تمرير الحكومة من قصص "الف ليلة وليلة"!..
تكليف الزرفي يشعل الصراع الشيعي – الشيعي

النجف الاشرف، نيسان 2019، عدنان الزرفي يشارك في الانتخابات، تصوير اعلام الزرفي

علي الساعدي

 

مع فتور المشهد السياسي خلال الايام الاخيرة، والانشغال في حملة منع انتشار جائحة (كورونا)، الا ان الغرف السياسية لم تهدأ قط، فلا تزال الكتل الرافضة لتكليف عدنان الزرفي برئاسة الحكومة المقبلة، تعمل على عقد تحالفات فيما بينها للاطاحة بالمكلف، بينما تقابلها مساعٍ حثيثة لفريقه السياسي لكسب المناصرين، من اجل تهيئة اجواء تمرير الكابينة الوزارية بالاغلبية المطلوبة.

"المفاوضات مستمرة لتشكيل الحكومة، لكنها لم تسفر حتى الان عن تسمية اعضاء كابينة رئيس الوزراء المكلف عدنان الزرفي"، هذا ما اكده النائب عن تيار الحكمة النيابية ستار الجابري، عازيا ذلك الى "تصاعد حدة التوتر بين بعض القوى الشيعية على تولي الزرفي رئاسة الوزراء".

وكلف رئيس الجمهورية برهم صالح في يوم 17 اذار 2020، محافظ النجف السابق عدنان الزرفي بتشكيل حكومة جديدة. هذا التكليف احدث شرخا بين الكتل الشيعية في مجلس النواب العراقي (البرلمان).

هل لدى "الفتح" حق الأغلبية؟

تحالف الفتح الذي يرأسه رئيس منظمة فتح هادي العامري ويضم اغلب الكتل الشيعية التي لديها فصائل مسلحة كعصائب اهل الحق برئاسة قيس الخزعلي، اكد ان موقفه ثابت ورافض لتكليف الزرفي، واشار الى انه لا يوجد معه اي تفاوض او تفاهم.

وقال المتحدث باسم التحالف احمد الاسدي في تغريدة له على "تويتر" يوم 31 اذار 2020، ان "تحالف الفتح موقفه واحد وثابت ولا يراهن الا على تطبيق الدستور وحفظ حق الأغلبية البرلمانية".

واضاف: "ليس بيننا وبين الرئيس المكلف اي تفاوض او تفاهم ولازال الموقف كما هو"، مطالبا بـ"حفظ حق الأغلبية وعدم الالتفاف عليه"، مبينا ان "للاغلبية حق الترشيح وللرئيس حق التكليف".

ليس بيننا وبين الرئيس المكلف اي تفاوض او تفاهم

بدورها، اكدت النائبة عن الفتح سهام الموسوي، انه ليس امام الزرفي "إلا الاعتذار عن التكليف قبل الانكسار"، مبينة ان الكتل الرافضة لتكليف الزرفي ترى في تكليفه تجاوزا على الطائفة والكتلة الاكبر وعلى "البيت الشيعي".

وقالت الموسوي في بيان ان "الرافضين لتكليف عدنان الزرفي هم كل من الفتح ودولة القانون والعقد الوطني والنهج الوطني"، موضحة ان "تحديه لهذه الكتل واستمراره بأجراء مباحثاته هو تحدي لاغلبية شيعية ورموز لايمكن ان يمرر حكومته من دون موافقتهم"، مشيرة الى ان "الكتل الشيعية الرافضة لتكليف الزرفي وتعمل على كل الاحتمالات لمنعه من تراس الحكومة وتدعوه للاعتذار عن التكليف.

وحسب الموسوي ان المعرضين لائتلاف دولة القانون برئاسة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الذي تمتلك (25 نائباً برلمانيأً) وتحالف الفتح (47 نائباً)، وكتلة العقد الوطني بزعامة رئيس جهاز الامن الوطني فالح الفياض (18 نائباً)، وكتلة النهج الوطني التي تمثل حزب الفضيلة (8 نواب).

يصبح مجموع النواب الرافضين لتكليف الزرفي من الكتل الشيعية 98 نائباً من اصل 329 هم عدد المقاعد مجلس النواب العراقي.

636715603607492750
Caption

"الفتح" تمرير الزرفي من "الف ليلة وليلة"

"جميع المؤشرات تظهر تكرار مشهد فشل عقد جلسة التصويت على حكومة المكلف عدنان الزرفي، وكما حصل مع سابقه خاصة بعد اتساع رقعة الرفض له لتصل الى ممثلي المكونين السني والكوردي"، هذا ما يراه النائب عن الفتح عدي الشعلان.

ويضيف: ان "هناك اجماعا لدى جميع القوى السياسية على اهمية حصول اي مرشح لمنصب رئاسة الوزراء على دعم القوى الشيعية له قبل المضي بالتفاوض معه على اعتبار ان المنصب هو استحقاق للمكون".

واشار الشعلان الى ان "الخرق الدستوري الذي حصل بتكليف الزرفي، وضرب مطالب الجماهير ودعوات المرجعية لن تمر مرور الكرام وسيكون لنا موقفا قويا وحازما في محاسبة كل من كان خلف تلك الخروقات".

تمرير الحكومة سيكون من قصص الف ليلة وليلة

ودعا الشعلان، رئيس الوزراء المكلف عدنان الزرفي "لتقديم اعتذاره عن تشكيل الحكومة لحفظ الماء الوجه قبل ان يكون الفشل تحت قبة البرلمان له ولكابينته المزعومة، لان تمريرها سيكون من قصص الف ليلة وليلة".

"الف ليلة وليلة" هي قصص فلكلورية تعود تأليفها قبل الف سنة اثناء العهد العباسي.

90081712_3867885089888245_7403405625431949312_o-1
بغداد، 17 اذار 2020، رئيس الجمهورية يكلف عدنان الزرفي لتشكيل الحكومة، تصور اعلام رئاسة الجمهورية

ثلاث كتل شيعية تدعم الزرفي

ورغم ذلك، فأن التوقعات تشير الى ان الزرفي سيعلن عن كابينته، خلال العشرة ايام المقبلة، وهو لا يحتاج الى كسب ود الكتل "المتعنتة القليلة"، كما وصفتها مصادر سياسية مقربة من الزرفي، لافتة الى ان التصدع الذي اصاب الجبهة المعترضة، زاد من رصيد الرئيس المكلف.

ويشير اﻟﻨﺎﺋﺐ ﻋﻦ ﺗﺤﺎﻟﻒ ﺳﺎﺋﺮون ﻋﻼء اﻟﺮﺑﻴﻌﻲ، الى إن "اﻟﺨﻼف داﺧﻞ اﻟﺒﻴﺖ اﻟﺸﻴﻌﻲ ﻓﻲ ﺗﺮﺷﻴﺢ عدنان الزرفي يعود ﺟﺰءُ منه الى ان اﻟﻘﻮى اﻟﺮاﻓﻀﺔ ﻟﻪ (للزرفي)، ﺗﺸﻌﺮ ﺑﻘﻮﺗﻪ وﺗﺨﺸﻰ ﻣﻦ رﺋﻴﺲ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻳﻘﻒ أﻣﺎم ﻣﺼﺎﻟﺤﻬﺎ واﻣﺘﻴﺎزاﺗﻬﺎ"، ﻣﺆﻛﺪﴽ أنﱠ "اﻟﺰرﻓﻲ ﺳﻴﻌﻠﻦ ﻛﺎﺑﻴﻨﺘﻪ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﱠﺔ ﻓﻲ الاسبوعين المقبلين".

النائبة عن تحالف النصر ندى شاكر جودت، كشفت عن اقتراب رئيس كتلتها المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة عدنان الزرفي من نهاية المفاوضات مع القوى السياسية، سيما الشيعية منها بشأن تشكيل الكابينة الحكومة.

تحالف "سائرون" الذي يتزعمه السيد مقتدى الصدر يمتلك 54 مقعدا وائتلاف "النصر" برئاسة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي 24 مقعدا بعد انشقاق رئيس الامن الوطني فالح الفياض منه، وتيار الحكمة برئاسة السيد عمار الحكيم 19 مقعدا، جميعهم يدعمون تكليف الزرفي.

يصبح مجموع النواب المؤيدين من الكتل الشيعية لتكليف الزرفي 97 نائباً من اصل 329 هم عدد المقاعد مجلس النواب العراقي.

جودت رجحت أن يتمكن الزرفي من إكمال تشكيل حكومته والإعلان عنها خلال الأسبوعين المقبلين، موضحة بأن مسألة تكليف الزرفي بتشكيل الحكومة أصبحت "واقع حال"، خاصة في ظل عدم اتفاق الكتل على شخصية معينة لتولي المنصب غيره، مبينة بان الرفض لم يكن لشخصية الزرفي ولكن الرفض للآلية والمبدأ الذي جرى على أساسه تكليف الزرفي من قبل رئيس الجمهورية برهم صالح.

وتابعت: بان الحوارات التي أجراها الزرفي مع الكتل السياسية لاقت مقبولية كبيرة جدا لدى تلك الكتل وفي حال انتهى من عملية إقناع هذه الكتل فبالتالي قد لا تستغرق عملية تشكيل الحكومة أكثر من أسبوعين، بحسب قولها.

وحسب الدستور؛ امام الزرفي 30 يوما من اعلان تكليفه لتمرير حكومته داخل قبة مجلس النواب تبدا من تاريخ تكليفه من قبل رئيس الجمهورية لرئاسة مجلس الوزراء.

الكورد والسُنة بانتظار النتائج

اما الكورد، فهم ينتظرون حسم الصراع الشيعي – الشيعي، على المنصب، ويقول القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني عماد باجلان، ان "القوى الكردستانية ستتفاعل بشكل ايجابي مع اي مرشح لرئاسة الوزراء يحترم الحقوق الدستورية وخصوصية اقليم كوردستان ككيان دستوري".

وقال باجلان ان القوى الكوردستانية ومن بينها الحزب الديمقراطي الكوردستاني (الذي يراسه مسعود البارازاني)، حريصة على وحدة الموقف والرأي الشيعي في طبيعة وصفات واسم المرشح لمنصب رئيس مجلس الوزراء، مبينا ان "القوى الكردستانية ليس لديها اي تحفظ او خط احمر او فيتو على شخص او اسم معين، لكننا ننتظر موقف القوى الشيعية لحسم امرها في المرشح الذي سيتم دعمه من قبلهم".

ونوه باجلان الى إن "ما تبقى من فترة التكليف للمرشح عدنان الزرفي لا تتعدى العشرة الأيام من الفترة المحددة دستورياً، بالتالي فان الجهود ينبغي أن يتم تكثيفها بغية إيجاد حل للخروج من الأزمة السياسية وصولاً إلى معالجة باقي الأزمات التي يعيشها البلد".

وبين: أننا "لا نشكك بإمكانيات رئيس الوزراء المكلف في إمكانية إقناع القوى الأخرى، لكنه حتى اللحظة لم يستطع إقناع القوى المعارضة له بشكل علني"، مضيفاً أن "المشكلة اليوم بالقوى الشيعية المعارضة له، كونها تبدي المعارضة لكنها حتى اللحظة لم تتفق على الشخص البديل، سواء كان بإعادة الثقة لرئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي أو تقديم اسم متفق عليه".

ونتيجة للتظاهرات الشعبية التي انطلقت في الأول من تشرين الأول 2019، وموقف المرجعية الرافض له، قدم عادل عبد المهدي استقالته إلى البرلمان في 29 تشرين الثاني 2019.

الكرة بملعب القوى الشيعة

وتابع باجلان، أن "الكرة اليوم بملعب القوى الشيعية، ونحن في القوى الكردستانية، حريصون كل الحرص على تمرير الكابينة الحكومية التي يتم تقديمها مهما كانت طالما احترمت الحقوق الدستورية، لأن البلد ينحدر إلى منزلق خطير أمنياً وصحياً واقتصادياً، ولم ولن نكون عامل عرقلة أو تأزيم للأوضاع أو نقف مع جهة على حساب الأخرى".

كذلك، ذهب القيادي في جبهة الحوار الوطني السُنية النائب السابق حيدر الملا، الى التأكيد بالقول: أن الزرفي سينال ثقة البرلمان وبشكل مريح لعدم وجود أسباب مقنعة لدى الجهات التي لا تزال ترفض أو تتحفظ على توليه رئاسة الحكومة، مبيناً أن هناك "أغلبية برلمانية واضحة مع الرجل ويمكن أن تسنده داخل البرلمان لا سيما أنه يسعى لأن يحقق ما يريده الجميع والمتمثل في مواجهة التحديات المستجدة مثل أزمة انخفاض أسعار النفط وكذلك الأزمة الصحية بسبب (كورونا)، فضلاً عن تعهده بإجراء انتخابات مبكرة".

وينتظر ان يعقد مجلس النواب الاتحادي جلسته الخاصة بالتصويت على الحكومة، خلال الاسبوعين المقبلين، بحسب النائب ناجي ادريس، الذي اكد انه "ﺧﻼل الاسبوعين المقبلين ﺳﺘﻌﺮض ﻛﺎﺑﻴﻨﺔ رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء المكلف ﻋﺪﻧﺎن اﻟﺰرﻓﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮاب، وﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﻣﺸﻜﻼت ﻓﻲ ﻋﻘﺪ ﺟﻠﺴﺔ ﻟﻠﺘﺼﻮﻳﺖ عليها ﻓﻲ ﺣﺎل دﻋﺖ رﺋﺎﺳﺔ البرلمان ﻟلجلسة".

تكليف منصب رئيس الوزراء بقى حكرا على اتفاق القوى الشيعية طيلة 17 عاما السابقة، لكن تكليف الزرفي لن يكون كما جرت العادة، في ظل الانقسامات القوى الشيعية الحالية.

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT