في وقت متأخر من أحد ليالي عام 2017، عندما عاد حبيب مولود من العمل، كان أبنه ترك المنزل ولا يعرفون عنه شيئا، وعند الاتصال بهاتفه قال لوالده بصوت مليء بالثقة "انا على الوشك الوصول الى غرب كوردستان للانضمام الى صفوف وحدات حماية الشعب".
كان ذلك اخر مرة سمع حبيب صوت أبنه، الى ان اعيد جثته الاسبوع الجارٍ من تل أبيض الى منزله بمنطقة بنجا علي في كركوك.
ابراهيم حبيب ذو الـ (16 عاما) واحد من عشرات الشباب الذين التحقوا بصفوف وحدات حماية الشعب من 2014 الى العام الحالي للمشاركة في الحرب ضد داعش بغرب كوردستان، بجانب وحدات حماية الشعب، ولكن بعد مرور عامين وفي يوم 16 تشرين الاول قتل بقصف لطائرات التركية في مدينة تل أبيض.
قصة طفولة مظلوم دوغان
ابراهيم حبيب مولود والمعروف بـ (مظلوم دوغان) من مواليد عام 2000 بمدينة كركوك، وهو الابن الثاني لعائلته، كان عمره ثمانية اعوام عندما توفيت والدته.
وتحدث اقاربه لـ (كركوك ناو) وأكدوا على ان ابراهيم كان طفلا هادئا وذكيا جدا، كان يقرأ الكتب القومية بجانب مناهجه الدراسية بشكل مستمر.
وقبل ذهابه الى كوردستان سوريا، كان ابراهيم يعمل مع والده والذي لديه محلا لتصليح السيارات في مدينة كركوك.
درس الصف الرابع الاعدادي، ولكن بعد ظهور تنظيم داعش وسيطرته على عدة مدن في العراق وسوريا، فكر بالالتحاق بقوات سوريا الديمقراطية في كوردستان سوريا.
وقال زيد حبيب عن شقيقه ابراهيم في حديث مع (كركوك ناو) "كان شابا طيبا وهادئا جدا، كان يتصرف كأنه شخص كبير في العمر، وبعد وفاة والدتنا، كان مثل والدتنا حنينا، كان منشغلا بالقراءة بعدما أكمل الصف السادس الابتدائي، كان يقرأ غالبا الكتب الذي يتحدث عن القضية الكوردية".
مظلوم دوغان يغادر كركوك
في عام 2017، غادر ابراهيم حبيب (مظلوم دوغان) كركوك، وذلك في أحد الايام الذي كان والده وشقيقه يعملان في محلهم بكركوك ولم يكن يعلم أحد بأمره.
ويقول والد ابراهيم، حبيب مولود "في أحد الليالي وبعد عودتي من العمل لم يكن ابني ابراهيم موجودا في المنزل، اتصلت به كان هاتفه مغلق، كنت خائفا جدا عليه وصلنا الى وقت متأخر من الليل ولم احصل على خبر منه ولم أكن اعرف ما الذي حصل أو سيحصل له".
في الساعة 11 ليلا، اتصل رقم مجهول بهاتف حبيب مولود، وعند الاجابة عليه كان ابنه ابراهيم وتحدث معه بصوت مليء بالثقة وقال "أبي انا على وشك الوصول الى غرب كوردستان مع عدد من الاشخاص"
كان ذلك اخر مرة يسمع فيه حبيب صوت أبنه ابراهيم قبل وصول الى غرب كوردستان.
بعد وصول داعش الى مشارف كركوك في عام 2014، حاول ابراهيم ان يحمل السلاح ويتوجه الى الجبهات الامامية، الا ان والده منعه من ذلك كونه لم يتعدَ الرابعة عشر من عمره.
عودة مظلوم دوغان الى كركوك
مساء يوم 17 تشرين الاول الجاري، اتصل رقم مجهول بوالد ابراهيم، حبيب مولود وأخبره بضرورة المجيء الى السليمانية لوجود اخبار جديدة عن ابنه ابراهيم.
افرح ذلك الخبر حبيب مولود، كونه سيسمع اخبار جديدة عن أبنه الذي انقطع اخباره منذ أكثر من عامين أو سيلتقي بأبنه من جديد.
واتفق الجانبان ان يلتقيا بمدينة السليمانية، لرؤية أبنهم ابراهيم، الا ان وفد من مؤسسة الشهداء في الحزب العمال الكوردستاني وصلوا الى منزل والد ابراهيم بمدينة كركوك.
ويقول حبيب "عندما شاهدت الوفد علمت بأنهم لا يحملون اخبار سارة بخصوص ولدي ابراهيم، وبعد جلوسهم لدقائق، قال للأسف الشديد استشهد ابنك ابراهيم في قصف لطائرات التركية، كنت آنذاك اشاهد فضائية روناهي باستمرار لكي اشاهد أبني من مرة اخرى قبل وفاتي، ولكنني لم اراه قط".
"خبر استشهاد أبني احرق قلبي، الا انني مرفوع الرأس، وأقولها من خلالكم، تركيا ليست صديقنا، ليس لدينا أحد يدعمنا باستثناء الله سبحانه وتعالى"، حبيب مولود قال ذلك.
قتل مظلوم دوغان، اثناء المعاركت التي دارت بين القوات التركية التركية وقوات سوريا الديمقراطي بمدينة تل ابيض في كوردستان سوريا.
"ابراهيم ورفاقه كانوا يقاومون ببسالة، بعدما تحولت الحرب الى حرب الشوارع، تمكنوا من قتل 21 مهاجما من قوات التابعة لتركيا في غضون نصف ساعة، مما استدعى تدخل الطائرات التركية وقصف مكان تواجدهم واصيب بعدد من الشظايا استشهد على اثره"، هكذا تحدثوا عن بطولات ابراهيم لوالده.
وصل جثمان ابراهيم يوم 21 تشرين الاول وفي ووري جثمانه الثرى في مراسيم جماهيرية كبيرة في مقبرة رحيماوا بمدينة كركوك.