واقع يمنع عودة نازحي تلعفر إلى منازلهم

نينوى، جانب من الدمار الذي لحق بتلعفر.. تصوير: جعفر التلعفري 2018

كركوك ناو - نينوى

ما يزال ملف نازحي قضاء تلعفر، شمال غرب الموصل، يستحوذ على اهتمام جهات رسمية ونخب مجتمعية، في وقت اتفقت فيه على أن نقص الخدمات وعدم تعويض المتضررين وعدم توفر فرص العمل، تمثل أسباب حقيقية وراء عدم رغبة نحو 55% من سكان مركز القضاء، للعودة إلى مناطقهم.

وعزا قائممقام تلعفر قاسم محمد شريف، أسباب عدم عودة نازحي القضاء إلى منزلهم إلى إشغال البعض لبيوتهم، نتيجة تضرر ألاف المنازل في مركز القضاء خلال سيطرة داعش وعمليات التحرير.

وأوضح، في تصريح لـ(كركوك ناو)، أن "ألاف المنازل تعرضت للضرر خلال سنوات سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية ("داعش") لتلعفر، حسب إحصائيات مديرية الدفاع المدني، ما جعل أصحابها يشغلون منازل مواطنين آخرين لم يعودوا إليها حتى الآن". مبيناً أن "البعض منهم من سكان القرى القريبة التي تدمرت بالكامل، حيث تمّ تسجيل 14 قرية مدمرة كلياً".

وأضاف أن "من الأسباب الأخرى التي تحول دون سرعة عودة نازحي تلعفر إلى المدينة، عدم وجود فرص عمل وعدم تقديم الحكومة تعويضات مالية للمتضررين، إلى جانب نقص الخدمات"، كاشفاً عن عودة "ألف مواطن نازح إلى تركيا من أهالي تلعفر خلال الشهرين الأخريين من العام 2019".

بدوره لفت مسؤول محور غرب نينوى للتوجيه العقائدي في الحشد الشعبي، حسن المحراب أن "وسائل الإعلام والتوجهات السياسية لهما دورهما في محاولة عكس صورة غير صادقة عن تلعفر لمصالح خاصة، إضافةً إلى مخاوف الانتقام والتي أغلبها غير حقيقية". داعياً إلى "الإسراع في تعويض المتضررين، وتنظيم ورش عمل وندوات للتوعية بحضور وسائل الإعلام لتعزيز السلم الاجتماعي وإظهار الصورة الواقعية للمدينة".

وينتشر نازحو تلعفر في عددٍ من المحافظات الجنوبية والوسطى، لا سيما النجف وكربلاء وبابل، إلى جانب إقليم كردستان، وكركوك وتركيا، فيما عاد نحو نصف النازحين إلى مدينتهم عقب تحريرها في أب 2017 من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي.

رئيس رابطة قلعة تلعفر الثقافية، (منظمة مجتمع مدني)، إبراهيم محمد يونس، أكد أن "عوائق عودة النازحين تكمن بشكل أساسي في المخلفات الحربية، وعدم وجود مصالحة مجتمعية حقيقية، وعدم اكتمال الخدمات الأساسية، إلى جانب قلة فرص العمل، وعدم وجود برامج تشجيعية من قِبل الحكومة والمنظمات المعنية". مشدداً على "الدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه جامعة تلعفر في تعزيز أواصر التماسك المجتمعي في حال تمت إعادة اعمارها والاهتمام بها من قِبل الجهات المسؤولة".

من جانبه، رأى محافظ نينوى نجم الجبوري، أن "قضاء تلعفر بات جاهزاً لاستقبال كافة النازحين من العوائل التي كانت قاطنة داخل القضاء بعد الاستتباب الأمني الذي يتمتع فيه وعودة الخدمات الصحية والتربوية". مضيفاً، في لقاءٍ جمعه بشيوخ عشائر ووجهاء تلعفر في ديوان المحافظة، في 26 كانون الأول 2019، أن "القضاء ينعم بالتعايش السلمي ما بين المكونات المتواجدة".

 الجبوري مع وجهاء تلعفر

لقاء محافظ نينوى بوجهاء تلعفر 26/12/2019.. تصوير: إعلام المحافظة

 

وأفاد مدير بلدية تلعفر، المهندس محسن حسين زين العابدين، أن "تلعفر أكبر قضاء في العراق، يضم 23 حياً، و30 ألف وحدة سكنية، وعندما سقطت المدينة بيد داعش، عمل على تدميره، بشكل كبير، فقد دمرّ البنى التحتية لها، وفجّر الكثير من منازل المواطنين، والدوائر الحكومية والمدارس، والمحال التجارية". ولفت إلى أن "التنظيم تسبب في تدمير نحو خمسة آلاف منزل بشكل جزئي، وأكثر من 600 منزل بشكل كامل، عبر تفجيرها أو حرقها". مقدراً نسبة الدمار في تلعفر بـ 35%.

فيما شدد الناشط المدني، عبد الجبار الزهيري، على "مناشدة المنظمات الأممية والدولية بضرورة الاهتمام بقضاء تلعفر ومساعدته في تشجيع عودة النازحين من خلال بناء دور واطئة الكلفة"، موضحاً أن "من أهم معوقات عودة النازحين وجود عبوات ناسفة في بعض القرى والأراضي الزراعية، كما يشكو القضاء من قلة خدمات حادة، وعدم اهتمام من الحكومة المركزية والحكومة المحلية في الموصل رغم أن تلعفر سجلت منطقة منكوبة جراء سيطرة داعش".

وأوضح قائلاً "شاهدنا رجوع عوائل تركمانية في إحدى القرى القريبة من تلعفر، إلى خيم بسيطة بعد أن دمرّ داعش منازلها، في حين أن نحو 350 عائلة من سكان قرية قريبة أخرى استقرت في منازل مواطنين آخرين داخل تلعفر، بعد إقدام داعش على تدمير منازلها".

ووقعت تلعفر تحت سيطرة التنظيم في حزيران 2014، واضطر أغلب سكانها البالغ عددهم نحو 225 ألف نسمة إلى النزوح عنها، إلى محافظات الوسط والجنوب وإقليم كردستان وكركوك وتركيا، قبل أن يعاود نحو 45% منهم العودة إليها مجدداً بعد تحريرها في أب 2017.

وتقع تلعفر، شمال غرب مدينة الموصل، وتعرضت بعد العام 2004 إلى عمليات عنف متواصلة خلفت آلاف القتلى والجرحى، ودمرت آلاف المنازل والمتاجر، في مناطق القضاء المختلفة.

 نازحين من تلعفر الى النجف
اطفال نازحون من تلعفر في النجف.. تصوير جعفر التلعفري 2015
  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT