الفقر في الموصل معدلاته ازدادت بعد عام 2014 إثر سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية ("داعش") والحرب عليه، والتي نتج عنها خسائر مادية هائلة تسببت للاقتصاد الموصلي بضرر كبير.
عبد الزهرة الهنداوي المتحدث باسم وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي العراقي، قال في وقت سابق أن" نسبة الفقر في نينوى قبل سيطرة ("داعش")، كانت لا يتجاوز الـ 20 بالمائة.
"اعمل في صناعة رغيف الخبز وابيعه الى سكان منطقتي في 17 تموز غربي الموصل في سبيل تأمين لقمة العيش لي ولأبنائي بعد ان فقدت زوجي ومنزلي في المنطقة القديمة وسط الموصل بسبب الحرب الأخيرة" تقول ذلك ام عبد الجبار 41 عاما.
37.7 بالمائة نسبة الفقر في نينوى حسب إحصائية نشرتها وزارة التخطيط العراقية بـ 16 شباط 2020 التي اكدت ان نسب الفقر بالعراق بلغت 10 بالمائة في بغداد، و48 بالمائة بالديوانية، و45 بالمائة في ميسان، و16 بالمائة في البصرة، و7.6 بالمائة بكركوك.
تشير ام عبد الجبار في حديث مع مراسل (كركوك ناو) الذي التقها خلال توزيعها ما انتجته من خبر، الى انها فجر كل يوم تعمل على صناعة نحو 200 قطعة من الخبز العراقي وحمله بعد حفظه جيدا من الطقس ليبق محافظا على حرارته والتجوال به على المنازل لبيعه.
ام عبد الجبار توضح انها لم تكن تعمل قبل بوجود زوجها ومنزلها الا انها اضطرت بعد خسارة كل شي الى العمل كي تتخلص من الفقر وتعيل اسرتها المكونة من خمسة افراد (ولادان وثلاث بنات) بما تتحصل عليه كل يوم من مال لا يتجاوز الـ 12 دولار امريكي.
"نسب الفقر في البلاد شهدت تراجعا طفيفا في معدلاتها خلال السنتين الأخيرتين، بالمقارنة مع ما تم تسجيله عام 2014، بعد الأزمة المزدوجة (الأمنية والاقتصادية) التي تعرض لها العراق في العام المذكور"، تؤكد ذلك وزارة التخطيط.
"الارامل والايتام ونساء المفقودين والمطلقات شرائح مجتمعية في الموصل تعاني من الفقر المدقع جراء الحرب" تقول ذلك المختصة في مجال علم الاجتماع والبحوث النفسية رواء حليم.
توضح في حديث صحافي مع (كركوك ناو)، ان" نسب معدلات الارامل في الموصل ووفق دراستي الخاصة قد ازدادت الى الضعف على ما كانت عليه عام 2014، كذلك الايتام والمطلقات وقد انضاف لهذه الشرائح، شريحة أخرى من النساء هن شريحة نساء المفقودين وجميع هذه الشرائح دون مصدر دخل ثابت".
بيانات البنك الدولي اكدت أن نسبة الفقر في المناطق المحررة للعراق تضاعفت إلى 40 في المائة.
"اعمل في بيع أكياس النايلون ("العلاكات") في سوق النبي بالساحل الايسر لمدينة الموصل كي اعيل امي واخواتي الثلاث" يقول ذلك عبد الملك عبد الله البالغ من العمر 10 سنوات.
يحمل عبد الملك في يده اليمنى الاكياس وفي اليسرى يحمل مكبرت الصوت المبرمجة على النطق ("علاكة بربع اصلية") (الكيس الواحد ثمنه 250 دينار).
يوضح في حديث الى (كركوك ناو)، انه" اضطر الى ترك الدراسة والعمل بعد مقتل والده بالقصف وتضرر منزلهم في حي النور بالساحل الايسر لمدينة الموصل، وانه كل يوم يتحصل على نحو 4 الى 5 الاف دينار عراقي وبها يستطيع تأمين لقمة العيش وبعض احتياجات امه واخواته الثلاث التي اكبرهن تبلغ من العمر 14 عاما".
الأمم المتحدة حذرت من أن طفلا عراقيا من بين كل أربعة يعيش في فقر مدقع، وبحاجة الى المساعدة.
"فقدت مصدر رزقي الوحيد والذي هو عبارة عن محل في سوق السرجخانة لبيع الملابس النسائية والرجالية والأطفال" محمد نور الدين 47 عاما يقول ذلك.
محمد نور الدين يبين الى (كركوك ناو)، ان" حالته الاقتصادية سيئة جدا حاليا ويعتاش مع عائلته المكونة من 6 افراد على المساعدات الإنسانية التي تقدم من الخيرين والمنظمات الإنسانية، وبعض الجهات الداعمة للفقراء في الموصل".
ويشير الى انه بانتظار ان تقوم الحكومة بإصلاح واعمار ما دمرته الحرب في المنطقة كي يتمكن العودة ومزاولة اعماله التجارية من جديد.
قبل عام 2014 كانت الأسواق التجارية في الموصل تعمل والحركة التجارية على مستوى عال فضلا عن وجود مشاريع اقتصادية شخصية لسكان المدينة، اما اليوم فاغلب تلك الأسواق قد دمرت وفقد العاملين فيها فرص العمل، فيما توقفت المشاريع الاقتصادية الخاصة الى حد كبير، اما المشاريع الحكومية فهي تعتمد الى حد كبير على اصلاح الاضرار التي لحقت بالبنى التحتية.
"الكثير من اهالي الموصل عادوا إلى مخيمات النازحين او نزحوا بعيدا عن المدينة او لم يعودوا في الأصل بسبب انعدام فرص العمل الى جانب انهيار الواقع الخدمي" يقول ذلك المختص في مجال الاقتصاد عدي الموصلي.
يؤكد في حديث الى (كركوك ناو)، ان" فرص العمل في الموصل تكاد تكون شبه معدومة والناس يعتمدون هناك كثيرا على الحكومة من خلال توفير الوظائف في مؤسسات الدولة فقط وهذا يزيد من معدلات البطالة والفقر ويقفز بها الى مستويات خطرة".
وتعرضت البنى التحتية (مشاريع الماء والكهرباء والمؤسسات الصحية والتعليمية والمؤسسات الخدمية)، في نينوى، إلى دمار كبير على مدى 3 سنوات من القتال بين القوات الحكومية وتنظيم "داعش".
بغداد تقول إنها بحاجة إلى نحو 88 مليار دولار لإعادة إعمار ما دمرته الحرب في تلك المناطق من بنى تحتية ودور سكنية.