تساؤلات وأستفهامات عاجلة عن فتح المقابرالجماعية للايزيدية في سنجار

نينوى شباط 2019، الدمار الذي خلفه الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في قضاء سنجار، تصوير: ابراهيم الايزيدي

خضر  دوملي

اخيرا وبعد الكثير من التضاربات والشد والتراخي والاهمال وقلة الحيلة في أدارة ملف المقابر الجماعية، أعلنت الحكومة العراقية انها ستباشر بـ مراسيم رسمية بفتح المقابر الجماعية للايزيدية في قرية كوجو بقضاء سنجار، التي كانت واحدة من صفحات إبادة الايزيدية من قبل تنظيم داعش في الـ 3 من آب اغسطس 2014 – لكن الموضوع والاعلان ترك الباب مفتوحا امام تساؤلات واستفهامات قد يتأخر الاجابة عليها كما تأخرت عملية فتح المقابر وتؤثر بشكل كبير على تحقيق العدالة وإقرار الابادة رسميا.

الطريقة التي سيتم بها فتح المقابر الجماعية  دون شروط ومقررات دولية – هل هي فتح المقابر فقط لتثبيت اعداد الضحايا مثلا؟ كيف سيتم التعامل مع رفاة  الضحايا ؟ هل سيتم التحقيق من طريقة تنفيذ الجريمة؟ ماذا سيكون موقع ومكانة الناجين من تلك المقابر – شهود العيان؟ هل سيكون هناك اجراءات لتثبيت طريقة والقصد من ارتكاب القتل الجماعي ؟؟ التي كانت واضحة بهدف إبادة الايزيدية !!!.

اسئلة كثيرة واستفهامات كبيرة اكبر من حجم اعلان يدعو للمشاركة في فتح المقابر ... ما العمل اذا ؟

هناك جملة مقررات يتطلب الوقوف عندها لمعرفة التأثير السلبي لعملية فتح المقابر على إقرار الابادة والتحقق من صدقية نية الجناة –أعضاء تنظيم داعش لأرتكاب جريمة القتل الجماعي بهدف إبادة الايزيدية، لذلك عليه أن نعرف بدقة ما هي مكانة ملف القتل الجماعي في التشريع العراقي ؟ أليس هذا سؤالا يستحق التوقف عنده،  لأن موضوعة القتل الجماعي في التشريع العراقي معدومة وضعيفة ولايوجد اي توصيف  سليم للتحقق من عمليات القتل الجماعي بهدف الابادة .. أنه ضعف تشريعي سيتسبب بتأثير كبير  على التحقيقات – رغم ان هناك شكوك لأجراء اية تحقيقات بخصوص القتل الجماعي طالما انه يتم محكامة المجرمين وفق المادة اربعة ارهاب التي لاتتلائم وطبيعة وجسامة الجرائم التي ارتكبها تنظيم داعش ضد الايزيدية بهدف إبادتهم .

السؤال والاستفهام الاخر الاكبر والاكثر أهمية هو كيف سيتم التعامل مع الرفاة بعد فتح المقابر ؟  كيف سيتم ربط موضوع فحوصات ( DNA )  التي اجريت على العديد من ذوي الضحايا والمفقودين – ما هي الطريقة التي سيتم العمل عليها لتثبيت الفحوصات .؟؟؟ اي جزء من عظام الضحايا سيتم الاستناد اليه ؟ ما هي التحضيرات التي تم الاخذ بها لكي تمضي هذه العملية وفق المعايير الدولية المعتمدة ؟؟؟ اسئلة بحجم التراجيديا المستمرة ضد الايزيدية، لأن أي خطأ كأنهم يزيدون الالام ألما والتراجيديا قيحا.

التحقق من طريقة أرتكاب تلك الجرائم وفقا لشهادات الناجين.

أن عملية فتح المقابر بهذه الطريقة تثير العديد من التساؤلات ولايستبعد ان تكون خلفها أجندة للتقليل من حجم المأساة التي جرت على الايزيدية!!،  ولا لأهمية تلك المقابر بأعتبارها واحدة من ابرز الشخوص والادلة الدامغة لإبادة الايزيدية، اذ انه لو جرت هذه العملية بهذا الشكل السطحي فان التأكيدات بتمويع هذه الادلة هي خطة مرسومة وممنهجة وهذا ما لانتمناهـ ،  هذا الامر هو ما يتطلب الوقوف عند هذه المسألة بأهتمام كبير من مراكز القرار الايزيدي والجهات المعنية بتحقيق العدالة في جرائم تنظيم داعش ضد الايزيدية –والجهات المحلية والدولية عليها ان لاتتوقف مكتوفة الايدي .

أن النقطة التي اشرناها اعلاه يتطلب التفكير من الان بتشكيل لجنة حقيقة تراقب عملية فتح المقابر والاجراءات التي تتبعها، والوقوف على أليات العمل وتثبيت الشهادات، واسلوب عمل الجهات المشرفة وممارسات التحقق من الرفاة والتعامل مع التحقق من طريقة أرتكاب تلك الجرائم وفقا لشهادات الناجين او الطريقة التي تم بها القتل ( الرمي من الخلف – الايادي المكتوفة – الاعين المعصوبة )، فوجود لجنة للحقيقة أمر هام أن لم يكن مع بدء العملية موجودة فلايضر ان تشكلت لاحقا ويكون الاعضاء فيها من المجتمع الايزيدي من ذوي الخبرة والاختصاص ومن المؤسسات المحلية والدولية المعنية .

هناك تساؤل كبير وخطير يراود المختصين الا وهو ، هل فعلا استسلم الفريق الدولي - UNITAD- لتوجهات الحكومة العراقية؟ لماذا ؟ هل بسبب عدم تشكل محكمة  وطنية او دولية او مشتركة خاصة بجرائم تنظيم داعش ؟ اذا  ما هي الاجراءات التي سيستند عليها الفريق الدولي ؟ التي الى الان غير واضحة وغير معلنة للمجتمع الايزيدي وذوي الضحايا، اولا ولا للجهات ذات العلاقة ولا للعراقيين جميعا، !!! ألم يكن من الضروري أجراء حملة توعية وتوضيح لمسار عمل الفريق الدولي؟ وكيف سيقوم بالعمل؟ وعلى اية اسس سيستند؟ وما هي العلاقة بينه وبين فريق الحقوقية أمل كلوني ؟ ولجنة جمع الادلة –التي تسمى بلجنة االجينوسايد في اقليم كوردستان ؟ أليس هذا ايضا سؤال يتطلب منا معرفة لو جزء بسيط من الاجابة كنشطاء ومهتمين او اكثر اهمية بالنسبة لذوي الضحايا الذين سجلوا افادة عديدة في لجنة الجينوسايد ( الابادة ) في اقليم كوردستان مكتب دهوك !؟.

مخطط يستهدف التقليل من مجازر القتل الجماعي للايزيدية.

يبقى هناك سؤال اكبر مما نتوقعه له الاهمية الاكبر،  ألا وهو مدى تأثير فتح المقابر على مسار التحقيق الدولي؟ فأذا لم تتم تنظيم اجراءات  فتح المقابر وفق المسار الدولي لنظام روما الاساس، أو اجراءات المحكمة الجنائية الدولية، او الاجراءات الاخرى الموازية له !!  هل تستطيع أية جهة ضمان عدم تأثر ملف التحقيق في جرائم تنظيم داعش بحق الايزيدية بهدف إبادتهم ؟ بالتأكيد ليس ممكنا ! لأنه في حال تم محاكمة المجرمين وفق المادة اربعة ارهاب لن يكون ممكنا محاكمتهم أمام اية محكمة دولية ألا بقرارات دولية خاصة تصدر لهذا الخصوص .. وهو أمر ليس سهلا من الان بعد الاعلان رسميا القضاء على تنظيم داعش عسكريا !؟.

هناك الخطوة القادمة  وهي الاكثر أهمية المتعقلة بأنشاء متحف تذكاري للرفاة؟ الم يكن من المفروض الانتهاء من هذا الاجراء  قبل فتح المقابر والتحقيق فيها أم انه وفقا لما ذهبنا أليه انه جزء اخر من مخطط يستهدف التقليل من مجازر القتل الجماعي للايزيدية وموازاتها بجرائم القتل الجماعي الاخرى التي ارتكبها تنظيم داعش ضد مكونات مجتمعية أخرى، مع جل أحترامنا لارواح تلك الضحايا ألا أنها لم تكن بهدف الابادة ، فالخوف كل الخوف ان يتم تشجيع ذوي الضحايا بنقل رفاة ذويهم لمقابر  المنطقة كل وفق  لمنطقته وتوجههه؟ فاذا لم تكن السلطات العراقية قد أخذت الاجراءات اللازمة بحفظ تلك الرفاة في أماكن مخصصة من الان ما فائدة فتح المقابر اذا؟

نعم انها اسئلة واستفهامات كبيرة ولكن هذا لايعني أهمية بدء العمل بهذا الملف، والاعلان عن أجراءات رسمية للعمل لانه بداية لتحريك هذا الملف الذي سيأخذ الكثير من الوقت والجهد والسنين، وهو ما يتطلب من المجتمع الدولي ومؤسساته المعنية التحرك لأتخاذ  كل الاجراءات والاستفهامات أعلاه بنظر الاعتبار وجعلها ضمن مسؤولية الحكومة العراقية ومؤسساتها، بهدف إنصاف الضحايا وتحقيق العدالة ومعاقبة مرتكبي جرائم القتل الجماعي على وفق جرائم الحرب وجرائم ضد الانسانية وجريمة الابادة المنظمة التي بدأ بها ونفذها تنظيم داعش ضد الايزيدية بدأ من خطف وسبي النساء، فرز وقتل الرجال –أجبار الاطفال على اعتناق ديانة اخرى، وعمليات تذويبهم في مجتمعات اخرى، نسوا على أثرها التحدث بلغتم الأم، وعمليات الفرز في القتل والتشريد الاجباري التي أودت بحياة الالاف وضحايا  لتراجيديا مستمرة هي استمرار خطف الاف النساء والاطفال ومصير مجهول لمئات الرجال.

 

خضر  دوملي: باحث  ومدرب مختص في حل النزاعات وبناء السلام، عضو مركز دراسات السلام في جامعة دهوك.

 

 

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT