إن كانت الحياة في مخيمات النازحين صعبة لساكنيها فهي أصعب بمرات للعوائل التي لديها اطفال مصابين بالثلاسيميا أو التوحد.
هذه العوائل تعاني من التكاليف الباهظة للعلاج من جهة وضغوط التعامل اليومي للأطفال المصابين بالتوحد مع المحيطين بهم.
إقبال سليمان، أم لستة أطفال، اثنان منهم مصابان بالثلاسيميا (بنت في الـ10 وولد في الـ8 من العمر)، كلاهما بحاجة لإجراء عملية، لكن الحالة المادية المتردية لذويهم حالت حتى الآن من إجرائها.
تقول اقبال بأن التكاليف الشهرية لعلاج لطفليها المصابين تصل الى 400 ألف دينار، وتضيف "الشهر الماضي صرفت 300 ألف دينار لمراجعة الأطباء وشراء الأدوية لابنتي، الدور حان على ابني لكنني أجلت ذلك لأني لا أملك المال الكافي".
فضلاً عن وجود 20 طفل مصاب بالثلاسيميا في المخيم، هناك خمس حالات إصابة بالتوحد
عائلة اقبال تقيم في مخيم "خانكي" للنازحين بمحافظة دهوك، حيث يوجد أكثر من 20 طفل مصاب بمرض الثلاسيميا.
"زوجي عامل بناء، دخلنا الوحيد هو راتب الرعاية الاجتماعية الذي يصرف لهذين الطفلين، وهو لا يكفي لشراء الأدوية"، وأضافت، "الأطباء قالوا بأن كليهما بحاجة لإجراء عملية جراحية خارج البلد تكلف كل واحدة منها 80 ألف دولار... ليس بأيدينا حيلة سوى انتظار رحمة الله".
وفقاً لإحصائية أجرتها جمعية الثلاسيميا في دهوك عام 2023 لسكان المخيمات، تبين أن عدد المصابين بالثلاسيميا داخل المخيمات يفوق 340 شخص، لكن العدد تراجع الى النصف بعد عودة قسم من النازحين الى مناطقهم الأصلية، كما يوجد ألف و200 مصاب بالتوحد في دهوك يعيش قسم منهم في المخيمات.
يعتبر التوحد من اعقد الحالات التي تصيب ذوي الاحتياجات الخاصة، وهو عبارة عن حالة ترتبط بنمو الدماغ وتؤثر على كيفية تمييز الشخص للآخرين والتعامل معهم على المستوى الاجتماعي، مما يتسبب في حدوث مشكلات في التفاعل والتواصل الاجتماعي.
بير علو كجل، مدير مخيم خانكي قال لـ(كركوك ناو)، "فضلاً عن وجود 20 طفل مصاب بالثلاسيميا في المخيم، هناك خمس حالات إصابة بالتوحد".
وأشار علو الى أن "مؤسسة البارزاني الخيرية تقدم لهم بعض المساعدات بين حين وآخر، لكن بصورة عامة انحسرت المساعدات التي كانت تقدمها المنظمات والحكومة، أي منظمة أو جهة تزورنا، نطلعها على الحالات الموجودة في المخيم".
محي الدين عبدالله، رئيس جمعية الثلاسيميا في دهوك قال لـ(كركوك ناو)، إن "قسم من المصابين تصرف لهم الحكومة مبلغ 150 ألف دينار شهرياً، في حين لم يستلم آخرون هذا الراتب رغم إكمالهم المعاملات الخاصة به".
"لا شك أن كل عائلة لديها أفراد مصابين بالثلاسيميا والتوحد بحاجة للمساعدة لتأمين الأدوية والاحتياجات الأخرى للمصابين، نحن نبذل ما بوسعنا عن طريق الحكومة، وسنواصل العمل".
توجد مراكز حكومية لتأهيل المصابين بالتوحد وتحسين مهاراتهم الاجتماعية، لكن المخيمات تفتقر لهذه المراكز، الأمر الذي يزيد من معاناة العوائل النازحة.
يقول رئيس جمعية التوحد في كوردستان، كمال جباري في تصريح سابق لـ(كركوك ناو) إن "أوضاع العوائل التي لديها أطفال مصابين بالتوحد سيئة جداً، خدمات تأهيل أطفال التوحد في المراكز الأهلية مكلفة جداً وتتراوح بين 300 و 1200 دولار ويجب أن ينظم عملها من قبل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية".
الافراط في استخدام الأجهزة الذكية كالموبايل والتابلت في سن مبكرة جداً وكذلك تلوث البيئة والعوامل الوراثية من أبرز أسباب ازدياد حالات الاصابة بالتوح
حسن عبدالله، طبيب مختص بمجال أمراض التوحد ومدير مركز حكومي لعلاج المصابين بالثلاسيميا في دهوك عزا ازدياد حالات الإصابة بالثلاسيميا والتوحد في صفوف النازحين الى الإكثار من النسل، "هناك عوائل لديها اثنان أو ثلاثة مصابين بالتوحد، جزء من المشكلة يعود الى قلة الوعي، يجب توعيتهم لتجنب الزواج من أشخاص مصابين بهذه الأمراض".
"هناك حل وحيد لتقليل حالات الإصابة بالثلاسيميا، ألا وهو تشريع برلمان كوردستان لقانون يمنع الزواج بأشخاص يحملون هذا المرض... بخلاف ذلك ستزداد النسبة".
المتحدث باسم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في حكومة اقليم كوردستان قال إن متابعاتهم أظهرت أن الافراط في استخدام الأجهزة الذكية كالموبايل والتابلت في سن مبكرة جداً وكذلك تلوث البيئة والعوامل الوراثية من أبرز أسباب ازدياد حالات الاصابة بالتوحد بين الأطفال.