في ثاني أيام عيد الفطر، عاد الكاردينال، لويس ساكو إلى مقره في بغداد واجتمع مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، وذلك بعد تسعة اشهر من مغادرته بغداد واختياره أربيل مكاناً لإقامته، اعتراضاً على قرار من رئيس الجمهورية العراقي.
لطيف رشيد، رئيس الجمهورية، قرر في تموز 2023 سحب مرسوم تعيين الكاردينال لويس ساكو بطريركاً للكلدان الكاثوليك في العراق والعالم، بعد 10 سنوات على صدور ذلك المرسوم.
القرار أثار احتجاجات وتظاهرات للمسيحيين في محافظات مختلفة منها بغداد ونينوى، فيما غادر لويس ساكو العاصمة بغداد واختار الإقامة في أربيل، وهذه هي المرة الأولى التي يعود فيها الى بغداد بعد قرار سحب المرسوم.
" أشعر اليوم بالارتياح والسلام الداخلي"، هذا ما قاله الكاردينال لويس ساكو في مؤتمر صحفي عقب اجتماعه مع السوداني يوم الجمعة 12 نيسان، فيما يعتبر البعض هذه الخطوة محاولة لحل مشكلة سحب المرسوم.
وأضاف ساكو، "أترأس كنائس العالم منذ تسعة اشهر خارج العاصمة".
خالد جمال، مدير عام شؤون المسيحيين في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في حكومة اقليم كوردستان قال لـ(كركوك ناو)، إن "مبادرة السوداني أمر جيد ومفرح، نعتقد بأنه كان من الأفضل أن لا تتأخر هذه الخطوة تسعة اشهر".
واشار الى ان رئيس الوزراء العراقي قدم "وعوداً" للكاردينال لويس ساكو، على رأسها العمل على اقناع رئيس الجمهورية بالعدول عن قرار إلغاء مرسوم تعيين لويس ساكو بطريركاً للكنيسة الكلدانية الكاثوليكية في العراق والعالم.
" أريد أن أوضح شيئاً، ألا وهو أن البطريرك ساكو لم يعد بشكل نهائي الى بغداد، كانت مجرد زيارة، لكننا نثمن مبادرة السوداني"، على حد قول خالد جمال.
ونشر رئيس الوزراء العراقي صورة له مع لويس ساكو والوفد المرافق له وذكر في المنشور أن الجانبين ناقشا الأوضاع العامة في العراق مثمناً دور المكون المسيحي في بناء الدولة مع التشديد على حرص الحكومة على تعزيز مبدأ التعايش والتآخي بين فئات وشرائح المجتمع العراقي.
وقال خالد جمال إن "رئيس الوزراء كثف مساعيه مع رئيس الجمهورية والجهات المعنية للتراجع عن قرار سحب المرسوم ... الأمر ليس ضمن صلاحيات رئيس الوزراء، لكنه بادر من أجل ذلك وسيكون له دور".
وأضاف انه "إذا حدث ذلك، سيبقى لويس ساكو في مقره ببغداد".
في الحقيقة، المرسوم لا يخص الكاردينال لويس ساكو فقط، بل يشمل أيضاً عدداً من مطارنة المكون المسيحي، باستثناء اثنين منهم يعود تاريخ صدور المرسوم الجمهوري الخاص بتعيينهم الى فترة حكم صدام حسين الذي تولى رئاسة الجمهورية في الفترة من 1979 الى 2003.
لويس ساكو ولد في مدينة زاخو بمحافظة دهوك عام 1948، وعين كاهنا في أبرشية الموصل الكلدانية في عام 1974. انتخب لويس ساكو مطرانا على أبرشية كركوك في عام 2002، وتم انتخابه بطريركا على الكنيسة الكلدانية في 2013، وفي عام 2018 تمت ترقيته الى كاردينال.
قرار رئيس الجمهورية لطيف رشيد بسحب مرسوم تعيين لويس ساكو في تموز 2023 والذي وصفه بـ"غير الدستوري"، جاء استجابة لمطالب رئيس حركة بابليون، ريان الكلداني.
السجال بين لويس ساكو وريان الكلداني احتد العام الماضي بعد ان اتهم كل منهما الآخر بـ"الفساد" و "الاستيلاء على أملاك المسيحيين"، وهدد كل منهما باللجوء للقضاء.
ريان الكلداني من مواليد 1983 بناحية ألقوش التابعة لمحافظة نينوى، انتقل بعدها الى بغداد واستقر فيها، وبعد اجتياح مسلحي تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام-داعش" لمحافظة نينوى، شكل كتائب بابليون (الحشد الشعبي المسيحي) التي انضوت تحت لواء الهيئة العامة للحشد الشعبي.
نينوس عوديشو، رئيس كتلة الرافدين في مجلس محافظة دهوك قال لـ(كركوك ناو)، إن "مشكلتنا أكبر من مسألة عودة لويس ساكو الى بغداد... مشاكلنا تتمثل بشيئين رئيسيين: الأول العقلية التي يتعامل بها المسؤولون في العراق مع المكون الديني المسيحي لم تتغير، والثاني هو عدم منحهم حق ممارسة صلاحياتهم"، مستشهداً بقرار المحكمة الاتحادية في 21 شباط 2024 الذي قضى بعدم دستورية تخصيص مقاعد كوتا الأقليات في برلمان كوردستان والبالغ عددها 11 مقعداً، خمسة منها كانت مخصصة للكلدان والسريان والآشوريين.
واشار عوديشو الى أن "مشكلة المسيحيين يجب أن تحل جذرياً، لا أن تُخلق لهم مشاكل بين حين وآخر".
اجتماع الكاردينال لويس ساكو مع السوداني جاء قبل يومين من زيارة الأخير للولايات المتحدة الأمريكية يوم السبت 13 نيسان.
"ربما تتعلق مبادرة السوداني بهذه الزيارة ايضاً، لأننا علمنا بأن مسؤولي وزارة الخارجية الأمريكية في العراق تحدثوا بإسهاب عن قرار رئيس الجمهورية العراقي والمشاكل بين لويس ساكو وريان الكلداني... بالتأكيد ستكون هذه القضية أحد محاور مباحثات السوداني مع المسؤولين الأمريكيين"، بحسب خالد جمال.