والد صباح قُتل على يد مسلحي داعش قبل 10 سنوات ولا يزال يبحث عن رفاته ليتم التعرف على هويته رسمياً ويكون لقبره شاهد.
"ظُلِمنا مرتين، مرة حين قتل مسلحو داعش والدي ومرة أخرى لأنني لا أعرف حتى الآن مكان رفاته"، يقول صباح الذي قتل مسلحو تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام-داعش" اثنين من أعمامه أيضاً في آب 2014.
رفات 66 ضحية أخرى انتشلت قبل سنوات من المقابر الجماعية في سنجار وأعيد دفنها دون أن تجرى لها الفحوص الخاصة بالكشف عن هوياتها.
وفقاً لمتابعات (كركوك ناو)، رفات والد وأعمام صباح أعيد دفنها قرب مزار شرف الدين بعد استعادة سنجار من قبضة داعش في عام 2015 من قبل وزارة شؤون الشهداء التابعة لحكومة اقليم كوردستان.
المقبرتان الجماعيتان اللتان عثر فيهما على رفات 67 شخصاً رفعتا من قبل وزارة شؤون الشهداء في حكومة الاقليم
والد صباح كان موظفاً في مديرية صحة نينوى، تم تعليق صرف راتبه التقاعدي منذ عامين بحجة عدم صدور شهادة وفاة له، " أينما ذهبنا يطلبون منا شهادة الوفاة، لكنني لا أعرف مكان رفات والدي، في عام 2015 انتشلت رفاته ضمن الرفات التي عثر عليها في مقبرتين جماعيتين، لكنهم أعادوا دفن الرفات دون إجراء فحص الحمض النووي للتعرف على هويات الضحايا".
المقبرتان اللتان ذكرهما صباح تقعان بين منطقتي خانصور وسنوني بقضاء سنجار.
رفات الضحايا التي أعيد دفنها لا توجد على شواهد قبورهم أسماء أو معلومات لكي نتعرف عليهم"، وبيّن صباح أنه بدون هذه المعلومات والوثائق لا يمكنهم إصدار شهادة الوفاة، ويرى بأن الحل هو أن تتفق حكومة الاقليم مع الحكومة الاتحادية على إعادة فتح القبور وإجراء الفحوص للرفات للتعرف على هوياتها.
في آب 2014، هاجم مسلحو داعش سنجار، نتيجة لذلك "استشهد ألف و293 ايزيدي" فضلاً عن اختطاف آلاف آخرين لا يزال بعضهم في عداد المفقودين.
خيري علي، مسؤول منظمة بتريكور التي تعنى بحقوق الانسان –تتابع ملف رفات الـ67 ايزيدياً- قال لـ(كركوك ناو)، "المقبرتان الجماعيتان اللتان عثر فيهما على رفات 67 شخصاً رفعتا من قبل وزارة شؤون الشهداء في حكومة الاقليم... لكن لم تجر لها فحوص الحمض النووي (DNA) ولم تصدر لهم شهادات وفاة".
وأوضح خيري أن فتح المقابر الجماعية، بموجب القانون، ضمن صلاحيات المؤسسة الوطنية لفتح المقابر الجماعية التابعة للحكومة العراقية.
"المكان الذي دفنت فيه رفات الـ67 ايزيدياً لا توجد فيه مظاهر تدل على أنها مقبرة، فهي منطقة مسطحة تشبه شارعاً، المقابر ليس لها شواهد، أي أن الرفات أعيد دفنها بصورة غير قانونية"، بحسب خيري.
عثر حتى الآن ضمن حدود قضاء سنجار على قرابة 90 مقبرة جماعية، فضلاً عن عشرات المقابر الفردية، يعود تاريخها الى فترة سيطرة تنظيم داعش.
أيمن بامرني، عضو هيئة التحقيق وجمع الوثائق بوزارة شؤون الشهداء التابعة لحكومة اقليم كوردستان قال لـ(كركوك ناو)، "الرفات التي تم انتشالها عام 2015 لم تكن مدفونة، فرقنا أعادت دفن تلك الرفات في موقع آخر بناء على طلب الأهالي للحفاظ على الأدلة".
مطالب ذوي الرفات الـ67 وصلت الى وزارة شؤون الشهداء لكن دون أن تؤول الى نتيجة، "يجب أن نجتمع مع دائرة المقابر الجماعية لإيجاد حل".
واضاف بامرني أن انتشال الرفات جرى بموجب قانون حماية المقابر الجماعية في اقليم كوردستان وتم إجراء الفحوص في أربيل، لكن "لا نعرف لماذا لم تظهر نتائج تلك الفحوص".
وضحنا كل الأمور لبغداد بكتاب رسمي، يتوجب عليهم أخذ عينات العظام مع عينات الدم لذوي الضحايا لإكمال الفحوص وعملية التعرف على هويات الضحايا
ذوو الضحايا الايزيديين بصدد حملة لجمع التواقيع من اجل إيصال الملف الى بغداد لكي يعاد فتح قبور الضحايا وتجرى الفحوص الخاصة بالتعرف على هوياتهم.
وقال مسؤول منظمة بتريكور بأنهم يسعون لجمع 5000 توقيع في سنجار كورقة ضغط لإلزام الحكومة العراقية بفتح قبور الضحايا، "بغداد تمتنع حالياً عن ذلك لأنها تقول بأن الدفن جرى حينها بصورة غير قانونية"، ويرى خيري علي أن أهمية التعرف على هويات الضحايا تكمن في أن ذويهم سيستطيعون الاستفادة من الامتيازات الممنوحة لذوي الشهداء، كما سيكون لهؤلاء الضحايا قبور تحمل أسماءهم.
في آذار 2019، جرى فتح أول مقبرة جماعية للايزيديين في قرية كوجو التابعة لقضاء سنجار بقرار من الحكومة العراقية، و تم حتى الآن فتح حوالي 50 مقبرة جماعية، وأرسلت رفات مئات الضحايا الى بغداد للتعرف على هوياتها، أعيد قسم منها وتم دفنها في مراسيم خاصة.
دانا أمين منصور، مدير المقابر الجماعية في وزارة شؤون الشهداء بحكومة الاقليم قال لـ(كركوك ناو)، "عينات العظام (الخاصة برفات الضحايا الذين دفنوا عام 2015) موجودة في مديرية الأدلة الجنائية بأربيل، وضحنا كل الأمور لبغداد بكتاب رسمي، يتوجب عليهم أخذ عينات العظام مع عينات الدم لذوي الضحايا لإكمال الفحوص وعملية التعرف على هويات الضحايا".
وأشار الى أنهم جزء من الدائرة الوطنية للمقابر الجماعية في بغداد وأن انتشال الرفات الـ67 لم يمكن عملاً "غير قانوني".
أدينا ما على عاتقنا والبقية تقع على كاهل الحكومة العراقية، لماذا لم يأتوا حتى الآن، يجب أن توجهوا هذا السؤال لهم... ما يتعلق بإصدار شهادة الوفاة من اختصاص المحكمة والنتيجة النهائية للعملية تُسأل عنها بغداد"، حسبما قال المسؤول في وزارة شؤون الشهداء.