إدارة كركوك ترفض الكشف عن الموازنة المخصصة لشراء "مركبات فارهة" لأعضاء مجلس المحافظة

كركوك/ 14 تشرين الأول 2024/ اجتماع لمجلس محافظة كركوك تصوير: إعلام المجلس

ليلى أحمد

يرفض ديوان محافظة كركوك الكشف عن وصولات وتفاصيل شراء عدد من المركبات الفارهة من نوع شيفروليت-تاهو لأعضاء مجلس المحافظة، ولم يتضح ضمن أي موازنة تمت عملية الشراء، فيما أثارت هذه الخطوة سخط أعضاء المجلس من جبهة المقاطعين الذين لم تُشترى لهم هذه المركبات.

عقود شراء المركبات، بحسب عضو مجلس المحافظة، أحمد كركوكي كلفت "2 مليار و629 مليون دينار ل16 مركبة لجميع اعضاء مجلس المحافظة"، نظرا لأن سعر كل مركبة 164 مليون دينار (أكثر من 100 ألف دولار)، وصلت ثمانية منها فقط.

عضو مجلس المحافظة من كتلة الحزب الديمقراطي الكوردستاني، شوخان حسيب، قالت إن "تسعة من أعضاء المجلس لم يحصلوا على مركبات"، وبحسب المعلومات التي حصل عليها موقع (كركوك ناو)، من بين الأعضاء التسعة، سبعة منهم من جبهة المعارضة والاثنان الآخران أحدهما رئيس مجلس المحافظة الذي يعتقد بأنه رفض بنفسه استلامها.

طريقة التوزيع الذي جرت في منح المركبات وحرمان أعضاء جبهة المقاطعين منها وعدم كشف تفاصيل الشراء قسّّم أعضاء المجلس إلى جبهتين.

مجالس المحافظات، وفقاً لواجباتها، يجب أن تتولى مهمة الرقابة على الحكومات المحلية، لكن دورها في كركوك بات قيد الاختبار وذلك بعد الكشف عن شراء عدد من المركبات الفارهة لأعضاء المجلس دون أن تعلن الحكومة المحلية عن التفاصيل.

عضو مجلس المحافظة من كتلة كركوك قوتنا وإرادتنا، بروين فاتح، قالت إن "استلام المركبات أمر اعتيادي ومن حقنا لأننا موظفون في الدولة، لسنا أول من يستلم مركبات ولن نكون الأخير، "كل موظف حكومي في حيازته مركبة وفقاً للمنصب الذي يشغله".

فيما يخص تفاصيل شراء المركبات وتخصيص موازنة لها شددت بروين فاتح قائلةً، "يمكنكم الاستفسار من المحافظ حول موضوع شراء المركبات، هذا ليس ضمن اختصاص عملي فأنا في قسم الحسابات ولست ضمن لجنة الشراء".

ويأتي ذلك في الوقت الذي تنهال فيه الانتقادات منذ أيام على الحكومة المحلية ومجلس المحافظة على مواقع التواصل الاجتماعي حيث يتم اتهامهم بشراء المركبات ضمن "موازنة البترودولار"، الأمر الذي دفع بعض أعضاء المجلس لتقصي الحقيقة بشأن الموازنة التي خصصت لشراء المركبات دون أن يحصلوا على رد من الحكومة.

شوخان حسيب شددت على أن جميع أعضاء المجلس يجب أن يعاملوا بالمثل ويجب أن يحصل الأعضاء الـ16 على المركبات، لكنها قالت، "لا أعلم سعر كل مركبة وكيف تم شراؤها، طلبنا الكشف عن وصولات الشراء والشركة التي اشتُريت منها المركبات لكنهم يرفضون إعلامنا بالحقيقة".

Kirkuk.18.3.2025
كركوك/ 18 آذار 2025/ محافظ كركوك، ريبوار طه، مع عدد من أعضاء مجلس المحافظة    تصوير: إعلام المجلس

يوم الاثنين، 7 نيسان، أثناء زيارة محافظ كركوك، ريبوار طه ومعاون المحافظ، قاسم إبراهيم عدداً من أعضاء المجلس لتهنئتهم بمناسبة عيد الفطر، أوضح بشأن الأعضاء الذين لم يحصلوا على المركبات بالقول، "تأخر حصولهم عليها بسبب وجود بعض المشاكل في الشركة لكنهم سيحصلون عليها لاحقاً"، بحسب شوخان حسيب.

شوخان حسيب طلبت في نفس اليوم من المحافظ ومعاونه الكشف عن اسم الشركة التي اشتريت منها المركبات لكنهما رفضا الكشف عن اسمها. لكن المحافظ اكتفى بالقول إن "المبلغ المخصص لشراء المركبات من موازنة الدولة ولا علاقة له بموازنة البترودولار".

 المادة 17 من قانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم، يستحق عضو المجلس في مقابل خدمته ما يتقاضاه المدير العام من رواتب شهرية ومخصصات وامتيازات أخرى كالمركبات لأداء مهامهم لكن الانتقادات المتعلقة بشراء مركبات جديدة لأعضاء مجلس محافظة كركوك تخص عدم استعداد ديوان المحافظة لكشف تفاصيل الموازنة المخصصة لشرائها ووجود تمييز بين أعضاء المجلس في توزيعها.

المحامي هزار كاكائي، أحد الأشخاص الذين يكتبون عن مجلس محافظة كركوك وأداء أعضاء المجلس بصفة مراقب، قال "يجب التحقيق في قضية شراء المركبات لأعضاء المجلس لأنه على سبيل المثال ماذا حل بالعدد الكبير من المركبات التي خصصت للأعضاء السابقين، هل هي باقية أم ماذا حل بها، إن كانت هذه المركبات غير ضرورية لماذا تم شراء مركبات جديدة، يجب على مجلس المحافظة ان يعلم بذلك، وإلا سيندرج الأمر ضمن هدر الأموال العامة والفساد ويجب اتخاذ إجراءات قانونية حيال القضية".

 الدورة السابقة لمجلس محافظة كركوك كانت تضم 41 عضواً منح لكل واحد منهم مركبة خاصة، قبل أن يتم حل مجالس المحافظات في 2019 بقرار من البرلمان العراقي.

وشدد هزار كاكائي على أن للمجلس صلاحية ممارسة الدور الرقابي ويجب أن يكون على إطلاع بتفاصيل شراء المركبات وأسعارها والموازنة التي أجريت بموجبها عقود الشراء، "لأنه بموجب القانون، موازنة البترودولار مخصصة للمشاريع الخدمية في مجالات الصحة، البيئة وغيرها وليس لشراء المركبات"، بالرغم من أنه لم يتضح حتى الآن من أي موازنة تم شراء المركبات.

عضو مجلس المحافظة من كتلة الاتحاد الوطني الكوردستاني، نشأت شاهويز، قال لـ(كركوك ناو) "ليس لدي أي معلومات حول سعر المركبات، يمكنكم الاستفسار من ديوان المحافظة، كافة المعلومات وتفاصيل شراء المركبات عند معاون المحافظ".

رئيس كتلة الديمقراطي الكوردستاني، حسن مجيد، نفى أيضاً إطلاعه على التفاصيل.

معاون محافظ كركوك، قاسم إبراهيم، الذي قام بشراء المركبات وهو أيضاً شقيق رئيس مجلس المحافظة، محمد إبراهيم، لم يرد على اتصالات (كركوك ناو)، فبعد أن أرسلت له رسالة عن طريق الواتساب اكتفى بالقول "أهلاً وسهلاً".

وقال هزار كاكائي، "لا يعقل أن لا يعلم مجلس المحافظة من أي موازنة تم شراء المركبات، لأن مهمتها تتمثل بالرقابة، لا يمكن أن لا تعطي الحكومة المحلية كسلطة تنفيذية المعلومات للمجلس، لكن هذا يحدث في كركوك".

 مسؤول إعلام ديوان محافظة كركوك، مروان العاني، قال بخصوص شراء المركبات، "ليس لدي أي معلومات عن الموضوع".

من الانتقادات الأخرى الموجهة لمحافظ كركوك والحكومة المحلية سعيه لاستخدام موضوع منح المركبات لأعضاء المجلس كورقة ضغط ضد الأعضاء المقاطعين لجلسات مجلس المحافظة.

شوخان حسيب وكتلتها (الحزب الديمقراطي الكوردستاني) التي ترفض الاعتراف بالحكومة المحلية برئاسة ريبوار طه، قال "استفسرنا عن سبب عدم منح المركبات لجميع أعضاء المجلس، هناك معلومات تفيد بأن المركبات تم شراؤها لنا أيضاً وبانتظار أن نستلمها، لكنهم أرادوا استخدام الموضوع كورقة ضغط، "لكي نعود للاجتماعات، لكنهم لم ينجحوا في ذلك".

سبعة من أعضاء المجلس (اثنان من الديمقراطي الكوردستاني، ثلاثة من التحالف العربي واثنان من الجبهة التركمانية) يعتبرون تشكيل الحكومة المحلية غير قانوني، وجميعهم لم يستلموا مركبات التاهو.

 من بين الأعضاء السبعة، ستة منهم لم يشاركوا في أي جلسة منذ تشكيل الحكومة المحلية في آب 2014.

   وقالت شوخان، "إذا لم نحصل على رد من ديوان المحافظة خلال أسبوع بشأن السبب وراء عدم منح المركبات على جميع أعضاء المجلس، أو لماذا يستخدم المحافظ الموازنة التي حددت لمجلس المحافظة بصورة مغايرة، سنتخذ الإجراءات القانونية بحقهم"، وأضافت، "نريد أن يطلعونا على وصولات الشراء وكيفية صرف المبلغ، لأننا جهة رقابية".

 عضو مجلس المحافظة أحمد كركوكي، قال في مقطع فيديو نشره في صفحته على موقع فيسبوك حول الموازنة المخصصة لشراء المركبات، "المركبات لم يتم شراؤها من موازنة البترودولار، بل من واردات جمارك كركوك"، وشدد على أنه، "بموجب القانون ووفقاً للفقرة ثانياً من المادة 21 من قانون الموازنة، " تخصص نسبة خمسين بالمائة من إيرادات المنافذ الحدودية للمحافظات التي توجد فيها هذه المنافذ".

وأضاف، "من بين الخمسين بالمائة، تخصص نسبة 20 بالمائة للمنفذ الحدودي و30 بالمائة تعود لديوان المحافظة وقد تم شراء المركبات من هذه الـ30 بالمائة، وزارة المالية وافقت على تخصيص المبلغ وقدره 2 مليار و629 مليون دينار.

وأوضح بأن 16 مركبة قد تم شراؤها لجميع أعضاء المجلس، ثمانية منها وصلت وتم إمهال الشركة حتى 5 أيلول المقبل لجلب المركبات الثمانية الأخرى".

وقالت بروين فاتح، "حتى الأعضاء المقاطعون لاجتماعات المجلس من حقهم الحصول على مركبات، لكنهم لم يستلموها أو لم تُمنح لهم حتى الآن ولا أعلم لماذا، يجب أن نعلم أيضاً بأن ملكية هذه المركبات تعود للحكومة وستعاد إليها بعد أربع سنوات".

لكن هزار كاكائي لديه رأي آخر ويرى بأن "كل شيء اختلط في كركوك فيما يخص السلطة التنفيذية، الرقابية والتشريعية وفي هذه الحالة يجب أن تكون هيئة النزاهة مستقلة وتتدخل في القضية".

وأضاف، "إن كان لدينا مجلس قوي، سيكون بمقدوره اتخاذ أي اجراءات ضد المحافظ في حال رفضه إطلاعه على المعلومات".

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT