اتهمت وزارة الخارجية الأمريكية الحكومة العراقية وحكومة اقليم كوردستان بعدم الالتزام بأدنى المستويات المطلوبة لمكافحة الاتجار بالبشر، لكنها شددت على أنهما تبذلان "مساعي مهمة" بهذا الصدد.
في تقريرها السنوي الأخير لعام 2025 حول الاتجار بالبشر وضعت الخارجية الأمريكية العراق في المستوى الثاني في قضية الاتجار بالبشر، وهو أحد أسوأ المستويات، للسنة الثانية على التوالي على الرغم من ان التقرير ذكر بأن "الحكومة العراقية بذلت جهود متزايدة بشكل عام مقارنةً بفترة التقرير السابقة".
جهود الحكومة لمكافحة الاتجار بالبشر
مطلع التقرير أشار إل أن جهود الحكومة في عام 2025 لمكافحة الاتجار بالبشر شملت التحقيق في المزيد من جرائم الاتجار بالبشر، وخاصة التسول القسري، وإدانة المزيد من المتاجرين. وجاء فيه "شاركت جهات إنفاذ القانون في التحقيقات الدولية، مما أسفر عن اعتقال المتاجرين المزعومين. ودربت الحكومة المسؤولين على تحديد هوية الضحايا وإحالتهم إلى مراكز الرعاية".
رغم ذلك، أشار التقرير إلى أن الحكومة " لم تطبق الحد الأدنى من المعايير في عدة مجالات رئيسة. فقد انخفض عدد المشتبه بهم في قضايا الاتجار بالبشر الذين حوكموا وعدد الضحايا الذين حُدّدوا، مقارنة بالعام السابق. ولم تُبلِّغ الحكومة عن أي جهود لمعالجة التواطؤ الرسمي، بما في ذلك تقارير عن مسؤولين زُعم أنهم استغلوا سابقًا أطفالاً يُزعم انتمائهم إلى داعش وعائلاتهم في الاتجار بالجنس مقابل الحصول على وثائق مدنية مطلوبة لتلقي الخدمات الحكومية".
كما ذكر في التقرير، " وبسبب عدم اتساق عمليات الفحص بين الفئات السكانية الضعيفة، لم تتخذ السلطات تدابير فعّالة لمنع المعاقبة غير اللائقة للضحايا المحتملين لمجرد ارتكابهم أفعالًا غير قانونية نتيجةً مباشرة للاتجار بهم".
مع الإشارة إلى أن الحكومة افتقرت إلى ملاجئ مخصصة لضحايا الاتجار بالأطفال، وقلّت فرص الوصول إلى الملاجئ المتاحة لبعض الفئات السكانية المعرضة للاتجار".
التحقيق مع 3000 شخص
حسب تقرير وزارة الخارجية الأمريكية، بدأت مديرية مكافحة الاتجار بالبشر في وزارة الداخلية العراقية التحقيق مع ثلاثة آلاف و182 مشتبه بهم في قضايا الاتجار بالبشر، من بينهم 523 شخص متهمين بالاتجار الجنسي و آ2695 آخرين مرتبطون بالعمل القسري.
وأشارت وزارة الخارجية الأمريكية إلى أن ذلك كان "زيادة كبيرة مقارنة بـ 1698 فردًا تم التحقيق معهم في عام 2023".
وفقاً للتقرير، فإن الحكومة العراقية أفادت بأن 410 تحقيقاً في قضايا اتجار بالبشر، والتي بدأت في السنوات السابقة، لا تزال جارية. فيما لاحقت السلطات 543 مشتبهًا، منهم 202 متهم بالاتجار بالجنس و341 متهمًا بالاتجار بالعمالة، منهم 205 متهمين بالتسول القسري.
وتقول وزارة الخارجية إن هذا يمثل"انخفاضًا مقارنة بـ 1270 محاكمة بدأت في عام 2023".
ونوه التقرير إلى أن الحكومة العراقية أدانت 388 متاجراً، من بينهم 197 متاجراً بالجنس و191 متاجراً بالعمالة؛ "ويمثل هذا زيادة مقارنة بـ 295 إدانة في عام 2023".
فيما يخص حكومة اقليم كوردستان يقول التقرير إن "المسؤولين في حكومة الإقليم قاموا بالتحقيق في 13 حالة اتجار مزعومة (10 حالات اتجار بالجنس، واثنتان اتجار بالعمالة، وحالة واحدة غير محددة من أشكال الاتجار) في عام 2024".
كما جاء فيه أن الحكومة لم تبلغ عن أي تحقيقات أو ملاحقات قضائية أو إدانات لموظفين حكوميين متورطين في جرائم الاتجار بالبشر، ومع ذلك، ظل الفساد والتواطؤ الرسمي في جرائم الاتجار بالبشر من بين المخاوف الكبيرة، مما أعاق إجراءات تنفيذ القانون خلال العام.
ضباط متورطون
يلقي التقرير الضوء على جانب خيف يتعلق بتواطؤ وتورط بعض الضباط في الاتجار بالبشر، وجاء فيه أن " ضباط شرطة وإداريين من ذوي الرتب الدنيا تلقّوا رشاوى للتغاضي عن جرائم الاتجار. وأفاد مراقبون بزعم تسهيل بعض مسؤولي إنفاذ القانون للاتجار الجنسي بالأطفال في السجون".
وأوضح التقرير أن "منظمة دولية أفادت سابقًا بأن مسؤولين استغلوا عائلات - من بينهم أطفال - يُزعم ارتباطهم بتنظيم داعش، وبعد إطلاق سراحهم من الاحتجاز، في الاتجار الجنسي بإجبارهم على ممارسة الجنس للحصول على الوثائق المدنية اللازمة لتلقي الخدمات الحكومية".
الفئات المستهدفة
يعرّف التقرير بالفئات المستهدفة وهي فئات ضعيفة أو معرضة بشكل كبير للعمل القسري والاتجار الجنسي.
بحسب التقرير، يستضيف العراق ما يقرب من 340 ألف لاجئ وطالب لجوء، يعيش معظمهم في إقليم كوردستان، "ويواجه اللاجئون والنازحون داخليًا خطرًا متزايدًا من العمل القسري والاتجار بالجنس بسبب ضعفهم الاقتصادي والاجتماعي، وانعدام الأمن والحماية، وعدم امتلاكهم وثائق مدنية، وانتمائهم المزعوم للجماعات المتطرفة".
وذكر التقرير أن " النساء والفتيات في مخيمات النازحين داخلياً، اللواتي يشتبه في أن أفراد أسرهن على صلة بتنظيم داعش، قد تظل معرضات لنظام معقد من الاستغلال الجنسي المحتمل والاتجار بالجنس والإساءة من قبل مسؤولي الأمن والجيش".
كركوك/ 2022/ تحرير فتاة اختطفت من قبل عصابات الاتجار الجنسي. تصوير: إعلام شرطة كركوك
وتفيد التقارير بأن أفادت العصابات الإجرامية تستغل النساء في الاتجار بالجنس، كما أشارت إلى أن شبكات الاتجار بالبشر تستغل الضحايا في التسول القسري. وقد لاحظ المراقبون الإبلاغ عن تزايد استخدام العصابات الإجرامية للأطفال بمن فيهم أطفال النازحين داخليًا، والأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، بالأخص في المدن، على العمل في مصانع الكيماويات في إقليم كوردستان العراق والمتاجر في سنجار.
وجاء في التقرير بأن " الأطفال لا يزالون عُرضةً للتجنيد القسري أو الاستخدام من قِبل جماعات مسلحة متعددة تعمل في العراق، بما في ذلك داعش، والقوات العشائرية، وحزب العمال الكوردستاني، والميليشيات غير التابعة للحشد الشعبي والمتحالفة مع إيران".
وتحدث التقرير عن وجود أفراد يُعرّفون أنفسهم بأنهم مثليون أو مثليات أو مزدوجو الميول الجنسية في إقليم كوردستان والعراق "ويتعرضون لخطر الاتجار بالجنس. تُعرّض الممارسات التقليدية، بما في ذلك "الفصلية" - تبادل أفراد الأسرة لتسوية النزاعات القبلية - وزواج الأطفال القسري، النساء والفتيات لخطر الاتجار المتزايد. كما يتم استغلال النساء والفتيات في الاتجار بالجنس من خلال الزواج "المؤقت".
توصيات التقرير
حدد تقرير وزارة الخارجية الأمريكية عدة نقاط كتوصيات ذات أولوية، من بينها السماح رسمياً للجهات المعنية بتحديد الضحايا المحتملين للاتجار بالبشر وإرسالهم لأماكن الرعاية، مثل الملاجئ، مع التأكد من أن ضحايا الاتجار بالبشر لا يتعرضون لعقوبات مجحفة جراء الأفعال غير القانونية المرتكبة.
ويدعو التقرير إلى تعزيز الوصول غير المحدود لضحايا الاتجار بالبشر وأطفالهم ، بما في ذلك الرعاية الصحية، الرعاية النفسية الاجتماعية، المساعدة القانونية، خدمات الترجمة، خدمات إعادة الإدماج، تدريبات العمل والمساعدات المالية.