أطلقت القوات الأمنية في مدينة السليمانية حملة اعتقالات واسعة وارتكبت انتهاكات بحق عدد من الصحفيين، الناشطين، التروبويين، الموظفين والبرلمانيين، بعد محاولات لتنظيم تظاهرة صباح اليوم، الخميس 26 حزيران، في مدينة السليمانية.
الحملة التي بدأت منذ يومين وتوسع نطاقها اليوم، تزامن مع نشر مكثف للقوات الأمنية في الشوارع الرئيسية والأماكن التي كان يُخشى أن تنظم فيها تظاهرات.
منتصف الأسبوع الحالي، حدد التربويون وموظفو الدوائر الحكومية في مؤتمر صحفي يوم الخميس، 26 حزيران، موعداً للخروج في تظاهرة احتجاجاً على تأخر صرف الرواتب، حيث لم يتم حتى الآن صرف رواتب شهر أيار 2025.
عقب المؤتمر الصحفي، دعت اللجنة الأمنية في محافظة السليمانية في بيان إلى تأجيل التظاهرة معتبراً التوقيت "غير مناسباً" بسبب "الأوضاع الحساسة التي تمر بها المنطقة".
بعد صدور البيان، أطلقت الأجهزة الأمنية في السليمانية في وقت متأخر من ليلة 24 حزيران حملة اعتقالات استهدفت منظمي التظاهرات، معظمهم من التدريسيين، وفي اليوم التالي جرى اعتقال عدد من الموظفين المتقاعدين الذين أعربوا عن دعمهم واستعدادهم للمشاركة في التظاهرة.
الحملة جاءت بعد أن عبر عدد من أحزاب المعارضة في اقليم كوردستان عن استعدادها للمشاركة في التظاهرة، من ضمنهم تيار الموقف (هلويست)، جبهة الشعب وجماعة العدل.
رئيس جبهة الشعب، لاهور جنكي، قال خلال استقباله لمجموعة من التروبويين والموظفين في 24 حزيران، "أحزاب السلطة يجب أن تعلم أن الوضع وصل مرحلة لم يعد بمقدور المواطنين المطالبة بحقوقهم بصورة سلمية بل ستكون لهم ردود فعل أخرى تجاه هذه الأحزاب، حينها سنكون في المقدمة للمطالبة بالتغيير الشامل".
تيار الموقف (هلويست) الذي يملك أربعة مقاعد في برلمان اقليم كوردستان، وقرر الإنضمام إلى التظاهرة ونتيجة لذلك اعتقلت القوات الأمنية 13 من أعضاء التيار، خمسة منهم كانوا متواجدين أما مقر التيار في السليمانية بحسب بيان للتيار.
رئيس تيار الموقف، علي حمه صالح، قال في مؤتمر صحفي عقد يوم الأربعاء 25 حزيران، "يا ترى لماذا الأوضاع ملائمة لتهريب النفط لكن ليس لتنظيم تظاهرة..."، وأضاف "الاتحاد الوطني يحصل شهرياً على 50 مليون دولار والحزب الديمقراطي الكوردستاني على 200 مليون دولار من تهريب النفط، لن نقبل باستقطاع الرواتب".
وحول اعتقال عدد من أعضائه شدد بيان للتيار على أن "رفاقنا أرادوا لبمطالبة بحقوقهم وحقوق كافة موظفي كوردستان بصورة مدنية"، وحمّل البيان الأجهزة الأمنية التابعة لليكتي (الاتحاد الوطني الكوردستاني) مسؤولية سلامة أعضائه المعتقلين.
حكومة اقليم كوردستان التي تتهم باستمرار الحكومة الاتحادية بعدم تمويل رواتب موظفيها، لم تتخذ أي خطوات عملية لمعالجة أزمة الرواتب في الاجتماع الذي عقدته يوم الأربعاء 25 حزيران، حيث تم التشديدي فيه على إعادة النظر بالإيرادات والمصاريف التشغيلية للوزارت والمؤسسات الحكومية.
رئيس حكومة الإقليم، مسرور بارزاني، وجّه في مؤتمر صحفي شكره وامتنانه لـ"صبر وصمود" الموظفين والمواطنين في اقليم كوردستان بسبب تأخر الرواتب واتهم مجدداً الحكومة العراقية بعدم إرسال مستحقات الإقليم المالية.
ويأتي ذلك في حين علّقت الحكومة العراقية منذ قرابة شهر محادثاتها مع حكومة الإقليم بشأن رواتب موظفي الإقليم لأنها تقول بأن حكومة الإقليم لم تلتزم بتسليم الإيرادات والذي يعد أحد شروط تمويل رواتب الوظفين.
صباح اليوم، الخميس، الذي تم تحديده للخروج في التظاهرة، تم نشر القوات الأمنية وعشرات المركبات العسكرية في شوارع السليمانية، كما انطلقت حملة لإعتقال الصحفيين ومصادرة معداتهم.
قناة زوم الفضائية، المملوكة من قبل جبهة الشعب –برئاسة لاهور جنكي-، أشارت إلى اعتقال اثنين من فرقها أثناء توجههم لتغطية التظاهرة.
كان من المقرر أن تنظم التظاهرة أمام مديريات التربية.
قناة بيام الفضائية –تابعة لجماعة العدل- نشرت بأن أعضاء أحد فرقها الصحفية اعتقوا من قبل القوات الأمنية، إضافة إلى فريق صحفي لتيار الموقف، أربعة أعضاء من فريق قناة سبيده، اثنين من صحفيي مؤسسة مورال، صحفية تعمل لمؤسسة ديبلوماتيك وعدد من الصحفيين المستقلين.
رئيس فرع السليمانية لنقابة صحفيي كوردستان، كاروان أنور، قال في بيان إن "عدداً من الإعلاميين اعتقلوا، بعد التقصي والمطالبة بإطلاق سراحهم، تقرر قبل قليل إخلاء سبيلهم بعد تناول وجبة الغداء".
تأتي هذه الانتهاكات في الوقت الذي تنص فيه الفقرة الأولى من المادة السابعة من قانون الصحافة في إقليم كردستان، الصادر عام 2007 ، على أن الصحفيون يتمتعون بالاستقلالية في أداء واجباتهم المهنية، ولا سلطة عليهم إلا بمقتضى القانون. وتنص المادة الرابعة من المادة نفسها على أن "للصحفيين الحق في حضور المؤتمرات والأنشطة العامة".
اليوم ايضاً، داهمت القوات الأمنية مقر تيار الموقف اعتقلت مقرر التيار علي حمه صالح واثنين من قياديي التيار.
القيادي في تيار الموقف، سردار قادر، أكد في بيان اعتقال القياديي الثلاثة للتيار وقال "نحن في بلد يتم فيه اعتقال مقرر قوة سياسية تملك كتلة في البرلمان، كيف يمكن هذا؟".
حتى ظهر اليوم، بلغ عدد المعتقلين من الصحفيين، التربويين، السياسيين، الشخصيات الحزبية وأعضاء البرلمان 30 شخصاً.
تعتبر الاحتجاجات الحالية امتداداً للاحتجاجات والتظاهرات التي أقيمت خلال السنوات الماضية انطلاقاً من عام 2014، حيث عجزت حكومة الإقليم منذ ذلك الحين عن تأمين رواتب الموظفين وتوزيعها في مواعيدها.
خلال الفترة من 2014 إلى 2025 لم تصرف حكومة الإقليم رواتب 18 شهراً، ووزعت رواتب 44 هراً بنظام الاستقطاع والإدخار الإجباري.