بعد أكثر من 50 عاماً، من المقرر أن تتم إعادة ما لا يقل عن 300 ألف دونم من الأراضي بقرار من البرلمان العراقي إلى أصحابها الأصليين في محافظة كركوك، فيما ستلغى عشرات الدعاوى المسجلة ضد المزارعين، مع ذلك يساور المزارعون الشكوك حول إمكانية تنفيذ القرار.
يوم الثلاثاء، 21 كانون الثاني 2025، حسم البرلمان العراقي ثلاثة قوانين وتعديلات قانونية مثيرة للجدل دون أي اتفاق أو توافق مسبق بين الشيعة، السنة، الكورد والتركمان، من ضمنها إقرار قانون إعادة العقارات المصادرة إلى أصحابها.
النائب أوميد محمد قال لـ(كركوك ناو) إن "إقرار قانون إعادة العقارات الى أصحابها المشمولة ببعض قرارات مجلس قيادة الثورة (المنحل)، يشمل كافة الأراضي التي حول مجلس قيادة الثورة ملكيتها إلى وزارات المالية، الدفاع، البلديات والنفط".
وأضاف، "إلى جانب الكورد والتركمان، سيستفيد قسم من العرب السنة من القرار، بالأخص الذين رفضوا إبان فترة حكم نظام البعث الإنتماء إلى ذلك الحزب ونتيجة لذلك صودرت أراضيهم".
مجلس قيادة الثورة (المنحل)، أصدر في سبعينات وثمانينات القرن الماضي جملة قرارات حول الأراضي الزراعية، بالأخص في المناطق المتنازع عليها، تضمنت توزيع الأراضي على الوزارات التي أعادت بدورها توزيعها على المزارعين بموجب عقود.
وفقاً لتقديرات المحامين في قضايا نزاعات الملكية والمزارعين أنفسهم، صودر ما لا يقل عن 300 ألف دونم من الأراضي الزراعية من أصحابها.
وقال أوميد، "الكورد والتركمان كان لهم نصيب الأسد في مصادرة الأراضي".
الأراضي المشمولة بالقرار
وأشار النائب أوميد محمد إلى أن "القرار لا يشمل إعادة الأراضي التي تمر عبرها أنابيب نفطية، حيث ستبقى ملكية الأراضي بمسافة 100 متر على جانبي الأنابيب النفطية لوزارة النفط".
كما أوضح بأن القرار لا يشمل أيضاً الأراضي التي أنشأت عليها معسكرات، من ضمنها قاعدة كي-وان العسكرية ومعسكر خالد.
وجاء في القانون بأن "القرار لا يشمل الأراضي التي منحت الحكومة تعويضات لأصحابها مقابل استخدامها... ولا يشمل أيضاً الأراضي المخصصة للمصلحة العامة".
ساطح ناصح، ممثل مزارعي قرية طوبزاوا، عبر عن سعادته بصدور القانون وقال، "كان ذلك أحد مطالبنا الرئيسية خلال العقدين الماضيين... صدور القرار خطوة مهمة، لكن الأهم هو تنفيذه".
عقب صدور، شدد ممثل مزارعي طوبزاوا على أنه تحدث مع وزير العدل العراقي، خالد شواني وأخبره بأن القانون لا يشمل أراضي قاعدة كي-وان العسكرية، مطار كركوك وقاعدة الحليوة".
حول مصير خمسة آلاف دونم من الأراضي التي استولى عليها الجيش العراقي بحجة أن ملكيتها تعود لوزارة الدفاع، قال ساطح ناصح إن "وزير العدل أخبره بأن هذه الأراضي ومقر قيادة العمليات المشتركة وقيادة الفرقة 11 للجيش التي أنشأت مقرها على مساحة 600 دونماً ستعود إلى أصحابها".
استنكار وترحيب
رحبت قيادات الأحزاب الكوردية والجبهة التركمانية بالقرار ووصفوه بـ"انتصار كبير"، لكن بعض الأطراف العربية وصفت إقرار القانون بـ"غير القانوني".
هيئة المناطق الكوردستانية خارج إدارة اقليم كوردستان شددت في بيان بالقول، "نعتقد بأننا حققنا هدفاً كبيراً، كرسنا له جهودنا في أربيل وبغداد منذ مدة طويلة... هذه الخطوة ستعزز العمل المشترك بين مكونات العراق وتوسع فضاء الثقة بين الأطراف السياسية".
النائب عن محافظة كركوك، وصفي العاصي، عَبر في مقطع فيديو استنكاره لإقرار قانون إعادة العقارات لأصحابها ووصف عملية التصويت بـ"غير القانونية"، وقال بأنهم سيلجؤون للمحكمة الاتحادية لإعادة النظر في موضوع التصويت على القانون الذي يرى بأنه حدثت فيه مخالفات قانونية.
"بالتأكيد ستكون نتائج المحكمة ايجابية وفي مصلحتكم"، حسبما قال العاصي مخاطباً عرب كركوك.
بموجب الدستور العراقي، يجب أن يتم توقيع أو رفض أي قانون أو قرار يصدر من مجلس النواب من قبل رئاسة الجمهورية خلال 15 يوماً، ومن ثم يتم نشره في جريدة "الوقائع" العراقية خلال 30 يوماً، قبل أن تبدأ الوزارات المعنية بإصدار التعليمات الخاصة بتنفيذه.
خلال السنوات الماضية، تعرض العشرات من المزارعين للإعتقال والمحاكمة بعد أن سجلت ضدهم دعاوى من قبل الجيش العراقي بسبب استخدامهم لتلك الأراضي لأغراض الزراعة.
شكار مردان، محامي سُكان قرية طوبزاوا في كركوك قال إن "الجيش العراقي سجل دعاوى بتهمة التجاوز على الأملاك، لأن الجيش يعتبر تلك الأراضي ملكاً لوزارة الدفاع، لذا سيتم إلغاء كافة الدعاوى بالتزامن مع تنفيذ القانون".
لكنة أشار إلى أنه من الضروري حينها "أن يتم إخطار المحكمة بشكل رسمي حول صدور هذا القانون عن طريق دائرة التسجيل العقاري في كركوك".
وقال ناصح، "اعتقلنا مرات عديدة بناءً على دعاوى سجلت من قبل الجيش ولا تزال قضايانا في المحكمة، نطلب إلغاء الدعاوى منذ الآن".
حول الأراضي التي حولت ملكيتها لوزارتي الدفاع والبلديات والنفط قال المحامي إن بإمكان أصحابها تسجيل دعاوى والمطالبة بتعويضات.
حسب القانون، يتوجب على الحكومة تقصي كيفية منح تعويضات عن الأراضي التي حولت إلى وحدات سكنية.
عامر محمد، مزارع تركماني في قرية يحياوا، صودرت أراضيه منذ عام 1975 ووزعت على العرب الوافدين، قال "المزارعون العرب يقولون لدينا عقود رسمية وهذه الأراضي من حقنا".
وأضاف، "صدور القانون أثلج قلوبنا".