القوانين موجودة لكن البيئة غير مهيأة
المكونات الدينية والقومية في إقليم كوردستان تواجه عشرات التحديات

نينوى/ تشرين الأول 2022/ مراسيم عيد جما الخاص بالمكون الإيزيدي في معبد لالش   تصوير: كركوك ناو

فرمان صادق

خطاب الكراهية، النزوح وعدم تنفيذ القوانين النافذة تعد ثلاثة من أبرز التحديات التي تواجه المكونات الدينية والقومية في إقليم كوردستان والعراق، بالتزامن مع تعالي أصوات المكونات للمطالبة بضمان حياتهم ومشاركتهم السياسية وتهيئة بيئة مناسبة لتنميتهم وبقائهم.

المكونات الدينية والقومية في إقليم كوردستان والعراق طرحوا وناقشوا معاً المشاكل والتحديات التي تواجههم في اليوم العالمي لحقوق الانسان وذلك في جلستي حوار عقدتا في أربيل يوم 10 كانون الأول الجاري.

في العراق وإقليم كوردستان، حيث يشكل المسلمون غالبية السكان، تعيش عدة مكونات دينية أخرى، كالمسيحيين، الكاكائيين، الإيزيديين والشبك. وإلى جانب القوميتين الرئيسيتين العربية والكوردية تعيش قوميات أخرى من بينها الكلدان السريان الآشوريين والأرمن والتركمان. حقوق هذه المكونات محمية بموجب القانون لكنها تشتكي من أن أحد التحديات التي تواجههم تتمثل بعدم تنفيذ القوانين.

مسؤول مكتب أربيل للمفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، جبار عويد الكربولي، قال لـ(كركوك ناو إن "عدم تنفيذ القوانين النافذة تحدي رئيسي أمام كافة مكونات العراق، في الوقت الذي تضمن هذه القوانين حقوق جميع المكونات".

وأضاف، "من التحديات الأخرى، الأوضاع التي مر بها العراق، منذ وصول تنظيم داعش والذي استمر حتى الوقت الحاضر، متمثلاً باستهداف المزارات والمرافق الدينية".

ويعتقد الكربولي أن ذلك أدى إلى "بقاء نفس الخوف في قلوب وأذهان أفراد تلك المكونات من أن يصبحوا مرة أخرى ضحية بطش هذه الجماعات".

في نيسان 2015، أي بعد أقل من عام على اجتياح داعش للعراق، أقر برلمان كوردستان قانونًا لحماية حقوق المكونات في إقليم كوردستان، بالتزامن مع استهداف بعض المكونات من بينهم الإيزيديين والمسيحيين والكاكائيين الذين تعرضوا لعمليات الاختطاف والقتل والتهجير.

يمنح القانون عموماً المكونات الحق في ممارسة معتقداتها وحرياتها الدينية والأساسية، فضلاً عن الحق في التعليم بلغتها الأم، وتأسيس الجمعيات، والحفاظ على هويتها. كما ينص الدستور العراقي، الذي أقر عام 2005، على ضمان جميع هذه الحقوق للمكونات.

pekhatakan

أربيل/ كانون الأول 2025/ المكونات الدينية والقومية تستعرض في اليوم العالمي لحقوق الإنسان التحديات التي تواجهها   تصوير: فرمان صادق

وتنص المادة الثالثة من قانون حماية حقوق المكونات على أنه "تضمن الحكومة للفرد الذي ينتمي إلى مكون حق المساواة وتكافؤ الفرص في الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية من خلال سياسات وتشريعات فعالة، كذلك تضمن لهم حق المشاركة في اتخاذ القرارات التي تخصهم"، وجاء في نفس المادة، "يحظر جميع أشكال التمييز ضد أي مكون من مكونات كوردستان-العراق والمخالف يعاقب وفق القوانين النافذة".

وقال الكربولي إن "المشكلة الحالية للمكونات تتمثل بانتهاك القوانين، لو أن القوانين نفذت بحذافيرها من قبل السلطة التنفيذية والمحاكم وتم معاقبة مرتكبي الانتهاكات بحق المكونات، لكان الوضع مختلفاً عما هو الآن".

حول ما يقصده من اختلاف الوضع عما هو الآن، أوضح الكربولي "أقصد بأننا لم نكن سنرى بعض الأشخاص الذين يتهجمون على المكونات علناً على منصات التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية عن طريق بث خطاب الكراهية".

وشدد على أن "خطاب الكراهية أحد أكبر التحديات أمام حماية حقوق المكونات".

خطاب الكراهية أحد أكبر التحديات أمام حماية حقوق المكونات

ميخائيل بنيامين، ناشط في مجال حقوق الأقليات ويعمل ضمن شبكة تحالف المكونات، قال إن "التغيير الديموغرافي يمثل تحدياً آخر يواجه الأقليات في العراق، وهذا لا يقتصر على المسيحيين والإيزيديين، بل يشمل جميع المكونات".

وتنص المادة الثالثة من قانون حماية حقوق المكونات على منع أي تصرف أو سياسة سلبية من شأنها تغيير الأوضاع الأصلية للمناطق التي يسكنها مكون معين، إضافةً إلى "منع أي تملك يهدف أو يؤدي إلى التغيير الديموغرافي للطابع التاريخي والحضاري لمنطقة معينة، لأي سبب كان وتحت أي ذريعة كانت".

بالرغم من أن القوانين النافذة في العراق وإقليم كوردستان قد طبقت نظام الكوتا لضمان المشاركة السياسية للمكونات في الانتخابات، على سبيل المثال، خصصت لها خمسة مقاعد كوتا في برلمان كوردستان وتسعة مقاعد في البرلمان العراقي، إلا أن ميخائيل بنيامين قال إن "هناك تدخلات كثيرة من قبل الأحزاب المتنفذة التي تشتري أشخاصاً من هذه المكونات يمثلونهم ولا يمثلون المكونات"، وأضاف "القوانين نفسها جيدة لكنها لم تنجح في حماية المكونات".

وينص البند الأول من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه " يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق. وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضاً بروح الإخاء".

شرو ابراهيم، عالم دين إيزيدي يعمل عند بابا شيخ الذي يعد الأب الروحي للإيزيديين، قال خلال ماركته في جلسة الحوار التي أقيمت بأربيل في اليوم العالمي لحقوق الإنسان، "إن التحدي الرئيسي الذي يواجه الإيزيديين هو أنهم نازحون على أرضهم، ويعيشون في المخيمات. لو كانت حقوق المكونات محمية، أيعقل أن تبقى نازحاً في بلدك طوال 11 عاماً؟"

وفقاً لقانون حماية حقوق المكونات،"تعمل الحكومة على تشجيع عودة الأشخاص المنتمين إلى المكونات من سكان كوردستان العراق سابقاً الذين اضطروا للهجرة، وضمان حقوقهم المستحقة".

وقال الكربولي إن "السلطة التنفيذية هي مسؤولة بالدرجة الأولى عن تنفيذ القوانين".

السلطة التنفيذية هي مسؤولة بالدرجة الأولى عن تنفيذ القوانين

وأضاف، "الدولة الآن قوية جداً، لكننا لا نستطيع القول بأن خطاب الكراهية ضد المكونات قد انتهى، خطاب الكراهية ضد المكونات لا زال مستمراً، يجب أن تعرف أيضاً أن داعش بدأ بخطاب الكراهية، لذا فإنه يعتبر أكبر تهديد على المكونات".

قانون حماية حقوق المكونات يحظر أي دعوة دينية أو سياسية أو إعلامية، بصورة فردية أو جماعية، مباشرة أو غير مباشرة، إلى الكراهية أو العنف أو الترهيب أو الإقصاء والتهميش، المبنية على أساس قومي أو أثني أو ديني أو لغوي.

مدير عام حقوق القانون وحماية حقوق الإنسان في الهيأة المستقلة لحقوق الإنسان في إقليم كوردستان، تافكه عمر رشيد،قالت إن "الأوضاع الحالية للمكونات الدينية والقومية ليست مثل فترة داعش، الأوضاع عادت إلى طبيعتها، ما يعانون منه الآن هو تداعيات الحرب ضد التنظيم".

"تسجل هيأتنا يومياً الانتهاكات التي ترتكب بحق المكونات، كإلحاق الضرر بشواهد قبورهم والمس بأمكانهم المقدسة، برأيي وجود القانون ليس كافياً لحمايتهم، بل يجب تنفيذه"، بحسب تافكه.

لكن ميخائيل بنيامين يرى بأن جوهر المشكلة يكمن في عدم وجود بيئة قانونية وسياسية تتمتع بفهم منفتح لحقوق المكونات.

"من الأفضل للمنظمات الدولية والمحلية أن تحول مهمتها من إصدار التوصيات إلى إجبار كل من حكومة إقليم كوردستان والحكومة العراقية على تنفيذ القوانين المتعلقة بحقوق المكونات"، بحسب ميخائيل بنيامين. 

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT