"لا يهم اسم الشركة والمجال الذي تعمل به، ما يهم هو أي خدمة ستقدمها لسكان كركوك"، هذا ما قاله أرشد زينل (47 سنة)، بائع لحوم في سوق القورية بكركوك، رداً على سؤال حول ما يشعر به إزاء عودة شركة بريتش بتروليوم BP إلى كركوك.
أرشد من بين مواطني كركوك الذين يرحبون بالعقود التي تبرمها الحكومة مع الشركات لتطوير الحقول النفطية في المحافظة، يقول أرشد "هذا عمل جيد جداً لأننا في مدينة غنية بالنفط"، لكنه تساءل "ما نوع الخدمات التي ستقدمها الشركة، أهالي كركوك سئموا من الوعود الكبيرة التي لم تترجم إلى أفعال، العديد من الشركات جاءت إلى هنا ثم غادرت دون أن يكون لها أي فائدة للناس".
في 15 كانون الثاني من العام الحالي، وقعت الحكومة العراقية عقداً مع شركة بريتش بتروليوم في لندن لإعادة تأهيل وتطوير أربعة حقول نفطية تابعة لشركة نفط الشمال في محافظة كركوك.
واشار بيان للحكومة العراقية إلى أن العقد يستهدف زيادة الإنتاج والوصول إلى أفضل المعدلات الإنتاجية المستهدفة من النفط والغاز.
أرشد، وهو من المكون التركماني، قال "البريطانيون هم من اكتشفوا النفط في كركوك، لذا يعتبرون أنفسهم أصحابها، لكن المهم هو ما الخدمات التي سيقدمونها هذه المرة مقابل نفطنا، يجب أن تشترط الحكومة ذلك على الشركات"، وأضاف، "يجب توفير فرص عمل لأبنائنا".
بسام عواد (39 سنة)، من المكون العربي، قال إن "الشركة الأجنبية ستحصل على حصتها بل وأكثر، ما الذي يمكننا أن نطلبه منها إذا لم يكن صوتنا يصل لحكومتنا"، ويرى أيضاً بأن كركوك الغنية بالنفط "كان من المفترض أن تكون جميع شوراعها وأزقتها من المرمر، لكن جيوبهم لا تشبع من أموال النفط "، في إشارة إلى المسؤولين في الحكومة العراقية.
منذ إبرام العقد الذي تعود بموجبه الشركة البريطانية إلى كركوك، يمثل ما ذكر آنفاً جزءاً من الجدل الدائر بين مواطني كركوك، لأن استخراج النفط فيما مضى لم يسهم في توفير الخدمات الأساسية للسكان.
مدينة كركوك غارقة في النفايات، خدمات الماء والكهرباء والقطاع الصحي متردية، لذلك هناك حالة من عدم التفاؤل بعودة الشركة الأجنبية للعمل في كركوك.

في آذار من هذا العام أعلنت وزارة النفط العراقية أنه بموجب العقد 85 بالمائة من الكوادر التي سيتم تعيينها للعمل في حقول كركوك في إطار المشروع ستكون عراقية، لكن حين نشرت هذه المعلومات على صفحة (كركوك ناو)، ألمحت غالبية التعليقات إلى ما يقال مجرد دعاية.
وكتب أحد المعلقين "رأينا مثل هذه الأفلام من قبل في العراق"، وكتب آخر "عادوا من أجل السيطرة على اقتصاد العراق".
وطالب البعض بأن تكون نسبة الـ85 بالمائة من محافظة كركوك وليس من جميع أنحاء العراق، وأشار تعليق آخر إلى أن "جميع التعيينات ستكون بالواسطة والمحسوبية".
هذا يظهر بأن المواطنين ينظرون بريبة لتنفيذ العقد ولا زالوا بحاجة لضمانات من شركة BP البريطانية للعمل في حقول النفط والغاز بكركوك.
في 31 آذار، شدد وكيل الوزارة لشؤون الاستخراج، باسم محمد، على أن العقد مع شركة بريتش بتروليوم البريطانية هو لرفع انتاج حقول نفط الشمال إلى 420 ألف برميل يومياً، وذلك في حقول آفانا، باي حسن، وجمبور، وخباز في محافظة كركوك، في حين أن حجم الإنتاج الحالي هو 308 ألف برميل فقط.
" العقد يمتد لمدة 25 عاما قابلة للتمديد لخمس سنوات إضافية "، بحسب باسم محمد.
العقد المبروم مع الشركة البريطانية لا يتعلق بانتاج النفط فقط، بل يتعلق جزء منه باستثمار الغاز المصاحب في الحقول التابعة لشركة غاز الشمال، والتي تصل طاقتها بحسب وكيل وزارة النفط، "إلى 400 مليون قدم مكعب قياسي يوميا".

ويتضمن العقد أيضاً تقييم وتأهيل وتوسعة منشآت شركة غاز الشمال.
في كانون الثاني 2020، أوقفت شركة بريتش بتروليوم العمل في حقول محافظة كركوك النفطية وقررت الانسحاب وذلك بسبب خلافات مع الحكومة العراقية بشأن العقد السابق الذي وقع عام 2018 بهدف رفع انتاج نفط كركوك.
وفي عام 2019 كشفت وزارة النفط العراقية أنها أعدت خطة للنهوض بانتاج النفط في حقوق كركوك الى مليون برميل يوميا.
أحمد عسكر، الذي كان رئيس لجنة النفط والغاز في مجلس محافظة كركوك، قال "انسحاب الشركة في 2020 كان يتعلق بطلب الشركة البريطانية العمل في كافة الآبار النفطية في كركوك وليس عدداً من الآبار، حيث كانت قد تلقت وعوداً بتجديد العقد في حال زيادة القدرة الإنتاجية، لكن الحكومة العراقية لم تقبل بذلك".
يعود تاريخ عمل شركة بريتش بتروليوم BP في كركوك بعد سقوط نظام البعث في العراق لعام 2013، قبل أن تغادر كركوك في أعقاب هجوم مسلحي داعش في 2014.
هلمت قادر، كاسب يعمل في سوق جوت قاوه بكركوك قال "سمعت بهذه الشركة من وسائل الإعلام فقط، يجب على الحكومة أن تراقبها وترغمها على تقديم الخدمات وتوفير فرص العمل وتأهيل شبابنا في مجالات مختلفة".

"إذا أرادت الشركة أن تحقق هدفها يجب أن تثبت لنا بأن قسماً من عائدات استخراج النفط سيكرس لخدمة المواطنين"، حسبما قال حسن عيسى، موظف من المكون الكوردي، والذي شدد على أن "نفط كركوك يباع منذ زمن بعيد دون أن يستفيد السكان منه".
وكيل وزارة النفط العراقية، باسم محمد، أوضح في مقابلة مع قناة العراقية شبه الرسمية فقرة من العقد تتضمن تقديم خدمات اجتماعية للمناطق المحيطة، إلى جانب تشغيل آلاف الأيدي العاملة العراقية، ودعم الشركات المحلية، فضلاً عن تنفيذ برنامج تدريبي لتطوير الكوادر الوطنية الهندسية والفنية بالتعاون مع شركتي نفط الشمال وغاز الشمال.
كما لفت إلى أن شركة BP ملتزمة بإنشاء محطة كهرباء بقدرة 400 ميغاواط، ما يسهم في تعزيز البنية التحتية للطاقة في المنطقة.