في الوقت الذي زفّ فيه المسؤولون الكورد في الحكومة العراقية ومجلس النواب بشرى السماح لمزارعي قرية "بلكانه" بحصاد محاصيلهم وشددوا على إزالة خيم المزارعين العرب المحتجين، لكن لا الخيم أُزيلت ولا الحصاد استُؤنف.
شاخوان عبدالله، نائب رئيس البرلمان العراقي شدد في بيان نشره يوم 11 أيار على أنه "ابتداءً من اليوم سيبدأ المزارعون الكورد حصاد محاصيلهم وستزال الخيم التي نصبها العرب في القرية"، مستنداً في ذلك بحسب قوله الى قرار من رئيس الوزراء العراقي.
البيان تزامن مع تداول بعض الأخبار في وسائل إعلام الاتحاد الوطني الكوردستاني تم التأكيد فيها على أن وزير العدل العراقي، خالد شواني اجتمع مع رئيس الوزراء العراقي وتقرر السماح للمزارعين الكورد بحصاد محاصيلهم.
حتى الآن لم يسمح لنا الجيش بالحصاد، العراقيل مستمرة وخيم المزارعين العرب في بلكانه
"بناء على طلب خالد شواني، كلف رئيس الوزراء العراقي قيادة العمليات بمعالجة المشكلة والسماح للمزارعين بحصاد محاصيلهم"، حسب وسائل إعلام الاتحاد الوطني.
محمد أمين، ممثل المزارعين الكورد في ناحية سركران قال لـ(كركوك ناو) اليوم، الاربعاء، 15 أيار، "حتى الآن لم يسمح لنا الجيش بالحصاد، العراقيل مستمرة وخيم المزارعين العرب في بلكانه لم تُزل ولا يسمحون لنا بحصاد محاصيلنا".
قسم من الأراضي الزراعية في ناحية سركران بقضاء الدبس –غربي كركوك- بالأخص قرى بلكانه، كابلة، خرابه، سربشاخ وشناغة لم تحسم ملكيتها، وتعود النزاعات على هذه الأراضي الى أكثر من 50 عاماً.
إبان فترة حملات التعريب التي كان ينفذها حزب البعث برئاسة صدام حسين، تعرض سكان القرى من الكورد للترحيل وتم توزيع أراضيهم على "العرب الوافدين" بموجب عقود زراعية.
بعد سقوط نظام البعث في 2003، عادت العوائل الكوردي المرحّلة الى مناطقها، فيما ترك العرب أراضيهم وعدوا الى مناطقهم الأصلية وسط وجنوب العراق، لكن بعد عودة الجيش العراقي لمنطقة في 2017، عاد العرب مجدداً وطالبوا بالتعويض واستعادة أراضيهم.
إجمالاً، لم تُحسم قضية ملكية 50 الة 60 ألف دون من الأراضي الزراعية متوزعة على خمس قرى ضمن حدود ناحية سركران.
ممثل المزراعين الكورد في سركران شدد عن طريق (كركوك ناو) على أن الكورد لديهم وثائق (طابو) تثبت ملكيتهم لأراضيهم وليسوا مستعدين للتخلي عنها بموجب أي قرار.
ويأتي ذلك في حين قال أحمد غزال، أحد شيوخ عشيرة الشمر في تصريح سابق لـ(كركوك ناو)، "لدينا وثائق رسمية من المحكمة ودائرة الزراعة والجهات المعنية الأخرى، هذه الأراضي ورثناها من آبائنا وأجدادنا، لكن العوائل الكوردية الموجودة في القرية ليس لديها أي وثائق أو مستمسكات".
منذ 2017، حسمت محكمة كركوك عدة قضايا تتعلق بملكية الأراضي الزراعية لصالح المزارعين العرب، منها تجديد العقود الزراعية التي تعود لفترة حكم حزب البعث، لكن قسماً من المزارعين الكورد يقولون أن العرب استخدموا وثائق ومستمسكات مزورة.
في ايار 2019، قال راكان سعيد، محافظ كركوك بالوكالة في مؤتمر صحفي أن "السكان الحاليين لقرية بلكانه من أهالي مهاباد الايرانية"، ودافع عن مساعي العوائل العربية للعودة.
منذ عام 2017، كانت هناك عشرات المحاولات من القبائل العربية للعودة والاستقرار في القرية.
تقع قرية بلكانه شمال غربي محافظة كركوك، يقطنها قرابة 25 عائلة، تبلغ مساحة أراضيها أكثر من 60 ألف دونم. أراضيها خصبة وغنية بالنفط .
نزاعات الملكية بين المزارعين الكورد والعرب تتجدد كل عام خلال موسم الحصاد في شهر أيار ، ما يؤدي الى تدخل الجيش ومنع المزارعين من الحصاد.
في أيار 2019، تقرر في اجتماع مشترك ضم محافظ كركوك بالوكالة، رئيس لجنة الزراعة في مجلس محافظة كركوك، قائممقام الدبس وممثلين عن مزارعي قرية بلكانه، تجميد الأراضي الزراعية، أي منع استخدامها من قبل أي طرف، لحين إيجاد حل قانوني وحسم ملكيتها.
وفقاً لبيان صدر في حينها من المحافظ، "المزارعون الكورد والعرب وافقوا"، وجاء هذا الاتفاق في مقابل السماح للمزارعين الكورد بحصاد محاصيلهم.
تفاقمت المشاكل بعد ذلك، حيث عاد المزارعون الكورد خلال العامين الماضيين لزراعة الأراضي التي تم تجميدها بمحاصيل الحنطة والشعير.
وصفي العاصي، أمير قبيلة العبيد والنائب في البرلمان العراقي عبر في بيان صدر عن مكتبه في 11 ايار دعمه للجيش العراقي وقال "نرفض التصريحات والمواقف السياسية التي تمس بالجيش العراقي في محافظة كركوك خاصة اثناء تأديتهم الواجب في منع وقوع توترات او استغلال سياسي لحقوق الفلاحين في منطقة بلكانه"، وجاء ذلك عقب بيان لنائب رئيس البرلمان العراقي شاخوان عبدالله اتهم فيه الجيش "بمنع المزارعين الكورد من الحصاد".
وأشار شاخوان عبدالله في البيان الى أنه "بعد منع الجيش مؤخراً المزارعين الكورد من الحصاد، تحدثت مع رئيس الوزراء يوم الأربعاء (8 ايار) وصدر كتاب موجه الى قيادة العمليات المشتركة في كركوك للسماح للمزارعين بحصاد محاصيلهم، لكن للأسف لم يصل الكتاب الى كركوك، لأي سبب كان".
وأضاف، "اليوم (السبت 11 أيار) استلمت قيادة العمليات المشتركة في كركوك الكتاب، ابتداءً من اليوم ستزال خيم المزارعين العرب في قرية بلكانه والمزارعون الكورد سيبدؤون بحصاد محاصيلهم".
رغم مرور ثلاثة ايام، لم يُنفذ القرار، في حين لم يتمكن (كركوك ناو) من الحصول على تصريحات من قيادة العمليات المشتركة في كركوك.
مزارعو بلكانه يطالبون بحلول جذرية، ويقول ممثل المزراعين الكورد، محمد أمين، "الوضع على وشك الانفجار، لأن 60 متراً فقط يفصل 100 مزارع عربي عن 300 مزارع كوردي في حالة احتجاج داخل قرية بلكانه، مع تواجد الجيش والقوات الأمنية الأخرى لمراقبة الوضع".