تفرض قوّات أمن حكومة إقليم كردستان العراق قيودا "تعسفية" على أغلب سكان مخيّم مخمور ويمنعهم من عبور نقاط التفتيش باتجاه اربيل، مما تسبب بفقدان امراتين لجنينهما اثناء احالتهما من المخيم الى مستشفيات محافظة اربيل، بحسب تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش.
وبحسب تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش، نشرتها اليوم الثلاثاء 27 تشرين الثاني جاء فيه، إن قوّات أمن حكومة إقليم كردستان العراق فرضت قيودا تعسفية على أغلب سكان مخيّم مخمور للاجئي أكراد تركيا منذ منتصف يوليو/تموز 2019.
قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "لا يجوز أن تعاقب السلطات جميع سكان المخيم بسبب تعاطف بعضهم مع حزب العمال، دون أي دليل على ارتكابهم جريمة. هذه القيود التعسفية على سكان المخيّم منعتهم من الوصول إلى وظائفهم والحصول على رعاية صحية".
يأوي المخيّم، وهو على مسافة 60 كيلومتر جنوب غرب إربيل، 12 ألفا على الأقل من أكراد تركيا، أغلبهم فرّوا من جنوب شرق تركيا في 1993-1994 عندما هجّر الجيش التركي مئات آلاف الأكراد قسرا من قراهم أثناء النزاع مع حزب العمال. وفي 2011، سجّلت كل من السلطات العراقية و"المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين" (مفوضية اللاجئين) الموقع بشكل رسمي كمخيم للاجئين، ومنحت السلطات سكانه وضع اللجوء.
قال خمسة سكان لـ هيومن رايتس ووتش إنهم كانوا يحملون الوثائق المطلوبة وتصريحا بمغادرة المخيم، لكن قوات الأمن منعتهم من تجاوز أول نقطة تفتيش على الطريق إلى إربيل ومدن الإقليم الأخرى. قال رجل آخر إنه خسر وظيفته نتيجة لذلك، ولم يجد وظيفة جديدة توفّر له رسالة عمل. قالوا إن الطلاب فقط وبعض الأشخاص ممن أحيلوا إلى المستشفيات تمكنوا من العبور.
عندما فقدت جنيني، كنت حزينة وشعرت أنني قد أموت في تلك اللحظة دون أن ينتبه إليّ أحد
قالت امرأة إن زوجها أخذها مساء 8 أغسطس/آب، لما كانت حامل في شهرها السادس، إلى مستشفى المخيم بسبب نزيف حاد. طلبت منها الطبيبة هناك التوجه إلى مستشفى في إربيل للحصول على علاج طارئ. لم يكن في المخيم سيارة إسعاف، فحملها زوجها في سيارة. تمكنوا من عبور ثلاث نقاط تفتيش، لكنهم أُوقفوا في النقطة الأخيرة.
وقالت ان "عنصر أمن قال لزوجي إن لديهم تعليمات بمنع مرور أي شخص من المخيم إلى إربيل. كنت أنزف في السيارة، لكن عنصر الأمن نظر إليّ وقال إنني بخير". قالت إنهم عادوا أدراجهم، ففقدت جنينها في طريق العودة.
"عندما فقدت جنيني، كنت حزينة وشعرت أنني قد أموت في تلك اللحظة دون أن ينتبه إليّ أحد. ومنذ ذلك الوقت، لم أحصل على أي رعاية طبية لازمة" هذا ما قالتها تلك المراة.
قالت طبيبة من عيادة المخيم إنها حاولت إحالة العديد من الحالات إلى مستشفيات إربيل بسبب محدودية خيارات العلاج في المخيم، لكنها لم تنجح في أغلبها: "قال لنا الأسايش إنهم لا يثقون في صحة الإحالات القادمة من عيادتنا. وبعد ذلك اتصلنا بمستشفى مخمور، الذي يعاني من شح الموارد الطبية أيضا، لنحيل عليه نفس الحالات لكنهم رفضوها أيضا".
وذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير العديد من القصص المؤثرة في مخيم مخمور بسبب فرض قيود صارمة على سكان المخيم من قبل قوات الامن الكوردية.
فُرضت هذه القيود إثر قتل ديبلوماسي تركي في مدينة إربيل المجاورة يوم 17 يوليو/تموز على يد مجهولين يُشتبه في انتمائهم إلى "حزب العمال الكردستاني" (حزب العمال)، وهو جماعة مسلحة في حالة صراع مع تركيا منذ عقود. اعتقلت قوات أمن الاقليم، المعروفة بـ "الأسايش"، العديد من المشتبه فيهم وفرضت القيود، على ما يبدو بسبب ما اعتبرته مساندة من بعض السكان لحزب العمال.
سلطات الإقليم "قيّدت قليلا وبشكل مؤقت" تنقل سكان المخيم بسبب "مخاوف أمنية
وردّ ديندار زيباري، المسؤول عن التواصل مع المنظمات الدولية في حكومة الاقليم، على استفسار حول الوضع من هيومن رايتس ووتش، قائلا إن سلطات الإقليم "قيّدت قليلا وبشكل مؤقت" تنقل سكان المخيم بسبب "مخاوف أمنية".
زعم أن "التدابير الجديدة لم تشمل الذين لهم وظائف، والطلاب، والباحثين عن علاج في مستشفيات إقليم كردستان ما داموا يحملون وثائق موافقة". وفي رسالة إلكترونية لاحقة بتاريخ 6 نوفمبر/تشرين الثاني، كرّر زيباري أن "جميع هذه الاحتياطات مؤقتة وترمي إلى حفظ سلامة الجميع"، وقال إن "وثائق الموافقة" تعني الرسائل التي يقدمها أصحاب العمل والمؤسسات التعليمية والتي تؤكد وضع الشخص.
وتقول هيومن رايتس ووتش ان، الالتزامات الدولية لسلطات كردستان العراق تفرض عليها ضمان حق اختيار مكان الإقامة والتنقل بحرية لكل شخص على أراضيها. بموجب القانون الدولي، لا تستطيع السلطات فرض قيود على حركة الأشخاص – مواطنين وأجانب – "غير تلك التي ينص عليها القانون، وتكون ضرورية لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم". إضافة إلى ذلك، يجب أن تكون هذه القيود غير تمييزية ومتناسبة مع الهدف الذي وُضعت من أجله.
وقالت ويتسن: "هل يجب أن تفقد الأمهات أطفالهن حتى تفهم سلطات إقليم كردستان أن القيود مفرطة؟ استمرار السلطات في تقييد حق لاجئي مخمور في التنقل يثير الصدمة".
قضاء مخمور، جنوبي شرق الموصل يعتبر من المناطق المتنازع عليها بين اربيل وبغداد، سيطر عليه قوات حكومة اقليم كوردستان بعد عام 2002 الى احداث 16 تشرين الاول 2017 عندما اعادت قوات الاتحادية انتشارها في المناطق المتنازع عليها ويدار القضاء من قبل الحكومة العراقية في الوقت الحالي.