"كورونا" يزيد معاناة النازحين

دهوك/ نيسان 2020/ مخيم كبرتوو-1 للنازحين في محافظة دهوك تصوير: عمار عزيز

عمار عزيز

بدون مال أو طعام، يقضي رشو جوكو فترة الحجر الصحي المنزلي داخل خيمته منذ قرابة شهرين غير قادر على العمل مما جعل حياته أصعب من ذي قبل.

مصدر عيش عائلة رشو وأطفاله العشرة كان الأجر اليومي الذي يحصل عليه من عمله اضافةً الى المساعدات المحدودة التي كانت المنظمات الانسانية تقدمها لهم، الاّ أنّ حظر التجوال وتداعيات جائحة كورونا أدّى الى قطع مصدر عيشه.

"نحن محبوسون، لا نستطيع الخروج، فقدنا أعمالنا التي كانت مصدر رزقنا الوحيد" يقول رشو جوكو.

رشو الذي كان أطفاله يُمثِّلون همه الأكبر قال "عندي عشرة اطفال، لا أعرف كيف أعيلهم، ليسوا أفاعي حتى يأكلوا التراب."

عندي عشرة اطفال، لا أعرف كيف أعيلهم، ليسوا أفاعي حتى يأكلوا التراب

رشو جوكو، من أهالي ناحية العياضية (كر عوزير) التابعة لقضاء سنجار، وهو يعيش في مخيم شاريا للنازحين في دهوك منذ خمسة أعوام، يقول رشو بأنه لم يستلم حصة أسرته من الرز، السكر والزيت منذ شهرين، الشيء الوحيد الذي حصلوا عليه كان طحيناً غير قابل للاستعمال أعطته لهم احدى المنظمات.

بحسب القرارات والاجراءات التي أعلنتها وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، تم عزل كافة مخيمات النازحين لمنع اختلاط ساكنيها بالناس وابقائهم في خيمهم، بهدف الوقاية من فيروس كورونا ومنع وصوله الى المخيمات.

خلف الياس، في قسم الاعلام بمخيم بيرسيف-2 في قضاء زاخو، محافظة دهوك، يقول بأنه " تم اعلان حظر التجوال داخل المخيم ولا يُسمح لأي من ساكني المخيم زيارة مخيمات أخرى أو أي مكان آخر."

معظم المحلات الواقعة داخل المخيمات مغلقة، بضمنها محلات الحلاقة وباعة الحلويات.

نسرين برايم أمان، هي احدى النازحات الساكنات في مخيم قاديا في قضاء زاخو، نسرين كانت تدير محلاً لبيع الحلويات مع عدد من رفيقاتها، وبسبب حظر التجوال لم تتمكن من بيع أي شيء.

 "قبل حظر التجوال، كُنّا نحصل على مليون دينار شهرياً من بيع الكعك والحلويات وكان ذلك مصدر رزقنا الوحيد الذي كنت أؤَمنه لعائلتي" تقول نسرين التي طالبت المنظمات بتقديم العون والمساعدة لهم.

وتشير احصائيات وزارة الهجرة والمهجرين في العراق الى وجود 184 مخيماً للنازحين، ولايزال 86 مخيماً يأوي نازحين في محافظات العراق واقليم كوردستان.

خالد عبد الكريم، مسؤول مكتب وزارة الهجرة والمهجرين في محافظة نينوى أعلن في بيان، اغلاق مخيمات النازحين بصورة مؤقتة لوقاية الناس من جائحة كورونا.

معظم النازحين في المخيمات، اضافةً الى فقدانهم لأعمالهم، لا تصلهم المساعدات الضرورية من المنظمات، ونتيجةً لذلك يعانون من نقص المواد الغذائية والمستلزمات اليومية الأخرى.

وأوضح رشو جوكو بأنه قبل شهرين كان برنامج الأغذية العالمي (WFP) يخصص 11 ألف دينار لكل نازح تصِلُهُم عن طريق الشركات، غير أنهم حُرِموا من ذلك أيضاً بسبب اغلاق مكاتب تلك الشركات.

 "كنا نستطيع تأمين بعض الاحتياجات بذلك المبلغ،... لذا فان ظروفنا تسوء يوماً بعد آخر"، كما يقول رشو.

ظروفنا تسوء يوماً بعد آخر

وزارة الهجرة والمهجرين شَكَّلَت خلية أزمات، لكي تقوم بتأمين الأغذية وبعض المستلزمات الأخرى للنازحين بأي شكل من الأشكال.

اسماعيل محمد، مساعد محافظ دهوك لشؤون النازحين واللاجئين قال "نحن على اطِّلاع بتلك المشاكل، فاتَحنا مسؤولي برنامج الأغذية العالمي والشركات التي توزع المساعدات حول الأمر، لكي نتوصل الى طريقة لإيصال تلك المساعدات المالية الى النازحين."

وأشار اسماعيل محمد الى بذل جهود أخرى لضمان عدم تأخر توزيع المواد الغذائية على النازحين شهرياً.

awara-karamtina-1

دهوك/ آذار 2020/ اغلاق ابواب المخيمات حتى اشعار آخر   تصوير: كركوك ناو

حظر التجوال لا يزال سارياً في العراق بسبب استمرار مخاطر تفشي فيروس كورونا، والذي وصل عدد المصابين به في عموم البلاد الى أكثر من ألف و500 شخص، ولكن لم تُسَجَّل اية اصابة في مخيمات النازحين.

ساهر قولو، وهومن سكان مخيم خانكي، كان يكسب ما بين 12 ألف الى 15 ألف دينار يومياً قبل ظهور جائحة كورونا، يقول ساهر "الآن لا نستطيع ممارسة أعمالنا وكسب لقمة العيش، وفوق ذلك لا تصِلُنا المساعدات لمخصصة من قبل المنظمات لكي نتمكن من شراء الغذاء والمستلزمات الأخرى."

لا تصِلُنا المساعدات لمخصصة من قبل المنظمات لكي نتمكن من شراء الغذاء والمستلزمات الأخرى

بسبب حظر التجوال تقطَّعَت السبل بمئات النازحين الذين كانوا يعملون خارج المخيم وفي المحافظات الأخرى، وتمكنوا بعد شهرين من العودة الى كنف أهاليهم.

رواج حاجي، مسؤول قسم الاعلام في مؤسسة بارزاني الخيرية قال ل(كركوك ناو) " المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) بالتنسيق مع مؤسستنا، منحت مبلغ 200 دولار لكل أسرة نازحة أو لاجئة لمساعدتهم في تخطي الظروف التي يمرون بها بسبب تداعيات جائحة كورونا"، وأوضح بأنهم في المرحلة الأولى من توزيع المساعدات.

يتواجد أكثر من 787 ألف نازح من كل المكونات القومية والدينية في اقليم كوردستان فقط، ويسكن 208 ألف منهم في 28 مخيماً، تصل الميزانية اليومية المخصصة لهم الى مليونين و700 ألف دولار، وفقاً لإحصائيات مركز التنسيق المشترك للأزمات في حكومة اقليم كوردستان.

منذ منتصف العام 2014 وحتى نهاية 2017 نزح قرابة ستة ملايين نازح، أي ما يعادل نسبة 15% من سكان العراق، بسبب هجمات داعش والمواجهات المسلحة، وحتى اليوم يعزف قسم كبير منهم عن العودة الى مناطقهم الأصلية بسبب نقص الخدمات الأساسية وتدهور الأوضاع الأمنية.

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT