الكاكائيون يحاربون على جبهتين، في الوقت الذي تنشغل فيه الحكومة بمواجهة فيروس كورونا، يحمل الكاكائيون اضافة لهموم الوباء، هَمَّ حماية أرواحهم ومقابر أعزائهم من مخاطر هجمات الجماعات المسلحة.
خلال الشهرين الماضيين الذين أعقبا ظهور فيروس كورونا وفرض اجراءات حظر التجوال، تعرض الكاكائيون في كل من محافظتي كركوك ونينوى لما لا يقل عن 10 هجمات وأعمال عنف.
أحداث العنف تزامنت مع انشغال القوات الأمنية بالإجراءات الخاصة بمواجهة وباء كورونا، وذلك بعد أن أعلن العراق في منتصف شهر آذار 2020 حظر التجوال ومنع التنقل بين المحافظات في اطار جهود الوقاية من الفيروس.
"الاخطار لا تزال تُحدِق بقريتنا، تعرضنا لأكثر من مرة لهجمات الجماعات المسلحة والتي أثَّرَت على حياة الناس هنا" كما تقول ليلى صادق، ناشطة كاكائية في داقوق.
لاخطار لا تزال تُحدِق بقريتنا، تعرضنا لأكثر من مرة لهجمات الجماعات المسلحة والتي أثَّرَت على حياة الناس هنا
في أواسط شهر نيسان الحالي، اندلعت عدة مواجهات مسلحة في قرى داقوق بين الجيش العراقي والجماعات المسلحة، أسفرت عن مقتل 23 من مسلحي داعش، بحسب ما أعلنته خلية الاعلام الأمني للحكومة العراقية.
يقول الناشط المدني رجب عاصي الكاكائي "قرى الكاكائيين محاذية لبُؤَر الجماعات المسلحة ومواقع تمركز القوات الأمنية، لذا تندلع بين الحين والآخر حوادث أمنية وأعمال عنف خصوصاً في جنوب كركوك."
القرى المعرضة للخطر تسكنها أغلبية كاكائية وتقع ضمن حدود قضاء داقوق (44 كيلومتر جنوب كركوك).
في 27 آذار 2020 تعرضت مقبرة الكاكائيين في قرية علي سراي في قضاء داقوق الى التخريب، وقد قام مجهولون بتحطيم شواهد عدة قبور، وكانت تلك المرة الثانية خلال ذلك الشهر التي تُستَهدف فيها اثنان من كُبرى مقابر الكاكائيين.
مريوان غريب، من سكان قرية علي سراي، تحدث ل(كركوك ناو) حول الحادثة قائلاً "هذا العمل التخريبي أَحبَطَنا كثيرا، لأنه بعيد كل البعد عن القيم الأخلاقية والانسانية، هؤلاء ليسوا اِلاّ مجموعة مخربة، تتعمد تدنيس تأريخ ومقدسات الكاكائيين."
تقع قرية علي سراي على بعد عشرة كيلومترات جنوب شرق قضاء داقوق، ومقبرتها تعتبر اكبر مقابر الكاكائيين في محافظة كركوك.
وقال رجب عاصي "لم يتم اعتقال أي شخص بتهمة تخريب مقبرة الكاكائيين.. هذه الحوادث التي تستهدف الكاكائيين تتزامن مع انشغال القوات الأمنية بإجراءات الحد من انتشار فيروس كورونا."
في حادثة مماثلة، في ليلة الخامس عشر من آذار، تعرضت واحدة من أكبر مقابر الكاكائيين في العراق والتي تقع في قرية صُفَيّة في سهل نينوى للتخريب ، حيث حُطِّمَت شواهد 49 قبراً.
وليد آغا الكاكائي، زعيم القبائل الكاكائية في أربيل ونينوى قال لـ(كركوك ناو) "نحن واثقون بأن هذا العمل اللاإنساني من فعل مسلحي تنظيم داعش والجماعات المتطرفة الأخرى"، وأكَّد قائلاً "نحن مستاؤون من أن الكاكائيين ضحايا في العراق ولا يقومون بحمايتنا... نحن ندفع ضريبة كوننا أكراد وضريبة تمسكنا بمذهبنا."
نحن واثقون بأن هذا العمل اللاإنساني من فعل مسلحي تنظيم داعش
قرية صفية هي من أكبر قرى الكاكائيين في العراق وتقع بين قضاء خبات وناحية كوير، القرية تابعة لمحافظة نينوى، ولكنها تتبع أربيل ادارياً.
يقطن الكاكائيون في مناطق متفرقة في اقليم كوردستان والعراق، اضافةً الى نينوى، يتواجد الكاكائيون في كل من كركوك، حلبجة، أربيل، خانقين وبعض المناطق الأخرى في ديالى، وبحسب احصائيات غير رسمية يُقَدّر عددهم بحوالي 100 ألف شخص.
زياد فهد، وهوأحد وجهاء الكاكائيين، معلقاً على تلك الأحداث قال لـ(كركوك ناو) "نحن نعتبر ما حدث مخططاً جديداً يستهدف الكاكائيين، ونطالب القوات الأمنية أن يحبطوا هذا المخطط عاجلاً ويعاقبوا المتورطين للحد من تصاعد هذه الأعمال التخريبية."
ويعاني الكاكائيون في داقوق منذ عدة سنوات من تدهور الأوضاع الأمنية في مناطقهم.
في بداية شهر آذار 2020، قرر جميع سكان قرية متيق الكاكائية النزوح ومغادرة منازلهم خوفا من هجمات الجماعات المسلحة، لتصبح بذلك سابع قرية في المنطقة تتعرض للاخلاء.
نينوى/ 2019/ احدى المزارات الدينية للكاكائيين في سهل نينوى بعد اعادة بنائها تصوير: كركوك ناو
يقول أميد سيد حسين الكاكائي، القائد السابق للحشد الشعبي الكاكائي الى اندلاع حوادث أمنية خلال الشهرين الماضيين في كركوك، نينوى وديالى ولكن "لحسن الحظ لم تسفر عن اصابات بين المدنيين."
وتحدث أميد سيد حسين عن القرى الكاكائية في داقوق التي تتمركز فيها الشرطة الاتحادية والتي تدخل في مواجهات مع الجماعات المسلحة بين الحين والآخر.
هناك العديد من المزارات الدينية للكاكائيين في كل من كركوك، نينوى وحلبجة، الاّ أن ديانتهم لم تُقَرّ رسمياَ في الدستور العراقي.
أبورضا النجار، نائب قائد المقر المتقدم للعمليات المشتركة في كركوك قال في وقت سابق من هذا الشهر في تصريح ل(كركوك ناو) "خلايا داعش النائمة بدأت تنشط مستغلة الفراغ الأمني والسياسي."
في الفترة ما بين أواسط العام 2014 حتى نهاية العام 2017، تعرض الكاكائيون اسوةً بالأقليات الأخرى، مثل التركمان، المسيحيين والايزيديين الى القمع والانتهاكات من قبل تنظيم داعش. لا تزال العديد من العوائل الكاكائية تعيش في حالة النزوح الداخلي، ويشكل الكاكائيون، التركمان، الشبك والايزيديون نسبة 10% من مجموع 787 ألف نازح في العراق.