بعد ساعات من التوترات التي شهدتها قرية بلكانة، وصلت قوات الجيش العراقي الى القرية، وانتشرت القوات العسكرية بعمق ثلاثة كيلومترات، وكانوا يتعاملون كما كانت المنطقة عسكرية.
واعتقلت قوات الجيش، عددا من المواطنين من طرفي الصراع، من الكورد والعرب، ومنعت حصول اشتباكات مباشرة من الجانبين ووقوع ضحايا في صفوف المدنيين، كما وكان اهالي القرية يتعاملون بحذر ويترددون على منازل بعضهم البعض لايصال صوتهم الى المؤسسات الاعلامية.
شهدت قرية بلكانة التابعة لناحية سركران، يوم 14 ايار توترات لساعات عدة، بعدما اقتحمت اكثر من 100 شخصا ينتمون الى قبيلة الشمر القرية بواسطة سبعة سيارات وطالبوا اهالها بترك القرية واخلاء منازلهم.
"في يوم 13 ايار، دخل الى القرية اكثر من 100 شخصا يحملون العصا والحديد وبدأوا بتهديد الاهالي، وكان هدفهم الاستيلاء على منازلنا" هذا ماقاله احد اهالي القرية يدعى العم علي.
اكثر من 100 شخصا يحملون العصا والحديد دخلوا القرية وبدأوا بتهديد الاهالي
العم علي ذو الـ 67 عاما كان يرتدي ملابس كوردية رمادية اللون، ويحمل عصاه الي يتكأ عليه وكان غاضبا اثناء حديثه لـ (كركوك ناو) وقال لن نترك منازلنا واراضينا مهما كلفنا الامر.
قرية بلكانة وعدد من قرى ناحية سركران التابعة لقضاء الدبس اصبح محل خلاف منذ اكثر من عام بين المواطنين والمسؤولين في كركوك حول عائدية ملكية هذه الاراضي الزراعية، وبحسب اقوال عدد من المواطنين من القومية الكوردية فأنهم يتعرضون لمحاولة ترحيلهم من منازلهم، في حين يعتبر العرب العائدين بأن مليكة القرية ترجع اليهم.
المواطنين من القومية العربية الذين ينتمون لقبيلة الشمر يسكنون في خمسة منازل يقع البعص منها امام منازل المواطنين من القومية الكوردية، رافعين العلم العراقي على اسطح منازلهم.
وقام مراسل (كركوك ناو) بتغطية الاحداث من داخل احد المنازل خوفا من تعرضه للاعتقال والاستهداف، ولم يتمكن من التواصل مع المواطنين العرب الذين يسكنون داخل المنازل الخمسة في القرية، خوفا من تعرضه للاعتقال، وهذا بعدما اعتقل الجيش في نفس اليوم مراسل (كركوك ناو) كاروان الصالحي وبعد احتجازه لمدة ست ساعات، اطلق سراحه فيما بعد بكفالة.
كان اهالي القرية ينتظرون وصول المؤسسات الاعلامية لايصال صوتهم، الا ان القوات الامنية وصلت الى القرية قبل المؤسسات الاعلامية وبدأت بتفريق المواطنين، على الرغم من القرية تتبع اداريا محافظة كركوك، الا ان الملف الامني للقرية تدار من قبل قيادة عمليات صلاح الدين.
ونشرت الاحزاب الكوردية من ضمنه الاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني توضيحا بعد احداث بلكانة بساعات واكدوا على ان الوضع تحت السيطرة، من دون ان يوضحوا حقيقة محاولات وما ان كان تلك الاحداث تتكرر ام لا.
قرية بلكانة شمالي غرب كركوك، تسكن فيها 25 عائلة وتبلغ مساحتها 60 الف دونما من الاراضي الزراعية، وتعرضت القرية اسوة بباقي القرى التابعة لناحية سركران عام 1975 الى حملات التعريب في عهد الحزب البعث العربي، وذلك بترحيل سكان المنطقة الاصليين من الكورد واسكان اخرين بدلا منهم من القومية العربية.
محمد ادريس، معلم يدرس الاطفال في القرية قال لـ (كركوك ناو) ان "المواطنين العرب الذين يسعون لاستيلاء على قريتنا، فشلوا من استعادتها قانونيا، ويلجؤن الى القوة لاجبارنا على ترك منازلنا"، مضيفا "بالرغم من قلة عددنا، الى اننا لن نتخلى عن ارض اباءنا واجدادنا، وان كان الوضع صعبا بالنسبة لنا".
وكشف مكتب المادة 140 من الدستور العراقي، بداية عام 2018 عدد من الوثائق التي تتهم فيها الادارة الحالية لمحافظة كركوك "بتعريب" القرى التابعة لناحية سركران.
ووجه محافظ كركوك وكالة كتابا الى قائممقامية قضاء الدبس وقيادة عمليات صلاح الدين يطلب فيه مساندة العوائل العربية الوافدة للرجوع الى مناطقهم والى سكناهم.
ونفى محافظ كركوك وكالة راكان سعيد الجبوري الاتهامات الموجهة اليه في هذه القضية وقال في حديث خاص لـ (كركوك ناو) عام 2018، ان "هذه القرى فيها منازل لأشخاص هجروا منها بعد العام 2003 ومازالت المنازل بأسمائهم بالإضافة الى الأراضي".
وأوضح الجبوري "لا نقول ان الارض تعود بسرعة لكن العوائل بعيدين عن منازلهم واراضيهم منذ قرابة الـ13 عاماً، وكل شيء بأسمائهم ووفق القانون والشخص الذي يريد ان يعود الى داره يلقى معارضة من اهالي المنطقة".
وتعتبر القرى التابعة لناحية سركران جزءا من المناطق المتنازع عليها حالها حال جميع المناطق التابعة لمحافظة كركوك ويجب حسم مصيرها وفق المادة 140 من الدستور العراقي الحالي بين الحكومة المركزية وحكومة اقليم كورستان.
ووفقا للمادة 140 من الدستور العراقي، استلم العرب الوافدين تعويضا بلغ قدره 20 مليون دينار عراقي مقابل عودتهم الى مناطقهم الاصلية وعودة السكان الاصليين الى مناطقهم في كركوك وباقي المناطق المتنازع عليها لتطبيع الوضع في تلك المناطق، الا ان قضية اعادة الاراضي الزراعية الى اصحابها لم تحسم بعد.
وطالب مجلس القضاء الاعلى العراقي، تفعيل المادة 140 من الدستور العراقي والعمل به في المحاكم، وجاء ذلك في كتاب موجه الى محكمة استئناف كركوك.