تسعى القوى السنية في محافظة ديالى لحسم منصب المحافظ وسحب البساط من تحت أقدام الشيعة، بعد فشلهم في تشكيل الإدارة الجديدة على مدار الأشهر الثلاثة الماضية.
مساعي السنة التي كثفت منذ منتصف شهر نيسان الحالي، وتابعها موقع (كركوك ناو)، عرضت أعضاء المكون لـ"رسائل تهديد وتحركات من المجاميع المسلحة ومداهمة مضايفهم"، وفقاً للوثائق الفيديوية والمكتوبة التي يعرضونها.
محاولة تنصيب محافظ ديالى تأتي بعد تشكيل تحالف جديد للكتل السنية داخل مجلس المحافظة، مؤلفاً من كتل التقدم، السيادة والعزم التي تملك معاً سبعة مقاعد من اصل 15 مقعداً في المجلس.
التحالف الجديد أنهى الانقسام الذي دام ثلاثة اشهر داخل المجلس، حيث تشكلت جبهتان إحداها تضم ثمانية اعضاء والأخرى سبعة أعضاء، وكل جبهة تضم خليطاً من السنة والشيعة، الانقسام كان على أساس حزبي وفقاً لمطالب الكتل وليس على أساس مذهبي.
فارس مزاحم، عضو مجلس محافظة ديالى عن قائمة السيادة قال لـ(كركوك ناو)، "نحن الآن أكبر كتلة بسبعة أعضاء"، وأوضح أن الجهات السنية الثلاث ستجتمع خلال اليومين القادمين لتحديد مرشحها لمنصب المحافظ وتدعو لعقد جلسة انتخاب المحافظ.
هذه هي الخطوة الأولى للكتل السنية لتنصيب المحافظ، نظراً لأنه كان من المقرر بموجب المفاوضات التي استمرت حتى شهر نيسان والاتفاقات الأولية بين أعضاء المجلس، أن يكون منصب المحافظ للشيعة، في مقابل منح السنة منصبي رئيس المجلس ونائب المحافظ.
"تشكيل التحالف الجديد جاء بعد أن هددت قوة خارجة عن القانون عدداً من أعضاء مجلس المحافظة من السنة"، بحسب مزاحم، الذي شدد على أنهم مصممون على تنصيب مرشح سني محافظاً لدسالى وأن الأسماء المرشحة هي النائب عن كتلة التقدم محمد قتيبة، النائب عن كتلة السيادة مضر الكروي والنائب عن كتلة العزم رعد الدهلكي.
في 15 نيسان، وجهت مجموعة مسلحة أغلب أفرادها يرتدون الزي المدني ويستقلون 18 مركبة، بعضها مظللة، تحت اسم "عشيرة بني تميم"، خطاب "تهديد" لعدد من أعضاء مجلس محافظة ديالى ونواب في البرلمان عن المحافظة.
عضو مجلس محافظة ديالى عمر الكروي، شقيق النائب عن كتلة السيادة (أحد المرشحين لمنصب المحافظ) مضر الكروي، ، كتب في حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي ان "تواجد عشرات السيارات المظللة مع مسلحين ورسائل التهديد امام مضيف الديرة وتهديد شخصي لي من قبل جهات مسلحة.. اقول لكم ان رسائل التهديد المبطنة لن تكسر ارادة من يخاف الله ويشعر بمسؤولية ازاء اهله من كل الاطياف".
بني تميم أحد أكبر العشائر الشيعية في ديالى ولديهم أربعة أعضاء في مجلس المحافظة.
نأمل أن لا يدخلوا في أي تحالف ضد أبناء بني تميم
وفي نفس اليوم، نشرت ناهدة الدايني، النائب عن كتلة السيادة وشقيقة عضو مجلس محافظة ديالى رشيدة الدايني، في حسابها على مواقع التواصل الاجتماعي، "مسلحون يستقلون 19 مركبة قاموا بتهديد أفراد حمايتي المقدادية وان السيارات والمسلحين تابعون لإحدى الجهات المتنفذة... نقول لهم اننا لا نخافكم".
أغلب الأطراف السنية وعدد من الكتل الشيعية دانت "التهديدات"، التي لم تشر اليها أو تحقق فيها أي جهة أمنية حتى الآن، وفقاً لمتابعات (كركوك ناو).
النائب الشيعي عن كتلة عصائب أهل الحق، أحمد الموسوي، نشر بياناً طالب فيه قيادة العمليات وقيادة الشرطة باتخاذ موقف بشأن "تهديد أعضاء مجلس محافظة ديالى بقتلهم وحرق منازلهم".
تصاعد الصراعات السياسية في ديالى ووصولها مرحلة "التهديدات" يأتي بعد عدم توصل كتل مجلس المحافظة الى اتفاق حول انتخاب رئيس المجلس والمحافظ في الجلسة الأولى التي انعقدت في 5 شباط الماضي، تبعتها سلسلة من الاجتماعات، آخرها كان في بغداد دون التمكن من حسم منصب المحافظ بسبب خلافات داخلية بين الجهات الشيعية والسنية حول اختيار المرشحين.
الشيعة، بسبعة أعضاء في مجلس المحافظة، اختلفوا فيما بينهم حول مرشح منصب المحافظ، ولا زال مثنى التميمي، محافظ ديالى السابق ورئيس تحالف ديالتنا الوطني الذي يملك اربعة أعضاء في المجلس وحصد لوحده 42 ألف و812 صوت (الأول على المحافظة) مصراً على تسنم المنصب.
خلال الفترة الماضية، نظم أنصار مثنى التميمي وعشيرة بني تميم المتنفذة في المحافظة، تظاهرات في مناطق مختلفة من ديالى مطالبين بإعادة تنصيب مثنى التميمي.
وجهاء وشيوخ بني تميم شددوا في آخر رسالة وجهوها لأعضاء مجلس المحافظة على حسم منصب المحافظ لصالح مثنى التميمي، "نأمل أن لا يدخلوا في أي تحالف ضد أبناء بني تميم"، حسبما جاء في رسالتهم.
ولم تنجح محاولات (كركوك ناو) في الحصول على تصريح من مسؤولي بني تميم.
ويأتي ذلك في الوقت الذي تسعى الجهات الشيعية الأخرى، من ضمنها منظمة بدر برئاسة هادي العامري ودولة القانون برئاسة نوري المالكي للدفع مرشحيهم لمنصب المحافظ.
الناشط المدني ومراقب الانتخابات وعملية تشكيل الحكومة المحلية في ديالى، علي الحجية قال لـ(كركوك ناو) ان "الأوضاع تعقدت كثيراً، الخلافات تتخذ منحىً خطيراً، جماعة مسلحة هددت عدداً من أعضاء مجلس المحافظة وهم عمر الكروي وناهدة الدايني، هذه الحادثة تقود الأوضاع نحو طريق مجهول".
أواسط شهر شباط، اقترح هادي العامري مرشح تسوية من الشيعة، وهو محمد جاسم، نجل رئيس المحكمة الاتحادية جاسم العميري، لكن عشيرة بني تميم خرجوا في تظاهرات زأرغموه على سحب المرشح.
في الوقت الحاضر، يتعامل مثنى التميمي كعضو مجلس، ويتولى كريم علي آغا (من المكون الكوردي) مهام المحافظ وكالةً.
لا نخشى أي جهة واي رد فعل، يوجد قانون في مواجهة السلاح والقانون أقوى من السلاح
في مقابل إصرار بني تميم، اجتمعت الكتل السنية الرئيسية الثلاث (السيادة، التقدم والعزم) الثلاثاء الماضي، 16 نيسان، وقررت بتوقيع 16 شخصية من وجهاء المحافظة، بينهم نائب وسبعة من أعضاء المجلس، عدم المشاركة في أي اجتماع لمجلس المحافظة " ما لم يكن منصب المحافظ من نصيب المكون السني".
لدى الكورد عضو واحد فقط في مجلس المحافظة من حصة الاتحاد الوطني الكوردستاني، وبحسب تصريحات سابقة أدلى بها لـ(كركوك ناو)، الكورد يؤيدون الطرف الذي سيمنحهم أكبر عدد من المناصب.
لكن فارس مزاحم يقول أن العضو عن الكتلة الكوردية مقرب منهم، "إذا دخل في تحالفنا سنمنحهم منصب نائب المحافظ"، بحسب عضو المجلس عن كتلة السيادة، والذي شدد على أنه سيمنحون منصبي نائب رئيس المجلس ونائب الحافظ للجهات التي ستدخل في تحالفهم.
"بدر أقرب جهة لتحالفنا"، يقول فارس مزاحم الذي بيّن ايضاً انه في حال لم يحدد رئيس السن لمجلس المحافظة موعداً للاجتماع، سيرفعون عدد أعضاء التحالف الى تسعة أعضاء ويعقدون الجلسة مباشرةً. بموجب القانون، يتطلب عقد الجلسة توفر نصاب 50+1.
تعثر تشكيل إدارة ديالى يأتي في حين ينص قانون انتخابات مجالس المحافظات على وجوب انتخاب المحافظ ونائبيه من قبل المجلس خلال 30 يوماً من الجلسة الأولى.
وقال فارس مزاحم "لا نخشى أي جهة واي رد فعل، يوجد قانون في مواجهة السلاح والقانون أقوى من السلاح... لن يستطيع أحد أن يمنعنا... لن نخضع لأي ضغوط اقليمية وخارجية".