الحملات الانتخابية في سنجار لا تسير بصورة اعتيادية ويشوبها تبادل للاتهامات بسبب الصراع المحتدم بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني (البارتي) بصفته الفائز في الانتخابات السابقة ومنافسيه الجدد الذين يتطلعون لكسب أصوات الإيزيديين وسقوط البارتي.
يتهم البارتي منافسيه بتشويه بيئة الدعاية الانتخابية وتضييق حرية الترويج، لكن هناك جهات تقول إن البارتي يخشى الخسارة وفقدان مكانته، بعد أن تمكن في الانتخابات السابقة من الفوز بالمقاعد الثلاثة المخصصة لسنجار.
إدريس زوزاني، كادر حزبي في الفرع 17 للديمقراطي الكوردستاني، قال لـ(كركوك ناو)، " مرشحونا في سنجار يمنعون من الدعاية الانتخابية ولا يتمتعون بالحرية المتاحة في باقي مناطق نينوى، يمزقون بوستراتنا، يحرقون مكاتب حملاتنا الانتخابية".
الفرع الـ17 الخاص بتنظيمات البارتي في سنجار غادر قضاء سنجار منذ عام 2014 حين وقعت سنجار تحت سيطرة مسلحي داعش ولا زال مقر الفرع في قضاء سيميل بمحافظة دهوك.
تصريحات زوزاني جاءت بعد أن أضرم مجهولون ليلة 15 تشرين الول الماضي النيران بمكتب المرشح عن الحزب الديمقراطي الكردستاني النائب محما خليل في قضاء سنجار .
سعيد بتوش، رئيس حزب التقدم الذي تمكن في الدورتين الانتخابيتين السابقتين من الفوز بمقعد كوتا الإيزيديين أثار شكوكاً حول حادث حرق مكتب المرشح محما خليل وقال "لماذا لم تكن كاميرات المراقبة تعمل أثناء الحادث، لماذا لا يكشفون هوية المتورطين للناس؟".
قضاء سنجار (120 كم غرب الموصل) تقطنه أغلبية إيزيدية ولا يزال 210 ألف من سكان القضاء نازحين، بعد أن سيطر مسلحو داعش على سنجار في آب 2014 وتعرض أهالي القضاء للقتل والاختطاف والتهجير.
سنجار/ 14 آب 2025/ تجمع إيزيدي لاستذكار تفجيرات 2007 في مجمعي سيبا شيخ خدر وتل عزيز والتي أودت بحياة أكثر من 300 شخص
سنجار غير مستقرة حتى الآن وتتواجد فيها ثمان قوى مسلحة بعضها تخضع لأحزاب وفصائل مختلفة وتلعب دوراً في اختيار المرشحين في الانتخابات.
55 مرشح ينتمون لعشرات الأحزاب والمجاميع والتحالفات يتنافسون في الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في 11 تشرين الثاني الحالي للفوز بأصوات ناخبي سنجار، وللمرة الأولى يشارك الإيزيديون بتحالف خاص بهم (تحالف القضية الإيزيدية) الذي يضم 31 مرشح جميعهم من المكون الديني الإيزيدي.
حزب التقدم الموجود في التحالف إلى جانب عدد من الأحزاب والشخصيات الإيزيدية المتواجدة حالياً في سنجار، نجح في الدورتين الانتخابيتين السابقتين من ضمان مقعد كوتا الإيزيديين، ويهدف التحالف لحصد أغلبية أصوات ناخبي سنجار والفوز لأول مرة على منافسيهم.
وقال سعيد بتوش، "الناس غير راضين عن سياسة الحزب الديمقراطي الكوردستاني، لذا فإن الحزب ينشر معلومات غير صحيحة عن بيئة الدعاية الانتخابية في سنجار"، وأضاف، "الحشد الشعبي لديهم أربعة مرشحين ويسيرون حملاتهم الدعائية دون مشاكل، وكذلك وحدات مقاومة سنجار (اليبشة) ، الاتحاد الوطني الكوردستاني وقوى أخرى تمارس عملها دون أي عوائق".
القوى التي تحدث عنها بتوش لم تتمكن في الانتخابات السابقة من الفوز بأي مقعد ضمن دائرة سنجار لكنها تسعى هذه المرة لسحب البساط من تحت أقدام البارتي.
في انتخابات 2021 كانت نسبة المشاركة في الدوائر الانتخابية الثمان في نينوى 42 بالمائة، لكن إحصائيات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق أظهرت أن نسبة المشاركة في سنجار كانت 30 بالمائة فقط وهي أقل نسبة مشاركة بين الدوائر الانتخابية ضمن محافظة نينوى.
في الانتخابات السابقة 69 ألف نازح في مخيمات النازحين بإقليم كوردستان، بالأخص في دهوك، كان يحق لهم التصويت، لكن في الانتخابات المقبلة يحق فقط لـ25 ألف و986 نازح ممن سجلوا أسماءهم عند المفوضية التصويت في المراكز الانتخابية المخصصة للمخيمات.
مصدر في مكتب مفوضية الانتخابات في دهوك قال لـ(كركوك ناو)، "البقية إما ستضيع أصواتهم أو يتوجب عليهم العودة في يوم التصويت العام إلى مناطقهم الأصلية في سنجار، سهل نينوى أو مركز الموصل".
يحظى البارتي بقاعدة جماهيرية واسعة في محافظة نينوى. في الانتخابات البرلمانية التي جرت في 10 تشرين الأول 2021 حصد مرشحو البارتي 136 ألف و783 صوت ضمنت له تسعة مقاعد برلمانية من مجموع 34 مقعد خصص للمحافظة.
وقال سعيد بتوش إن "الوضع مختلف في هذه الانتخابات، الناس لم يعودوا يريدون البارتي، خلال الأيام الماضية زال مرشحوهم منازل المواطنين لكنهم لم يفتحوا الباب لهم، لم يخبر أحد أهالي سنجار بأن يتصرفوا بهذا الشكل إزاء البارتي، بل هو رد فعل تلقائي".
لكن إدريس زوزاني قال إن تلك الجهات تخشى من صوت ومكانة البارتي، "لذا يعيقون حملاتنا الانتخابية"، دون ذكر أسماء هذه الجهات، وشدد زوزاني بالقول "سجلنا شكاوى عند مفوضية الانتخابات، يجب أن تكون حرية الدعاية الانتخابية متاحة للكل".
رداً على تصريحات إدريس زوزاني، قال خال علي، مسؤول عسكري رفيع في الحشد الشعبي بسنجار،"إذا كانت مجموعة من الأطفال قد مزقت بعض البوسترات فهذا لا يعبر عن رأي وسلوك الأحزاب الأخرى".
ولم يخف خال رغبتهم في كسب أصوات ناخبي سنجار، حيث دفعوا بمرشحين إيزيديين في سنجار.
أكبر عدد من الناخبين، بعد العاصمة بغداد، هو في محافظة نينوى، حيث أن مليونين و102 ألف و429 شخص حدثوا بياناتهم، لكن ليس من الواضح كم هو عدد الناخبين الإيزيديين أو ناخبي قضاء سنجار.
لكن وفقاً لإحصائيات دائرة الهجرة والمهجرين والإستجابة للأزمات التابعة لحكومة إقليم كردستان، تتواجد 55 ألف عائلة نازحة مؤلفة من 210 آلاف فرد في محافظة دهوك، بينهم 110 آلاف يقيمون في المخيمات، بينما اندمجت 100 ألف عائلة أخرى مع المجتمعات المضيفة.
في هذه الانتخابات، يتنافس ألف و47 مرشح في عموم نينوى على م34 مقعد برلماني، منها ثلاثة مقاعد للمسيحيين والإيزيديين والشبك. وتبلغ قيمة المقعد البرلماني في هذه الانتخابات حوالي 62 ألف صوت، في حال بلغت نسبة المشاركة 100 بالمائة.
ويرى زوزاني أن بإمكان البارتي المحافظة على موقعه رغم المعوقات، لكن المسؤول في الحشد الشعبي، خال علي، شدد مجدداً على أن البارتي لم يتعرض لمضايقات، "محما خليل نظم حفلاً في ناحية سنوني حضره 500 شخص فقط، مرشح آخر للبارتي أراد الترويج لنفسه في خانصور التي فاز فيها البارتي سابقاً بـ13 ألف صوت، لكن سكان خانصور منعوه، الأهالي يرفضون أن تستفز جهة ما سنجار وأهلها".