"رن جرس هاتف والدي بينما كنا جالسين لنحتسي الشاي، سمعت اسمي يتردد في المكالمة"، حسبما قالت آوات شاهين، خريجة جامعية في أربيل، وأضافت "ذهلت حين سمعت اسمي، الشخص المتكلم أكد مراراً على والدي إن كنت أنا ابنته؟ لوهلة شعرت بالخوف".
آوات شاهين اسم مستعار طلبت الفتاة استخدامه لهذا التقرير خوفاً من ردود فعل الحزب، وقالت "خفت كثيراً، تساءلت يا ترى هل قلت شيئاً ما؟ هذا هو اليوم الذي كنت أخشاه".
المكالمات الهاتفية التي تجريها كوادر لجان وتنظيمات الحزبين الحاكمين في اقليم كوردستان (الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني) باتت مصدر إزعاج للمواطنين، لا يوجد توقيت مجدد لهذه المكالمات التي يطلبون فيها التصويت لمرشحيهم.
اللجان التنظيمية للحزبين حصلت على المعلومات الشخصية لأغلب موظفي اقليم كوردستان، كرقم بطاقة الناخب، البطاقة الوطنية والمركز الانتخابي الذي يصوت فيه فضلاً عن عدد أفراد العائلة ممن يحق لهم التصويت.
هذه الضغوط تزايدت مع تكثيف الحملات الانتخابية وتستهدف غالبً الموظفين، وينظر المواطنون إلى هذا الأسلوب على أنه تهديد لإجبارهم على التصويت للمرشحين الذين تحدده لهم اللجان التنظيمية التابعة للاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني، وهذا يتعارض مع ضوابط وتعليمات المفوضية التي تصفه بأنه"خرق فاضح".
وأشارت آوات شاهين إلى أن "الشخص الذي اتصل عرّف بنفسه وذكر اسم الحزب الذي ينتمي إليه، وقال يجب أن تصوتوا لنا، في هذه اللحظات وتلاشى خوفي وأغلق والدي المكالمة".
وفقاً لمتابعات (كركوك ناو) هذه الحالات منتشرة في عموم اقليم كوردستان.
شاب آخر من قضاء كويسنجق قال لـ(كركوك ناو) إنه تلقى اتصالات من لجنة تنظيم الاتحاد الوطني وطلبوا منه التصويت لمرشحيهم، فيما قال طالب جامعي من قضاء عقرة (آكري) بدهوك، "اتصلوا بي من فرع تنظيمات الديمقراطي الكوردستاني وقالوا يجب أن أصوت لهم، لا أعرف كيف يعرفون أين سأصوت وما رقم بطاقتي البايومترية".
هذه الخروقات تم التمهيد لها في وقت سابق، فقبل انطلاق الحملات الانتخابية طلب من غالبية الموظفين في إقليم كوردستان جلب نسخة من بطاقة الناخب والبطاقة الوطنية والمركز الانتخابي إضافةً إلى البطاقة الانتخابية لأفراد عوائلهم وأرقام هواتفهم وتسليمها لدوائرهم، في الوقت الذي تقول فيه المفوضية أن ذلك "خرق" وبإمكان المواطنين تسجيل دعاوى قضائية.
أفين خليل، اسم مستعار لتدريسية في مدينة السليمانية قالت "حتى الآن اتصلوا بي ثلاث مرات، في كل مرة يخبرونني باسم الحزب والمرشح الذي يطلبون مني التصويت له، ويذكرون لي أيضاً رقم بطاقتي الانتخابية والمركز الانتخابي الذي أصوت فيه"، وأضافت "سلمت هذه المعلومات لمدير مدرستي، سألته في حينها لماذا يريدها فقال إن الحكومة هي التي تطلبها، لكن تبين أن الحزب هو من طلبها".
يعمل مدير المدرسة التي تداوم فيها أفين في صفوف أحد الحزبين الحاكمين في السليمانية، لذا تشك بأن معلوماتها سربت للحزب عن طريقه.
وتقول أفين "طلبوا مني أيضاً رقم البطاقة الانتخابية العائدة لزوجي، لكنني أخبرتهم بأنه أضاعها".
في التقرير الثاني لشبكة شمس –منظمة غير حكومية تراقب الانتخابات-، تمت الإشارة إلى هذه الحالات ووصفت على أنها "خرق فاضح".
وذكر التقرير أنواع أخرى من الخروقات، من بينها "تمزيق وتشويه صور المرشحين، التطرف وخطاب الكراهية وتبادل الاتهامات وصولاً إلى التخوين، إلى جانب استخدام ممتلكات الدولة، شراء أصوات الناخبين واستخدام المراكز الدينية للحملات الانتخابية".
رئيس شبكة شمس لمراقبة الانتخابات، هوكر جتو، قال لـ(كركوك ناو) "هذا صحيح، بعض المواطنين اتصلوا بشبكة مس بخصوص تلقيهم اتصالات هاتفية من التنظيمات الحزبية وهذا خرق فاضح وتطاول على المعلومات الشخصية".
"ما يحدث هو استخدام للبيانات والمعلومات الموجودة عند الحكومة والتي يجب أن لا تكون عند اي شخص، كما أنه انتهاك للحقوق الشخصية حيث أنهم أعطوا رقم هاتفك وممعلوماتك لأشخاص آخرين ، ناهيك عن أن المكالمات وأسلوب طرح الأسئلة، كلها تعتبر خروقات".
وفقاً لشبكة شمس، المكتب الرئيسي للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات سلمت المعلومات والبيانات إلى مكاتب المفوضية في المحافظات للتواصل مع الذين لم يستلموا بعد بطاقاتهم الانتخابية البايومترية، "ربما تم تسريب بعض البيانات للأحزاب من تلك المكاتب".
مفوضية الانتخابات تؤكد بأنها أعطت البيانات للدولة فقط، لكن هوكر جتو قال، "الدولة في إقليم كوردستان تتكون من الحزبين الرئيسيين، الاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني".
بحسب تعليمات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، يُعدّ تسريب البيانات من الدولة إلى الحزب، وإجراء مكالمات هاتفية مع الموظفين، ونقل المعلومات الشخصية إلى الحزب، خروقات. منذ انطلاق الحملات الانتخابية لغاية 4 تشرين الثاني الجاري، سُجِّل 550 خرق في جميع أنحاء العراق.
رئيس هيئة اقليم كوردستان للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، نبرد عمر، قال لـ(كركوك ناو) إن "المفوضية لم تعط أي بيانات للحزب، لكن ربما تسربت المعلومات من خلال التطبيق الذي خصص من قبل المفوضية لمكاتب المحافظات من أجل إبلاغ المواطنين باستلام بطاقة الناخب".
وأضاف، "بعد احتجاجات الناخبين أوقفنا التطبيق".
وأوضح نبرد عمر "طلبنا من جميع الأحزاب عدم الاتصال بالناخبين باستثناء كوادرهم ومناصريهم، رغم أن هذه الاتصالات غير قانونية، لكن المفوضية لا تستطيع اتخاذ الإجراءات ما لم يسجل الناخبون شكاوى عند المفوضية، أنا أيضاً تلقيت اتصالاً طلبوا مني فيه التصويت لأحد المرشحين"، دون ذكر اسم الحزب الذي اتصل به.
منذ انطلاق الحملات الانتخابية احتجت بعض أحزاب المعارضة في اقليم كوردستان على طلب بعض الدوائر أرقام بطاقة الناخب من موظفيها.
من جانبه، قال رئيس شبكة شمس، "اجتمعنا مع المفوضية وشكلت لجنة تحقيق، لكنهم يعلمون بأن قسماً من بيانات ومعلومات المواطنين سربت للأحزاب عن طريق مكاتب المفوضية في المحافظات، بإمكان الناخبين تسجيل شكاوى".
بيانات المفوضية تشير إلى عدم تسجيل ي شكوى بهذا الخصوص.
وقالت أفين خليل، "لن يكون لتسجيل الشكوى أي فائدة، ربما سأضطر لتغيير رقم هاتفي، لا أريد أن يكون رقمي موجوداً عند لجان وتنظيمات الأحزاب".