رغم حرارة الأجواء، يقضي علي موسى، بصحبة أربعة من أبنائه، يومهم في حراسة مزارعهم جنوب قضاء تلعفر، بعد موجة حرائق كبيرة استهدفتها، دون الوصول إلى من يقف وراءها، الجماعات المسلحة، أو الخلافات الشخصية، أو الحوادث الطبيعية التي تحدث في كلّ مكان.
"نخشى أن تكون هدفاً للحرائق التي طالت مزارع مجاورة"، هكذا يعبر موسى عن قلقه على أرضه التي أتت أُكلها وبدأ بحصاد ثمارها. ويكمل لـ(كركوك ناو)، قائلاً: "ظاهرة حرق مزارع الحنطة والشعير، باتت ظاهرة مخيفة ومقلقة لنا، فلا يكاد يمر يوم دون أن يستهدف حريق مزرعة هنا أو هناك".
من جانبه يذكر، سعد خالد، أن "الحرائق تسبب لنا قلقا بالغا ونضطر الى حراسة مزارعنا على مدار الساعة"، ويضيف أن "البعض من المزارعين لم يتمكن من زراعة أراضيه نتيجة العبوات والمخلفات التي تركها داعش، فيما بعض المزارع تضررت نتيجة الفيضانات والحالوب، واليوم نواجه خطراً كبيراً آخر، يتمثل بالحرائق"، ويتابع "الخاسر الأكبر من كلّ ذلك هو اقتصاد البلد وبالنتيجة المواطن".
بدوره أكد مدير زراعة تلعفر، سالم محمد ان "احتراق مساحات زراعية واسعة، ضمن المقاطعات ١٩ /تل عواد و /٢٠ تل عزو ورفيع/٢٢ و شعيرات ٣٦ ضمن قاطع شعبتي تلعفر الأولى والثانية"، وأضاف أنه "تمّ إخماد الحرائق من قبل فرق الدفاع المدني والأجهزة الأمنية والحشد الشعبي وآليات بلدية تلعفر والعشائر والمواطنين". ودعا الفلاحين إلى "ضرورة متابعة حقولهم الى حين الانتهاء من حملة الحصاد".
وأشار إلى أن "بعض الحرائق كانت نتيجة شرارة انبعثت من الحاصدات، كما حدث في مقاطعة 35/ خراب جحاش، أثناء عملية الحصاد لأرض الفلاح أحمد قايش ضمن شعبة عمل زراعة تلعفر الثانية حيث تسبب الحريق بإتلاف 20 دونماً من الشعير، قبل أن تتم السيطرة عليه من قبل الفلاحين والمزارعين والمواطنين والقوات الأمنية المتواجدة في المنطقة وفريق الدفاع المدني".
وتوجّهت أصابع الاتهام بإشعال تلك الحرائق إلى بعض دول الجوار، وتنظيم داعش، الذي كان من المتوقّع أن يغيّر أسلوب حربه في العراق، ويتحوّل إلى حرب العصابات بعد هزيمته في حرب الجبهات.
بينما ذكر رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، في 28 أيار الماضي، أن "حرائق محاصيل الحبوب ليست كلها أعمالا عدوانية، بل أغلبها بسبب بعض الخلافات وبسبب ارتفاع درجات الحرارة". وأكد أن "الكميات التي احترقت ليست بالكبيرة جداً، وهذا يحصل غالباً وفي معظم دول العالم في موسم الحرارة الشديدة وهي معدلات متواضعة مقارنة بالدول الأخرى".
ثم عاد عبد المهدي، لاحقاً، وأقر بأسباب أخرى، من بينها الأسباب الإرهابية، وذكر أن "حرائق محاصيل الحبوب تحدث لأسباب جنائية أو إرهابية، ولكن هناك حرائق تحصل لأسباب عرضية كتماس كهربائي أو نزاع أو انتقام، وهناك مزارعون يحرقون التربة لتهيئتها للزراعة". مطالبا بـ"عدم المبالغة في هذا الأمر إذا كنا نريد خدمة وطننا وشعبنا".
وتقع تلعفر، ذات الاغلبية السكانية التركمانية، شمال غرب مدينة الموصل، وتعرضت بعد العام 2004 إلى عمليات عنف متواصلة خلفت الاف القتلى والجرحى، ودمرت الاف المنازل والمتاجر، في مناطق القضاء المختلفة.
وأكدت السلطات الأمنية، بما فيها الحشد الشعبي، أنها ساهمت إلى جانب فرق الدفاع المدني في اخماد النيران في مناطق زراعية عديدة في تلعفر، واستعدادها في التعاون مع الجهات المعنية والمزارعين في الحدّ من هذه الظاهرة الخطيرة، بحسب مدير عمليات الحشد في تلعفر حسين البرزنجي.
وتتواصل حملة حصاد محصولي الحنطة والشعير في تلعفر، فيما باشر مركز استلام الحبوب، الذي تمّ استحداثه على أرض مطار تلعفر العسكري، باستلامها من الفلاحين، من قبل شركة ما بين النهرين العامة للبذور.
وكانت شعب الزراعة في تلعفر، أعلنت في الـ18 من أيار الجاري، انطلاق حملة الحصاد الميكانيكي، لمحصول الشعير في القضاء، الذي يعد من المناطق الزراعية الرئيسية في العراق، في محصولي الحنطة والشعير.
وقبعت تلعفر تحت سيطرة تنظيم الدولة (داعش) في حزيران 2014، واضطر أغلب سكانها البالغ عددهم نحو 225 ألف نسمة إلى النزوح عنها، إلى محافظات الوسط والجنوب واقليم كردستان وكركوك وتركيا، قبل أن يعاود نحو 45% منهم العودة إليها مجددا بعد تحريرها في أب 2017.