"أعتبر كل مكان كبيتي، أجمع النفايات، أريد أن أخدم البيئة"، هذا ما قالته شيلان أحمد (42 سنة) وهي تجمع المخلفات التي تركها وراءهم السياح في منتزه آزادي بمدينة السليمانية.
"ما أقوم به ليس جزءاً من فعالياتنا، بل روتين يومي في حياتي"، أينما حلت، يكون الحفاظ على البيئة وحمايتها أهم ما يشغل بال شيلان، سواء كان ذلك نشاطاً يومياً في حياتها أو في إطار عمل منظمتها المعنية بمجال البيئة.
تقيم شيلان في مدينة السليمانية وتترأس منظمة "شَمالي كوردستان" منذ سبع سنوات، وهي منظمة تعنى بنشر الوعي البيئي وتشجيع المواطنين للحفاظ على البيئة.
"هدف منظمتي العناية ببيئة كوردستان، نملك فريقاً من ستة أشخاص وننظم فعاليات بيئية".
خلال السنوات القليلة الماضية، كان للنساء حضور ملفت في الفعاليات البيئية. في عموم اقليم كوردستان هناك 260 منظمة مختصة بمجال البيئة، تترأس النساء 41 منها، ويتسنمن مناصب وأدوار في عشرات غيرها، بحسب احصائية لدائرة المنظمات غير الحكومية في الاقليم.
كما أن هناك نساء ناشطات يلعبن ادواراً مهمة في مجال البيئة خارج نطاق المنظمات. شكوفه محمد، ناشطة بيئية بكركوك تعمل في هذا المجال منذ 19 سنة.
قصة شكوفه بدأت حين كانت في سن مبكر جداً، تقول شكوفه، "حين كنت طفلة، اعتدت أن أرافق والدي لبستاننا للاعتناء بالأشجار والزهور، منذ ذلك الحين بدأ حبي للبيئة، وحين كبرت قررت أن أتطوع للعمل في هذا المجال وأسعى لزيادة المساحات الخضراء في مدينتي".
أطلقت شكوفه أول حملة تشجير في حي سيكانيان عند مدخل مدينة كركوك الغنية بالنفط عام 2010.
الحملة اصبحت محل إشادة من قبل الجميع، بالأخص رجال الدين، منظمات المجتمع المدني والفرق التطوعية.
الفعاليات البيئية والمنظمات العاملة في مجال البيئة ليس لها تاريخ طويل في اقليم كوردستان/ لكن التغيرات المناخية السريعة جعلت وجودها ضرورة ملحة.
يعود تأسيس أول منظمة بيئية في كوردستان الى ما قبل 33 عام حين تم تأسيس جمعية كوردستان الخضراء (كوردستاني سَوز) في 16 تشرين ألأول 1991 من قبل مجموعة ناشطين في مدينة السليمانية.
بلدية السليمانية مع أنها لا تدعمنا مادياً، غالباً ما تمنعنا من تنفيذ أنشطتنا وتخلق الحجج، نواجه هذه المشاكل مراراً
المنظمة تواصل عملها في محورين رئيسيين، زيادة المساحات الخضراء ونشر الوعي البيئي.
المنظمة التي تترأسها شيلان تعمل وفق نفس المبدأ، خلال سبع سنوات من عمر المنظمة، أقامت العديد من الفعاليات البيئية، كانت أغلبها حملات تنظيف وتشجير في السليمانية.
"أحب الفعاليات الخاصة بالتشجير، لأن الخضرة تعني تحسن بيئة المدينة". إحدى فعاليات شيلان البيئية تضمنت غرس ألف شجرة بلوط على جبل كويزة بأطراف السليمانية.
وفقاً لإحصائيات وتحذيرات الأمم المتحدة، يأتي العراق في المركز الخامس بين البلدان الأكثر تأثراً بتداعيات التغيرات المناخية.
وزير البيئة العراقي، نزار آميدي، قال لـ(كركوك ناو) خلال قمة تغير المناخ (كوب 28) التي أقيمت العام الماضي بدبي، "سنوياً تسجل اعلى معدلات درجات الحرارة في العراق، من الجلي أن العراق متأثر بشك كبير بالتغيرات المناخية"، واضاف، " ارتفاع درجة حرارة الأرض أدى مباشرة الى اختلال النظام البيئي بأكمله، الأرض واقعة تحت تأثير النشاطات البشرية، نحن من تجاوزنا على مكونات الأرض لذا اختلّ النظام بأكمله".
تقول النساء العاملات في مجال البيئة بأنهن يشعرن بمخاطر تغير المناخ وزيادة نسبة التلوث البيئي، لذا يعملن بجد لتخفيف التداعيات.
خلال الصيف الجاري، زرعت شكوفه 2000 شجرة داخل مدينة كركوك أهدتها لها هيئة حماية البيئة في اقليم كوردستان.
"اخترت الأشجار وفقاً لمدى ملائمتها وتحملها لبيئة كركوك، بحيث لها القدرة على تحمل الجفاف ودرجات الحرارة العالية".
العديد من العراقيل تقف أمام الناشطين والمنظمات البيئية، منها المعوقات المادية وأحياناً المنع من أداء مهامها بسبب عدم فهم بعض الجهات لطبيعة عملها.
تقول شيلان، "بلدية السليمانية مع أنها لا تدعمنا مادياً، غالباً ما تمنعنا من تنفيذ أنشطتنا وتخلق الحجج، نواجه هذه المشاكل مراراً".
إعادة الاستخدام مهمة أخرى يضطلع بها قسم آخر من النساء بهدف منع تلوث البيئة، فشكوفه حولت عبوة اللبن الى آنية زهور.
حول عمل النساء في مجال البيئة تقول شيلان أحمد، "ما لم نقرر جميعنا الحفاظ على البيئة لن تكون لدينا بيئة صحية، النساء رائدات في هذا المجال لأنهن يفهمن البيئة أكثر من غيرهن".
هذه المادة انتجت في إطار برنامج "توسيع دور المرأة في تغطية القضايا البيئية". البرنامج ينفذ من قبل مؤسسة (كركوك ناو) بدعم وتمويل من وزارة خارجية جمهورية ألمانيا الاتحادية.