة الأخرى، يسمح باستيراد أنواع الأسمدة الأخرى للعراق بشرط استحصال تصريح بالاستيراد، لكن نقلها من المنافذ الحدودية الى المستودعات يكون بإشراف جهاز الأمن الوطني وقيادة العمليات المشتركة.

كما أن نقل الأسمدة من المستودعات الى الأراضي الزراعية يكون تحت رقابة جهاز الأمن الوطني، في حين لا يسمح بنقل أي نوع من الأسمدة من اقليم كوردستان الى محافظات العراق.

تكليف جهاز الأمن الوطني بمراقبة العملية يتعلق بالملف الأمني، لأن بعض الأسمدة الكيمياوية التي تستخدم في مجال الزراعة، يمكن أيضاً أن تستخدم في صناعة المتفجرات وتعتبر مواد "خطرة".

مجلس الوزراء العراقي أجرى تغييرات في قسم من الشروط والتعليمات في اجتماع عقد في 28 شباط الماضي، منها السماح بدخول سماد (اليوريا والداب) من اقليم كوردستان الى نينوى عن طريق نقطة تفتيش سد الموصل والى كركوك عن طريق نقطة تفتيش دارمان، بحسب التعليمات المعمول بها.

وقال سيروان جميل، "وزارة الزراعة تتحجج أيضاً بأن البذور يتم تهريبها... كما أن الأسمدة التي نستوردها من النوع المركب الذي لا يستخدم في صنع المتفجرات".

ويقول سيروان بأنه استورد 45 طن من السماد المركب من الأردن وبحوزته تصاريح دخول عن طريق جميع نقاط التفتيش وصولاً الى اقليم كوردستان، لكنهم لا يسمحون له بنقلها الى مخمور.

قضاء مخمور كان يدار من قبل حكومة اقليم كوردستان بعد عام 2003، لكن الملف الأمني والإداري اصبح بيد الحكومة العراقية عقب أحداث 16 أكتوبر 2017.

الحكومة العراقية توزع سنوياً الأسمدة والبذور على المزارعين، لكن المشكلة، بحسب المزارعين، تتمثل في تأخر موعد توزيعها، كما أن الكمية التي توزع قليلة ولا تتناسب مع مساحة الأراضي الزراعية.

مثالاً على ذلك، قال المزارع زيور الحاج روستم، "العام الماضي استلمت 20 طن من البذور من الحكومة، في حين أنني زرعت حوالي 60 طن من البذور"، مشيراً الى أن كل دونم يحتاج الى 65 كيلوغرام من البذور.

وفقاً لمسؤولي الزراعة والمزارعين، في بعض الأحيان لا تقرّ الحكومة بمساحة الأراضي المحددة من قبل المزارعين وتوزع عليهم كميات قليلة من البذور، لكن (كركوك ناو) لم يتمكن من معرفة الكيفية التي حددت بها مساحة الأراضي.

ganmdaquq-1
كركوك/ 12 أيار 2021/ انطلاق موسم حصاد محصول الحنطة في قضاء داقوق    تصوير: محمد ألماس

وأوضح زيور أن "المشكلة الأخرى تتمثل في أن التوقيت الذي توزع فيه الحكومة المبيدات الكيمياوية يكون متأخراً وقد تصاب الحنطة بالآفات ويصعب علاجها... لذا نحاول تدارك الأمر مع بدء موسم الزراعة، لكن كما ترون لا يسمحون لنا بذلك".

ربيع يوسف ألياس، مدير زراعة نينوى، قال في مقابلة أجراها معه (كركوك ناو) عام 2022 بأنه بعد انتهاء سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام "داعش"، وبسبب عدم توفر فرص العمل في المدن، عاد المزارعون المقيمون في المدن الى قراهم واستأنفوا النشاط الزراعي وتربية المواشي، واضاف أن " القطاع الزراعي في المحافظة يشهد "ثورة زراعية" حيث باتت المحافظة تؤمّن نسبة 60 بالمائة من انتاج الحنطة والشعير في العراق".

سلمان هاشم، المسؤول في دائرة زراعة مخمور، قال "نحن على اطلاع بجميع مشاكلهم، أوصلنا صوت المزارعين الى بغداد وحصلنا على وعود بإيجاد حل للمشاكل خلال الأسبوعين المقبلين".

من جانبه يوقل رزكار محمد، قائممقام مخمور بأنه تحدث شخصياً مع رئيس الوزراء العراقي، "أخبرته بأن ما يقال عن تهريب البذور وبعض المواد الخطرة ليس صحيحاً، رئيس الوزراء تعهد بأن لا يخذل مزارعي مخمور".

وأضاف "لم أسمع بدفع رشاوى في نقاط التفتيش للسماح بدخول الأسمدة، ربما يكون ذلك قد حدث، لهذا تحدثت مع القضاة والشرطة ويجب التحقيق في القضية".

مزارعو مخمور يرفضون رمي المنديل وينوون الانتظار لفترة لمعرفة ما ستؤول اليه وعود المسؤولين ومن ثم اتخاذ موقفهم الجديد.

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT