في أول مبادرة نسوية عراقية جادة منذ عام 2003 تنطلق من بغداد و تحت مسمى مبادرة (عدها حق)، حملة يُطلقها جمع من نساء العراق الناشطات والعاملات في مجالات عدة و بمناسبة يوم المرأة العالمي الذي يصادف (٨ آذار) من كل عام ، للمطالبة بانهاء ظاهرة تعنيف المرأة عبر تشريع قانون الحماية من العنف الاسري الذي يقبع في ادراج مجلس النواب منذ سنوات.
وستبدأ اولى خطوات الحملة بالخروج بوقفة حاشدة في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، يوم الجمعة المقبل، 8 أذار 2019، والتي وجهت الدعوة فيها الى جميع نساء العراق والمنظمات المعنية بحقوق المرأة وحقوق الطفل وحقوق الإنسان، لدعم المرأة العراقية في المطالبة بحقوقها والضغط بإتجاه إقرار "قانون الحماية من العنف الاسري".
"إن وقفتك قد تساهم بحمايتك وحماية أفراد اسرتك قانونيا، ساهمي بصناعة التأثير والتغيير خدمة للصالح العام، إنظمي معنا في الوقفة وطالبي بحقوقك"، هكذا كان النداء الذي وجهه بيان الأول للحملة، والذي اشار الى دعوة الحاضرات لإرتداء "القميص أو التيشرت الابيض مع وضع لفاف بنفسجي او حجاب البنفسجي .. لون الوقفة موحد".
قد يتحسس الرجال من كلامي، ارجوكم، انا انقل الواقع فقط.
وفي الفترة الاخيرة بدأ المخبوء يظهر للعلن اكثر، إذ تقول الناشطة والاعلامية جمانة ممتاز ان "مواقع التواصل الاجتماعي ساعدت ايضا على اظهار ذلك المخبوء، ومنها قصص الاطفال في البيوت والمدارس الذين ضربوا وعذبوا بكل قسوة، ومع هذا نادرا ما رأينا نساء يظهرن للحديث عن تعنيفهن بكل صراحة، ولكن في الحقيقة هناك العديد من النساء اللاتي يعنفن ويسكتن، يضربن لأتفه الاسباب ويتم قمع صوتهن ورأيهن او تزويجهن بالأجبار".
وتوضح ممتاز انها اجرت عددا من التحقيقات الصحفية حول العنف الاسري، وكانت "شاهدة على العديد من النساء اللاتي وجدن انفسهن في الشارع وضاع مستقبلهن بل انحرفن بسبب العنف الأسري"، وهنا تعرج ممتاز على انه " قد يتحسس الرجال من كلامي، ارجوكم، انا انقل الواقع فقط، واقدر جيدا حفيظة وثورة الرجل على كلامي، فلديه سبب، والسبب هو انه لم يعنف امرأة بحياته ويتم اتهامه ظلما بجريرة غيره، ليس هو المعني ابداً، لأن هذا الرجل هو من وقف الى جانب المرأة، كأب، كأخ، كزوج، كصديق كزميل، لا بل كرجل دين وشيخ عشيرة ومعلم واستاذ وقطع على المرأة شوطا في التمكين ما كانت لتحققه لولا سنده".
لكن ممتاز وجهت رسالة صريحة للرجل بقولها : "الواقع ليس ورديا بعد، هناك ثقافة عنف متفشية لدى جميع شرائح المجتمع -الحروب احد اسبابها- ، نساء ورجال، متعلمين وغير متعلمين، وهذه الثقافة لابد ان تكافح ويحد منها، المجتمع والمرأة على وجه التحديد بحاجة لفزعتك، ووقفتك وهيبتك والحماية التي توفرها رجولتك، نحن نعيش تحت ظلال ابوية عظيمة هي ظلال الرجولة التي تؤمن حياة العائلة وتدافع بكل إيثار عن الوطن، لذا احميها واحمي اطفالك و قف معها من اجل إقرار (قانون الحماية من العنف الاسري) الذي سيوفر الحماية لجميع افراد العائلة".
مبادرة للوقوف بجانب المرأة المعنفة التي تقريباً لا تستطيع ان تفعل شيئا لنفسها.
أما الناشطة والاعلامية حنين خليلي، وهي احدى منظمات المبادرة ايضا، فقد تحدثت عن تعنيف المرأة بحرقة حيث اوضحت بانه : "خلال السنوات الاخيرة، اصبحنا نسمع يوميا بمقتل امرأة جراء الضرب، والمستشفيات تشهد استقبال حالات تكسير وضرب مبرح بحق النساء بشكل دائم، حتى ان الموضوع بات يصبح وكأنه طبيعيا شيئا فشيئ"، مستطردة انه اضحى من غير المستغرب اذا عرفت عن مقتل امرأة من قبل زوجها او ابيها، لان هذا الوضع معتاد، في حين ان هذا الوضع غير طبيعي، و غير مشروع اطلاقا، مشددة على انه "لا يمكن ان يبرر بخطأ المرأة او بعصبية الرجل".
خليلي تؤكد انه "في حال لم يتم تشريع قانون يوقف التعنيف عند حده، فان الامر سيستفحل اكثر، لذا لا بد وان تكون هناك وقفة جادة للاسراع بشريع هذا القانون"، محذرة من فقدان ارواح امهات وزوجات وبنات واخوات، غير الائي زهقت ارواهن من قبل.
وهنا توضح خليلي بان (#عدها_حق) هي مبادرة للضغط باتجاه تشريع هذا القانون، مبادرة للوقوف بجانب المرأة المعنفة التي تقريباً لا تستطيع ان تفعل شيئا لنفسها، مبينة في الختام ان "الرجل هو سندنا وعزوتنا، ونحن لا نريد محاربته، لاننا لسنا اعداء، وكذلك لا نحاول ان نثبت اننا اقوى منه لأنها ليست مسابقة، بل نحن نشيد بكل رجل منصف وعادل، ونعتذر لأن النساء تعنف على يد من يصنفون معهم بالخانة ذاتها، ونقول لهم، نحن لا نقصدكم، تقديرنا لوقفتكم بجانبنا كبيرة ".
هذا وسيكون هناك برنامج للوقفة التي ستبدأ في الساعة 3:30 حتى الساعة 6:00 من عصر يوم الجمعة المقبل، ليصدر بيان المبادرة الأول موجهاً للدولة و المجتمع العراقي و المجتمع الدولي، للضغط باتجاه تشريق قانون الحماية من العنف الاسري.