دون مذكرة قضائية وبدون فتح "ملف " للقضية، اعتقلت مديرية آسايش أربيل إدريس مسعود، المعروف أيضاً بـ"إدريس الخباز" لـ18 ساعة، وبدون أمر قضائي، وأخلي سبيله بعد أن أثارت قضية اعتقاله موجة احتجاجات على مواقع التواصل الاجتماعي.
إدريس مسعود، كان من بين عدد من أصحاب المخابز الذين تجمعوا يم الاثنين، 8 كانون الثاني، امام مبنى محافظة أربيل للاحتجاج ضد قرار خفض سعر الخبز لتباع 10 أرغفة بألف دينار بعد أن كانت 8 أرغفة بنفس السعر.
متحدثاً لعدد من الصحفيين الذين تواجدوا لتغطية الحدث، قال إدريس "أنا وابني معاً نكسب يومياً 35 ألف دينار فقط من عملنا، إذا تم تنفيذ هذا القرار سأخسر يومياً 50 ألف دينار"، وعلق مخاطباً حكومة اقليم كوردستان، "إذا كنتم تريدون تنفيذ الاصلاحات فلتبدؤوا من أنفسكم وأشقائكم واقربائكم.. ابدأ بالإصلاحات من رؤساء العشائر والجحافل –عناصر كوردية كانت موالية لنظام صدام حسين-، ابدأ بالإصلاح من النفط والغاز... لماذا الفقير هو من يجب أن يدفع الضريبة؟".
وبعد أن حاول عدد من المحتجين المتجمعين أمام مبنى المحافظة مقاطعة إدريس لإجباره على التوقف عن الكلام، احتدت نبرته وقال "أربيل كانت عصية على هولاكو، أما الآن فأصبحت مكاناً للمستعبدين، أليست لديكم غيرة؟".
بهذا الشكل سنتكبد خسائر، لماذا يجب أن يدفع الفقراء ضريبة الاصلاحات الحكومية؟
مقطع الفيديو الذي ظهر فيه إدريس انتشر بسرعة على مواقع التواصل الاجتماعي والكثيرون أعربوا عن دعمهم لما قاله. وفي الساعة 5 من مساء نفس اليوم داهمت قوة تابعة للآسايش منزله في أربيل واعتقلته.
بعد إطلاق سراحه –قبل ظهر يوم الثلاثاء 9 كانون الثاني-، قال إدريس في تصريح لـ(كركوك ناو)، "حين وصلت قوات الآسايش الى منزلي واعتقلوني، أخبروني بأن بحوزتهم مذكرة قضائية لاعتقالي"، دون أن يظهروا له أي مذكرة.
في 7 كانون الأول الماضي، قرر مجلس وزراء الاقليم خفض سعر الخبز والصمون وكلف كل من وزارة الداخلية ووزارة التجارة بتنفيذ القرار.
الأسبوع الماضي، أعلن قائمّقام أربيل أن القرار سينفذ هذا الأسبوع وشدد على أن أجور كهرباء المخابز في المقابل ستخفض بنسبة 50 بالمائة.
وجاء في القرار بأن سعر كيس الطحين سيخفض من 29 ألف دينار الى 24 ألف دينار للمخابز وسيوزع على المخابز كيس طحين مجاناً عن كل طن يستلمونه، وذلك ضمن سلسلة إجراءات فسرت كدعم حكومي لتخفيض سعر الخبز.
إجمالاً، يوجد 1800 مخبز في أربيل، لكن عدداً قليلاً من اصحاب المخابز تجمعوا أمام مبنى المحافظة للاحتجاج على القرار.
وقال إدريس "بهذا الشكل سنتكبد خسائر، لماذا يجب أن يدفع الفقراء ضريبة الاصلاحات الحكومية؟".
اعتقال إدريس مسعود وعدم الكشف عن القضية التي اعتقل بسببها أثار جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي وفسر الكثيرون ما حدث على انه قمع لحرية التعبير.
لم أمثل أمام القاضي، أطلقوا سراحي في الساعة 11 قبل الظهر... لا أعرف ما المادة القانونية التي اعتقلت بموجبها أو المادة القانونية التي أطلقوا سراحي بموجبها
بعد اعتقال إدريس، تطوع 24 محامياً لتولي القضية. كما نددت معظم الأحزاب السياسية في اقليم كوردستان بقرار الآسايش واعتبرت ما حدث بـ"المثير للاشمئزاز" و "فرض ضريبة على التعبير عن الرأي". باستثناء الحزب الديمقراطي الكوردستاني الذي التزم الصمت، نظراً لأن رئاسة الحكومة والسلطة المطلقة في محافظة أربيل بيد الحزب.
المحامي آسو هاشم، كان اول من أعرب عن استعداده لتولي قضية إدريس على حسابه عبر منصة التواصل الاجتماعي فيسبوك وكان أول المتواجدين في مديرية آسايش أربيل صباح يوم الثلاثاء، 9 كانون الثاني.
وقال آسو هاشم لـ(كركوك ناو)، "حين وصلت الى الآسايش لكي أدافع عن إدريس وأطّلع على قضيته، قال لي قاضي التحقيق أن إدريس ليس له ملف قضية... ولم يصدر أمر بالقبض عليه لكي يفتح له ملف".
إدريس مسعود قال لـ(كركوك ناو) في مكالمة هاتفية إن قوات الآسايش عاملته "باحترام" في الليلة التي قضاها في السجن.
وأوضح بأنه لا يعرف سبب اعتقاله، "لم أمثل أمام القاضي، أطلقوا سراحي في الساعة 11 قبل الظهر... لا أعرف ما المادة القانونية التي اعتقلت بموجبها أو المادة القانونية التي أطلقوا سراحي بموجبها، حتى أنهم لم يطلبوا إحضار كفيل".
لكن أثناء اعتقاله قالوا له "سنعيدك للآسايش متى ما أردنا"، بحسب إدريس.
الحكومة ومؤسساتها لا تقبل من أي شخص التشهير بأية مدينة
إدريس مسعود يدير مخبز (نيل) في حي كوردستان وسط مدينة أربيل.
آسايش أربيل لم تعط أي توضيح حول الحادث، كما أن مسؤول إعلام الآسايش رفض الإدلاء بتصريح لـ(كركوك ناو) حول القضية.
أوميد خوشناو، محافظ أربيل، قال في مؤتمر صحفي بشأن القضية "البعض شوهوا الموضوع، ما قام به ذلك الشخص من انتقاد للحكومة شيء اعتيادي، نحن في بلد ديمقراطي، نتقبل أي وجهة نظر أو انتقاد في إطار التعبير المنطقي".
حول سبب الاعتقال، قال أوميد "هذا الشاب تصرف باندفاع زائد، لم يكن عليه أن يقول بعض الأشياء عن المدينة وأهلها، التحقيق معه جرى في هذا الإطار وهو الآن حر طليق وقد اعتذر لأهالي أربيل".
"الحكومة ومؤسساتها لا تقبل من أي شخص التشهير بأية مدينة"، بحسب محافظ أربيل.
بعد إطلاق سراحه نشر إدريس مقطع فيديو قال فيه "أعتذر لأهالي أربيل عن أي كلمة غير لائقة بدرت مني أثناء غضبي".
وشدد إدريس على أن "الحكومة أصدرت قراراً خاطئاً، يجب أن لا ندفع نحن ضريبة خفض سعر الخبز، على الحكومة أن تدعمنا".