المواجهات الأخيرة التي وقعت بين الجيش العراقي وقوات البيشمركة في منطقة جبل قرجوغ بقضاء مخمور تُعزى لاستراتيجية المنطقة وقرب النقاط العسكرية الموجودة فيها من الآبار النفطية ومخيم مخمور للاجئين.
في النهاية، تمركز الجيش في المواقع بعد مواجهات أسفرت عن مصرع ستة أشخاص من الجانبين، بينهم آمر اللواء 18 مشاة في قوات البيشمركة ونائبه.
الاشتباكات اندلعت في 22 تشرين الأول بجبل قرجوغ قرب مخيم مخمور للاجئين، بعد أن طالبت قوة تابعة للبيشمركة بإخلاء نقاط عسكرية يتمركز فيها الجيش العراقي.
حتى ما قبل اسبوع من اندلاع المواجهات، كانت قوة تابعة لحزب العمال الكوردستاني تتمركز في تلك النقاط قبل أن تسلمها للجيش العراقي. مسلحو حزب العمال الكوردستاني (البي كي كي) استقروا في المنطقة مع بدء الحرب ضد تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) بهدف حماية مخيم مخمور للاجئين الذي يقيم فيه ما لا يقل عن 12 ألف من كورد توركيا.
يجب أن تدار هذه المواقع بصورة مشتركة بين الجيش العراقي والبيشمركة
سعيد مموزيني، مسؤول إعلام فرع الموصل للحزب الديمقراطي الكوردستاني قال لـ(كركوك ناو)، "البي كي كي سلم أربع مواقع عسكرية للجيش بموجب اتفاق مع الحكومة العراقية، دون الاتفاق مع البيشمركة"، وشدد على أن "هذه المواقع استراتيجية جداً لذا أرادت قوات البيشمركة السيطرة عليها فوقعت اشتباكات".
سلسلة جبال قرجوغ تبعد مسافة كيلومتر واحد فقط شرق مخيم مخمور، وتبعد 20 كيلومتر عن الحقول النفطية بناحية كنديناوة التي تضم عشرات الآبار.
النقاط العسكرية الأربع تبعد اقل من كيلومتر عن مواقع البيشمركة، وكانت هذه المواقع اضافة الى المخيم تتعرض بين حين وآخر للقصف من قبل تركيا.
لكن بحسب مصادر (كركوك ناو)، حزب العمال الكوردستاني فضل تسليم النقاط للجيش عوضاً عن البيشمركة "حفاظاً على أمنية المخيم".
قوات 80 التابعة للحزب الديمقراطي الكوردستاني التي لم تنظم بعد ضمن تشكيلات وزارة البيشمركة، تنتشر في المنطقة الى جانب وحدات أخرى تابعة لوزارة البيشمركة.
وقال مموزيني، "يجب أن تدار هذه المواقع بصورة مشتركة بين الجيش العراقي والبيشمركة".
رئيس أركان الجيش العراقي، الفريق الركن عبدالأمير رشيد يارالله، وصل الى مخمور قبل يوم من اندلاع الاشتباكات وتفقد رفقة وفد عسكري النقاط العسكرية الجديدة وقوات الفرقة 14 للجيش المتمركزة على الحدود الفاصلة مع البيشمركة.
يارالله كلف في وقتها قادة الجيش بـ"التنسيق مع البيشمركة من أجل حفظ الأمن والاستقرار في المنطقة"، بحسب بيان لوزارة الدفاع العراقية.
غازي فيصل، مسؤول العلاقات في مركز تنظيمات قرجوغ للاتحاد الوطني الكوردستاني قال لـ(كركوك ناو)، "ما حدث كان صراعاً اقتصادياً سياسياً أكثر من أي شيء آخر، الهدف كان السيطرة على المنطقة الاستراتيجية.... الأمر لم يكن مخططاً له بل حدث فجأة".
الاشتباكات أسفرت عن مصرع ستة اشخاص من الجانبين، أربعة منهم في صفوف البيشمركة.
"بعد أن أطلق الحشد الشعبي تهديداته وجلبوا قوات الى المنطقة، سلمت قوات البيشمركة مواقعها للجيش العراقي، الذي يتمركز فيها حالياً"، بحسب غازي فيصل الذي يشرف على قوة مسلحة، تحت مسمى قوات المتطوعين، بالقرب من جبل قرجوغ.
المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، يحيى رسول، أعلن عن تشكيل لجنة عليا للتحقيق في ملابسات الحادث وطالب الجانبين بضرورة ضبط النفس، فيما أشارت رئاسة أركان وزارة البيشمركة في بيان الى أن "الحادث كان مؤسفاً" معربة عن الالتزام بالعمل المستمر مع الحكومة الاتحادية من أجل الاستقرار.
جاءت هذه المواجهات بالرغم من أن الجيش والبيشمركة شكلا مراكز للتنسيق المشترك في بغداد، أربيل، كركوك، ديالى وعدة مناطق من محافظة نينوى لتبادل المعلومات العسكرية والاستخباراتية.
بموجب قانون الموازنة الاتحادية سيتم تشكيل لواءين مشتركين من قوات الجيش والبيشمركة لحفظ الأمن في المنطقة، غير أن هذه الألوية لم تباشر مهامها بعد.
المفاوضات المقبلة وتقرير اللجنة سيحدد حلاً وسطاً للمشاكل الأمنية في المنطقة
رزكار محمد، قائممقام قضاء مخمور، قال لـ(كركوك ناو) إن "الأوضاع في المنطقة هادئة ولا توجد مشاكل... هناك جهود تبذل على مستويات عليا لحل المشاكل بين البيشمركة والجيش".
الحكومة العراقية لم تكشف حتى الآن عن نتائج التحقيق في مواجهات مخمور، رغم أن اللجنة أمضت يومين في القضاء.
وقال غازي فيصل إن "قوات البي كي كي لديها مشاكل سياسية وعسكرية مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني، لذا لا ترغب في تواجد الأخير بأطراف مخيم مخمور والتمركز في تلك النقاط العسكرية، خصوصاً بعد استهداف البي كي كي عدة مرات في المنطقة بغارات تركية".
المخيم يقع في قضاء مخمور التابع لمحافظة نينوى، ويبعد 60 كيلومتر جنوب غربي أربيل. المخيم مسجل رسمياً عند الحكومة العراقية والأمم المتحدة.
قبل حرب داعش وحتى بعد الحرب كانت المنطقة تحت سيطرة قوات البيشمركة، لكن القوات العراقية استعادت السيطرة عليها بعد أحداث 16 أكتوبر 2017.
سعيد مموزيني أوضح أن "المفاوضات المقبلة وتقرير اللجنة سيحدد حلاً وسطاً للمشاكل الأمنية في المنطقة"، فيما شدد نائب محافظ نينوى، رفعت سمو على استمرار المساعي لإيجاد حل يلقى استحسان كل من الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم.