يوما بعد الاخر، يتفاقم الصراع بين زعماء وشخصيات اثنين من أكبر القبائل العربية في كركوك لبسط سلطتها ونفوذها في المؤسسات والدوائر الحكومية، ويصفان بعضهما البعض "بالضعيف في الادارة والضلوع في الفساد".
ظهرت الصراعات بين وجهاء قبيلتي الجبور والعبيد بعد احداث 16 تشرين الاول 2017 بشكل واسع ومستمرة الى اليوم، وليس هنالك بوادر للوصول الى اتفاق مشترك تضع حدا للخلافات والصراعات فيما بينهما.
قبيلة العبيد تتهم محافظ كركوك "وكالة"، راكان سعيد الجبوري بإسناد المناصب المهمة في المحافظة الى اشخاص من قبيلته (الجبور)، وذلك بوضع اشخاص "غير اكفاء" في الادارة والتمييز بين القبائل والعشائر العربية.
راكان سعيد الجبوري، استلم منصب محافظ كركوك عقب احداث 16 تشرين الاول 2017 بناء على اوامر من رئيس الوزراء العراقي السابق، حيدر العبادي بالوكالة، وتسلم المكون العربي منصب المحافظ للمرة الاولى عقب سقوط النظام العراقي السابق في 2003.
عضو الجبهة العربية الموحدة الشيخ حاتم العبيدي أكد في حديث مع (كركوك ناو) "وجود صراعات عنيفة بين القبائل العربية على المناصب والسلطة، بسبب قيام راكان الجبوري "بحسم اغلب المناصب التي هي من حصة العرب في كركوك لصالح قبيلته".
"راكان سعيد وجماعته يقومون بتنصيب شخصيات من قبيلة الجبور بدلا من كل مدير دائرة في كركوك من القومية العربية يُحال الى التقاعد، وفي اغلب الاوقات يقومون بتكليف شخصا من قبيلة الجبور للمدراء الذين لا ينتمون الى نفس القبيلة كنائب له، وبعد فترة ينقلون المدير او يحيلونه الى التقاعد، ويستلم نائبه الجبوري منصب المدير وكالة"، الشيخ حاتم العبيدي قال ذلك.
واضاف الشيخ حاتم العبيدي ان "الخطوات التي تقوم بها ادارة محافظة كركوك اثارت قلق ومخاوف قبيلة العبيد وعدد اخر من القبائل العربية"
الصراع بين قبيلتين على بسط النفوذ
بداية عام 2019، أعلن الشيخ وصفي العاصي، أحد وجها فبيلة العبيد وشقيق الشيخ انور العاصي، امير قبيلة العبيد في العراق عن تشكيل جبهة جديدة ضم عدد من الاحزاب والشخصيات السياسية وكثفوا انتقاداتهم ضد راكان سعيد، محافظ كركوك وكالة أحد قيادات مجلس العربي.
في المؤتمر الاول للجبهة العربية الموحدة والذي عقد في شهر تموز 2019، عبر ممثلين عن قبيلة العبيد عن قلقهم من خلال الاعلام ازاء اداء محافظ كركوك وكالة، حيث اتهم الشيخ وصفي العاصي في كلمة القاها في المؤتمر قال فيها "على ادارة محافظة كركوك العمل لصالح الجميع دون التمييز وتحقيق العدالة وعدم التمييز حتى بين الجبور والعبيد وباقي العشائر العربية".
وفي شهر اب الماضي، كرر العاصي اتهاماته لإدارة محافظة كركوك الحالي وقال "مع الاسف الشديد، الى يوم أمس كانت الاحزاب السياسية تستولي على الاموال العامة، الا اننا نرى اليوم بأن العائلات بدأت تأخذ خيراتنا".
الا ان محمود زيدان، عضو المكتب السياسي للمجلس العربي في كركوك والذي ينتمي اليه راكان الجبوري قال في تصريح لـ (كركوك ناو) ان "الصراعات موجودة بشكل واسع في كركوك، الا اننا نرفض كل شكل من اشكال التمييز على اساس القبيلة والعشيرة، او على اساس المذهب والقومية"، مضيفا ان "الوضع في كركوك لا يتحمل الصراعات القبلية والعشائرية"، من دون ان يتطرق الى تفاصيل الصراعات الموجودة بين قبيلتي الجبور والعبيد حول المناصب والسلطة في المؤسسات الحكومية بكركوك.
الا ان مصدر اخر من داخل المجلس العربي فضل عدم الكشف عن اسمه انتقد العبيد وقال "إذا استلم شخص من قبيلة العبيد منصب مدير دائرة، هل تصف القبيلة ادارة المحافظة بالضعيفة؟ على الرغم من ان عشرات الاشخاص من العبيد يديرون مناصب رفيعة بإدارة كركوك، ما الهدف من تلك الاتهامات إذا؟ هل هدفهم الحصول على المناصب ام خدمة المصلحة العامة؟ لا شك هدفهم الحصول على المناصب".
إذا استلم شخص من قبيلة العبيد منصب مدير دائرة هل تصف القبيلة ادارة المحافظة بالضعيفة
وبحسب احصائيات الجبهة العربية الموحدة والتي اعطيت نسخة منها لـ (كركوك ناو)، حسمت قبيلة الجبور أكثر من 20 منصبا حكوميا من المدراء العاميين، مدراء الدوائر، معاونين وعمداء الكليات لصالحهم، ولم يتمكن (كركوك ناو) التأكد من صحة تلك الارقام والحصول على احصائيات مماثلة بخصوص المناصب التي يديرها اشخاص ينتمون الى قبيلة العبيد.
وقال الشيخ حاتم العاصي، عضو الجبهة العربية "قام راكان سعيد قبل فترة بتبديل عمداء ثلاث كليات في جامعة كركوك في يوم واحد لصالح ثلاثة اشخاص ينتمون الى قبيلة الجبور وجميعهم من قرية واحدة، جميعهم من اقاربه".
وتابع "هل يُعقل عدم وجود اشخاص اكفاء في الجامعة باستثناء الاشخاص المنتمين الى قبيلة الجبور.. ومن داخل الجبور عشيرة الصكر التي ينتمي اليه راكان الجبوري".
عبرت الصراعات والخلافات بين الجبور والعبيد حدود قضاء الحويجة ووصلت الى داخل المؤسسات والدوائر الحكومية في كركوك وينشغل الاعلام والمواطنين بمتابعة تلك الخلافات.
مع انطلاق التظاهرات الاحتجاجية في عدد من المحافظات العراقية، طالبت الجبهة العربية الموحدة بالخروج في تظاهرات احتجاجية ضد ادارة كركوك، الا ان راكان سعيد الجبوري، رئيس اللجنة في كركوك قال "لم نسمح بخروج تظاهرات قبلية وعشائرية في كركوك".
وتوجد عشرات العشائر والقبائل العربية في كركوك، ويتوزعون اثناء الانتخابات على عدد من القوائم والتحالفات الانتخابية بهدف الحصول على أكبر عدد ممكن من الاصوات.
الجبور، العبيد، الحديديين، الحمدان، التميم، البو مفرج والشمر... هم من أبرز القبائل والعشائر العربية الموجودة في محافظة كركوك وانقسموا بين الجبهة العربية الموحدة والمجلس العربي.
مستشار رئيس الجمهورية العراقي، اسماعيل الحديدي، احد وجهاء عشيرة الحديديين قال لـ (كركوك ناو) ان "صراعات قبيلتي العبيد والجبور حول التغييرات الادارية لا تدخل ضمن الصراعات العشائرية، وانما تسمى صراعات سياسية... بعض القبائل تصف نفسها بالقوية ولذلك السبب تتجه الانظار اليها، ولكننا لدينا العديد من القبائل في كركوك هي صاحبة القرار والسلطة في المدينة".
وطالب الحديدي جميع القبائل والعشائر العربية في كركوك "ان يتوحدوا فيما بينهم والعمل على عدم تأثر وحدتهم بسبب الامور الثانوية".
اطالب القبائل والعشائر العربية ان يتوحدوا فيما بينهم والعمل على عدم تأثر وحدتهم بسبب الامور الثانوية
ومن جانبه قال نائب رئيس الجبهة العربية الموحدة، ناظم الشمري بخصوص الخلافات بين العشائر والقبائل العربية في حديث مع (كركوك ناو) "ليس من الجيد التطرق الى الخلافات الموجودة بين القبائل الاخرى، لأنني انتمي الى قبيلة الشمر، ولكنني استطيع القول بأنه لا توجد مشاكل عشائرية، بل توجد بعض الصراعات على المناصب".
الا ان الشيخ حاتم العبيدي يقول، المشكلة تكمن في الية توزيع المناصب العليا في محافظة كركوك وحرماننا من تولي اغلبية المناصب الادارية التي هي من حصة المكون العربي وتُسلب حقوقنا.
وتابع العبيدي "كان من المقرر اسناد منصب مدير البلديات الى شخصية من قبيلة العبيد، ولكن بتدخل من راكان سعيد، تم تكليف شخص من الجبور من بغداد بتولي المنصب".
"اما بخصوص منصب معاون مدير دائرة صحة كركوك والذي هو من القومية التركمانية، قررت ادارة المحافظة تكليف شخص من قبيلة الجبور لاستلام المنصب، وفي حال اقالة المدير او احالته الى التقاعد سيحل الجبوري محله"، الشيخ حاتم العبيدي قال ذلك، مشيرا الى منصب مدير عام تربية كركوك وقال، على الرغم من ان المنصب من حصة المكون التركماني، الا ان الادارة نصبت جبوريا في منصب مدير التربية.
وأوضح الشيخ حاتم العبيدي ان "منصب مدير عقارات المحافظة كان من حصة العبيد، الا ان راكان سعيد أصدر امرا بتحويل الدائرة من اربعة دوائر مختلفة وكلف ثلاثة اشخاص من قبيلته بمهام مدير الدوائر الثلاثة".
"في حال كان الامر خارج صلاحيات محافظ كركوك، يتدخل النائب عن محافظة كركوك، محمد التميمي من بغداد لتسهيل مهمة راكان الجبوري"، الشيخ حاتم قال ذلك.
واتصل (كركوك ناو) على مدار 10 ايام بالنائب محمد التميمي الا انه لم يرد على الاتصالات ومن دون ان يوضح الاسباب.
كما ولم يتمكن (كركوك ناو) من الحصول على تصريح من محافظ كركوك وكالة، راكان سعيد الجبوري أو من مكتبه، الا ان المجلس العربي في كركوك والذي ينتمي اليه راكان سعيد، نفى وصول الصراعات الى المستوى الذي يتحدث عنه الشيخ حاتم العبيدي.
واتهم الشيخ وصفي العاصي، رئيس الجبهة العربية الموحدة، شهر اب الماضي، دارة محافظة كركوك بالضلوع في عمليات ببيع وشراء الدرجات الوظيفية المخصصة لأهالي المحافظة، فيما أكد ان "سعر الحصول على درجة وظيفية من مجموع 2800 درجة لتربية كركوك بلغت 12 ألف دولار".
رئيس الجبهة العربية يقول "لا يجوز إذا أصبح وصفي العاصي محافظ كركوك ان يعيين جميع اقاربه وجميع افراد عشيرة العبيد، واعطاء جميع المقاولات للعبيديين، هل ينفعكم هكذا شخص؟ يجب ان يتحلى المسؤول بالمسؤولية وينظر الى كركوك والعرب والتركمان بعين واحد".