توجد بعض المناطق داخل مدينة كركوك، يصعب على النساء الدخول اليها ويخترن الصمت أمام التحرشات الجنسية التي يتعرضن لها، الا انهن يفضلن عدم تسجيل الشكوى ضد المتحرشين، على الرغم ان الفعل يشكل جريمة يعاقب عليها القانون.
تتعرض النساء للتحرش في الاسواق والمؤسسات الحكومية والتربوية
وبحسب متابعات صحفية لـ (كركوك ناو)، تتعرض النساء للتحرش في الاسواق والمؤسسات الحكومية والتربوية، الا انهن يفضلن اختيار الصمت بدلا من تقديم الشكوى، ويرفض النساء والفتيات التحدث الى الاعلام حول تعرضهن للتحرش، وتعتبر ذلك من اهم المشاكل التي اصبحت عائقا للحد من الظاهرة.
لا توجد احصائية رسمية في محافظة كركوك حول جريمة التحرش، لان اغلب الضحايا يرفضن تقديم الشكوى ضد ممن يتحرشن بهن، باستثناء عدد قليل منهن يتحدثن عن تعرضهن للتحرش شفهيا للمنظمات والجهات المدافعة عن حقوق المرأة.
النساء والفتيات يفضلن اختيار الصمت ضد المتحرشين بدلا من تسجيل الشكوى، وذلك في وقت أصدر مجلس القضاء الاعلى في العراق، سلسلة من الاجراءات لمواجهة التحرش من ضمنها تفعيل عدد من الفقرات والمواد القانونية في قانون عقوبات العراقي، بناء على طلب من مجلس النواب.
لا شكوى ضد المتحرشين
ان اغلب النساء والفتيات اللاتي يتعرضن للتحرش، لا يسجلن الشكوى ضد المتحرشين ويفضلن اختيار الصمت بدلا من التحدث عما يتعرضن لها، وذلك خوفا من المجتمع، بحسب متابعات اجرتها المنظمات المدنية المعنية بحقوق المرأة.
"المتحرشين ليسوا اشخاص عاديين فقط، بل ومن بينهم منتسبين في صفوف القوات الامنية، وفي بعض الاوقات تعرضت شخصيا للتحرش الجنسي واجبرت على ضرب المتحرش بحقيبتي اليدوية،" سرود احمد، مديرة فرع كركوك لمنظمة الامل العراقية قالت ذلك، والتي تعمل كمدافعة عن حقوق المرأة.
يعتقد مجتمعنا بأن النسوة اللاتي يتعرضن للتحرش، هن السبب الرئيسي لتعرضهن لذلك
"يعتقد مجتمعنا بأن النسوة اللاتي يتعرضن للتحرش، هن السبب الرئيسي لتعرضهن لذلك كونهن اقدمن على امر تستحق التحرش بهن، وهذا السبب الرئيسي التي تؤدي الى عدم توجه النساء الى المراكز لتسجيل شكوى ضد المتحرشين"، سرود قالت ذلك.
وبحسب الاحصائيات غير الرسمية لمنظمة الامل العراقية فرع كركوك، تم تسجيل أكثر من 60 حالة تحرش "ولكن توجد عشرات الحالات المماثلة لم تسجل بصورة رسمية"، هذا ما أكدتها سرود احمد.
بحسب المنظمات المدافعة عن حقوق الانسان، التحرش في كركوك اغلب الاوقات تكون شفهية (كلام غير لائق) أو جسدية تتعرض لها الفتيات والنساء، مع انواع اخرى من العنف تتعرض لها النساء.
وتعتقد مديرة فرع كركوك لمنظمة أمل العراقية، ان ظاهرة التحرش تكثر قبل الاعياد بسبب اقبل المواطنين بكثرة على الاسواق واثناء الدوام الرسمي للطلبة.
من يتعرض للتحرش؟
الطالبات وخصوصا اللواتي يدرسن في مراحل المتوسطة والاعدادية قبل وصولهن للكليات والمعاهد، يعترضن للتحرش اثناء ذهابهن الى الدوام وعودتهن الى المنزل، بحسب متابعات للمفوضية العليا المستقلة لحقوق الانسان العراقية.
اغلب حالات التحرش الجنسي تمارس ضد الطالبات
مدير مكتب كركوك لمفوضية حقوق الانسان، سجاد جمعة ولي قال في حديث له مع (كركوك ناو) ان "اغلب حالات التحرش الجنسي تمارس ضد الطالبات، وخصوصا في مراحل الابتدائية، المتوسطة والاعدادية".
ولا تمتلك المفوضية العليا المستقلة لحقوق الانسان اسوة بالمنظمات المدافعة عن حقوق المرأة، احصائية رسمية عن حالات التحرش الجنسي، بسبب عدم تسجيل الضحايا شكاوى قانونية.
"لا نملك قسما خاصا بجمع الاحصائيات حول قضايا التحرش، كما ولا يمكننا القول بأن التحرش اصبحت ظاهرة، الا ان المجتمع والتقاليد العشائرية بسبب منع الضحايا من اقامة دعاوي قانونية ضد المتحرشين، لمتابعة القضية من القبل الجهات المعنية".
وبخلاف عن محافظة كركوك وباقي المحافظات العراقية، تنشر مديرية مناهضة العنف ضد المرأة في اقليم كوردستان، احصائيات العنف ضد المرأة شهريا من ضمنها التحرش الجنسي.
وبحسب احصائية لمديرية العنف ضد المرأة في الاقليم، سجلت في شهر اب الماضي، خمسة شكاوى قانونية ضد المتحرشين.
وتابع مدير فرع كركوك للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات "لدينا دورات تثقيفية ومن خلال لجاننا ننظم زيارات ميدانية الى المدارس والكليات والمعاهد لمواجهة ظاهرة التحرش، وتبين لنا من خلال زياراتنا ان نسبة التحرش الجنسي كبيرة جدا".
"احمي نفسك"
بدأت حملة لمناهضة ظاهرة التحرش الجنسي في كركوك، من قبل فريق تطوعي مسيحي، بهدف توعية الطلاب والطالبات حول كيفية حماية أنفسهم من التحرش.
خليل ابراهيم، مشرف فريق "احمي نفسك" قال في حديث لـ (كركوك ناو) "عندما نزور المدارس، نجتمع مع الاطفال الذين سبق وان تعرضوا للتحرش، ونعلمهم كيفية التعامل مع ما تعرضوا له سابقا".
يتكون الفريق من اربعة أشخاص ويتبعون كنيسة الكلدانيين بكركوك، نظموا دورات تثقيفية العام الماضي لأربعة مدارس وروضة اطفال واحدة.
"مع الاسف ادارة بعض المدارس لا تسمح لنا بالدخول الى مدارسهم لانهم يعتقدون بأننا نعلم الاطفال الديانة المسيحية، ولكننا الان نسعى للتواصل مع احدى المنظمات المدنية لنكون جزءا منهم وتمكيننا من دخول المدارس".
ما سبب تكتم المرأة على التحرش الجنسي
على الرغم من ان عادات وتقاليد المجتمع لا تسمح للمرأة الحديث عن تعرضها للتحرش، عدد من المعنفات يجبرن على تكتم ما يتعرضن لها تحت الضغط، هذا ما قالته رئيسة لجنة حقوق الانسان والمرأة والطفل في مجلس محافظة كركوك، جوان حسن.
وأضافت جوان، في بعض الاوقات تتعرض الموظفات للتحرش في المؤسسات الحكومية، ولكن لا أحد يسجل الشكوى وتبقى سرية او يخترن الصمت خوفا من فصلهن أو نقل مكان عملهن.
في بعض الاوقات تتعرض الموظفات للتحرش في المؤسسات الحكومية
وسبب اخر من اسباب سكوت النساء والفتيات عما يتعرضن لها من التحرش، هي الخوف من المجتمع ووضع علامة الاستفهام على شخصية المشتكية ويقولون لها "ما الذي فعلتها تلك المرأة مما يؤدي الى التحرش بها"، وهذا من الاسباب التي تجعل من المرأة تلزم الصمت بدلا من الدفاع عن نفسها.
الا ان مجلس القضاء الاعلى وبحسب قانون العقوبات العراقي حدد عقوبة المتحرش بالحبس تصل الى مدة سنة وغرامة مالية.
ورحب رئيسة لجنة حقوق الانسان والمرأة والطفل في بقرار مجلس القضاء الاعلى وقالت، اعتقد بأن القرار سيؤثر بصورة ايجابية للحد من ظاهرة التحرش، أو القضاء عليها في الاماكن العامة والدوائر الدولة.
وتابعت، العديد من النساء العاملات يشعرن بالخوف من تسجيل الشكوى ضد المتحرشين بهن، خوفا من طردهن من عملهن او مستقبل اطفالهن "في أحد الايام جاءت إمراة كانت تعمل في احدى الكافتريات وتحدثت عن تعرضها للتحرش، وطالبناها بضرورة تسجيل شكوى ضد من تحرش بها، الا انها رفضت ذلك خوفا من مستقبل بانتها الصغار".