"يطلبون مني مبلغ 50 مليون دينار كتعويض لاستخدامي أراضيّ الزراعية"، هذا ما قاله فرهاد حميد، مزارع في قرية تبه سوز بقضاء طوزخورماتو لـ(كركوك ناو)، بعد أن داهم قريته عدد من المزارعين العرب مرتين خلال الأسبوع الماضي وبرفقتهم شهود قضاة، شرطة وشهود عيان.
بحسب فرهاد خلال المرتين أجري مسح لأراضيهم وذلك في إطار متابعة شكاوى سجلها المزارعون العرب.
وذكر المزارعون في شكاواهم بأن لديهم عقوداً زراعية لتلك الأراضي ويطالبون بتعويضات مقابل استخدام هذه الأراضي على مدار العقدين الماضيين من قبل الكورد، لكن المزارعين الكورد يشددون على ملكيتهم للأراضي وبأنه تم ترحيلهم قسراً أواخر ثمانينات القرن الماضي.
تعود جذور المشكلة لأربعة عقود أو أكثر، حين صُدرت آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية من المزارعين الكورد والتركمان في عدة محافظات عراقية بموجب قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل خلال فترة حكم نظام البعث، وتم توزيعها على المزارعين العرب بموجب عقود.
وقال فرهاد حميد، "في عام 1987 دمرت جكومة البعث قريتنا وأسكننا في أحد المجمعات القسرية بمنطقة آمرلي، خلال تلك الفترة تم توزيع أراضينا على المزارعين العرب بموجب عقود بقرار من مجلس قيادة الثورة وظلوا يستخدمونها حتى سقوط النظام البعثي في 2003".
بعد 2003 عاد المزارعون الكورد الى أراضيهم، لكن في عام 2017، حين أعادت القوات العراقية فرض سيطرتها على المناطق المتنازع عليها وأجبرت قوات البيشمركة والقوى الكوردية على الانسحاب، زادت رغبة المزارعين العرب لاستعادة الأراضي وسجلوا عشرات الشكاوى لاستعادة الأراضي أو الحصول على تعويضات بموجب قرارات مجلس قيادة الثورة.
يقول فرهاد، "يطلبون مني تعويضاً قدره 50 مليون دينار نظير استخدامي الأراضي لأغراض الزراعة طوال 20 عاماً، الشكوى سجلت في محكمة طوزخورماتو ولم تحسم حتى الآن".
في قضاء طوزخورماتو، توجد نزاعات حول ملكية 52 قطعة أرض زراعية، كل قطعة بحسب مدير زراعة طوزخورماتو، علي جلال، تتراوح مساحتها بين 20 و40 دونم.
يعاني ما لا يقل عن 40 مزارع في قرية "تبة سوز" من مشاكل تتعلق بملكية الأراضي، فضلاً عن مئات القرى الأخرى في المحافظات التي تقع ضمنها مناطق متنازع عليها.
فرهاديملك 60 دونم من الأراضي الزراعية التي لم يحسم النزاع حول ملكيتها فضلاً عن 400 دونم تعود ملكيتها لآبائه وأجداده.
"هذا هو حالنا منذ أحداث 16 أكتوبر 2017، وقعت بيننا صدامات عدة مرات دون أن تحسم هذه المشكلة".
جريدة الوقائع العراقية نشرت في عددها 4814 بتاريخ 17 شباط 2025 قانون إعادة العقارات الى أصحابها والذي ألغت بموجبه كافة قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل بخصوص أراضي المزارعين، بذلك يدخل القانون مباشرة حيز التنفيذ.
مدير زراعة قضاء طوزخورماتو، علي جلال، قال لـ(كركوك ناو) إن "المشكلة حساسة جداً وقد أسفرت عن صدامات بين الجانبين في أكثر من مناسبة.. المزارعون العرب يقولون بأنهم حينما نزحوا، تم استخدام أراضيهم من قبل المزارعين الكورد لذا يطالبون الآن بتعويضات".
علي جلال، وهو من المكون العربي، قال إن "العرب يقولون بأن لديهم عقوداً زراعية وأن الأراضي ملك لهم، في المقابل يقول الكورد بأن ملكية الأراضي تعود لهم وأن العرب استغلوا الوضع واستخدموها للزراعة".
حول إمكانية فض النزاعات بالقانون الجديد، قال مدير زراعة الطوز، "القانون صدر وأعتقد بأنه يستطيع حل هذه النزاعات، لكن لم تصلنا أي تعليمات حتى الآن حول كيفية تنفيذه".
فرهاد حميد أبدى أيضاً تفاؤله بصدور القانون لكنه قال "لا أعتقد بأن المحاكم بدأت العمل بالقانون لأن الشكاوى التي سجلها المزارعون العرب مستندة الى قرارات مجلس قيادة الثورة".
وكان عدد من نواب البرلمان قد صرحوا لـ(كركوك ناو) بأن القانون الجديد يعني إلغاء كافة الشكاوى التي سجلت في المحاكم العراقية بخصوص قضية الأراضي الزراعية.
جمال جلال، مزارع آخر من قرية تبه سوز قال "لقد سئمنا، في كل مرة يحاولون طردنا من أراضينا وأملاكنا".
عضو مجلس محافظة صلاح الدين وممثل طوزخورماتو في المجلس قال لـ(كركوك ناو)، ياسين محمد، "لدي علم بتجدد النزاعات، هناك سبع قرى في طوزخورماتو تعاني من نفس المشكلة، حيث صودرت الأراضي الزراعية من أصحابها الأصليين من الكورد، التركمان والعرب وتم توزيعها على مزارعين آخرين بموجب عقود زراعية".
وأشار ياسين على إلى أنه تواصل مع مدير الزراعة ومن المقرر أن يجتمعوا بشأن هذه القضية، لكنه قال إن "الحل هو إرسال التعليمات الخاصة بقانون إعادة العقارات الى أصحابها الى كافة المحافظات من أجل تنفيذها".
وأضاف، "فضلاً عن الكورد والتركمان، سيستفيد العرب أيضاً من القانون، لأن بينهم أيضاً من صودرت أراضيه".