جنار مستو حريصة على وقاية نفسها من فيروس كورونا، غير انها لا تستطيع الحصول على المستلزمات الصحية، وفي كل مرة تقصد المركز الصحي الصغير في مخيمها للحصول على كمامات وقفازات طبية، تضطر للرجوع خالية الفاض.
"خلال فترة حظر التجوال زرت المركز الصحي في المخيم مرتين، طلبت كمامات وقفازات طبية، لكنهم أخبروني بأن ابتاعها في خارج المخيم" تقول جنار.
ما يزيد من هموم هذه الامرأة البالغة من العمر 21 سنة، أنها رغم عدم توفر المستلزمات الصحية في المركز الصحي، تستطيع أيضاً شرائها في خارج المخيم لأن مخيمات النازحين تم عزلها طوال الشهرين الماضيين.
جنار التي تعيش في مخيم شاريا في دهوك منذ خمسة سنوات قالت لـ(كركوك ناو) "من الصعب جداَ أن نحصل على المستلزمات الوقائية داخل المخيم، في الوقت نفسه لا يسمحون لنا بمغادرة المخيم لكي نبتاعها من الصيدليات كالآخرين."
معظم النازحين الساكنين في المخيمات انقطعوا عن أعمالهم بسبب اجراءات حظر التجوال، ولا تصلهم المساعدات من العديد من المنظمات الانسانية، نتيجة لذلك أصبحوا يعانون من شحة الاغذية والاحتياجات اليومية الأخرى.
"أعطونا صندوق كارتوني صغيرة تحوي مواد معقمة مرة واحدة فقط، ولم تكفنا لأكثر من اسبوعين."
بحسب القرارات والاجراءات التي أصدرتها وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، تم عزل كافة مخيمات النازحين عن الخارج ضمن اجراءات التباعد الاجتماعي التي تهدف الى الوقاية من فيروس كورونا ومنع وصولها الى داخل المخيمات.
يقول سعد الله عبد الله، مدير مخيم ايسيان في قضاء شيخان "لدينا مركز صحي وحيد، نعاني من قلة الأدوية والمستلزمات الصحية في المخيم، منذ بداية ظهور الفيروس لم نتمكن من تأمين الكمامات والقفازات الطبية لذا يضطر النازحون لشرائها بأنفسهم."
منذ بداية ظهور الفيروس لم نتمكن من تأمين الكمامات والقفازات الطبية لذا يضطر النازحون لشرائها بأنفسهم
تشهد مخيمات النازحين بين الحين والآخر حملات لرش المضادات والمواد المعقمة.
ويشير مدير المخيم الى أن مكتب وزارة الهجرة والمهجرين قد وفرت لهم مواد معقمة أربع مرات من قبل، لتوزيعها على العوائل النازحة، اضافة الى ذلك، يقومون بإعطاء النصائح والارشادات الوقائية للنازحين.
من مجموع 184 مخيماً، لا يزال هناك 86 مخيما يأوي نازحين في محافظات العراق واقليم كوردستان، وذلك بحسب احصائية جديدة أعلنتها وزارة الهجرة والمهجرين خلال هذا العام.
عدنان حجي (29 سنة)، خريج معهد التمريض أسَّس مع عدد من رفقائه فريقاً يقوم بصناعة الكمامات وتوزيعها مجاناً على النازحين.
هذا الفريق التطوعي في مخيم قاديان بدهوك، يلقى الدعم من منظمة (داك) التي تؤمن لهم الأقمشة، الأشرطة المطاطية وابر الخياطة، والتي تمكنها من انتاج ما بين 250 الى 300 كمامة يومياً.
"عملنا مستمر ليلا ونهارا، نطمح الى أن ننتج أكثر من 20 ألف كمامة لأن الكثيرين بحاجة اليها"، هذا ما قاله عدنا لـ(كركوك ناو).
وزارة الهجرة والمهجرين شكلت خلية أزمة لكي يستطيعوا توزيع المواد الغذائية والاحتياجات اليومية الأخرى على النازحين اثناء حظر التجوال.
عيدو فيصل، من اهالي ناحية العياضية في سنجار ويعيش حالياً في منزل غير مكتمل في دهوك، عيدو أب لتسعة أطفال ويعيش في وضع مُزري، يقول عيدو "أمثالنا محرومون من كل الحقوق، لم يعطونا شيئاً، اشترينا ما نقدر عليه من الكمامات، القفازات والمواد المعقمة على نفقتنا الخاصة."
يعتقد عيدو بأن الفرق كبير بين النازحين وأهالي المدن والأقضية من حيث الخدمات الصحية المتوفرة، الذين بامكانهم، بخلاف النازحين، تأمين المستلزمات الوقائية على أقل تقدير.
وأشار تقرير لمنظمة الأمم المتحدة، صدر في نيسان، الى أن هنالك مليون و400 ألف نازح عراقي في خطر بسبب فيروس كورونا.
وقال جاسم حمادي، وكيل وزارة الصحة والبيئة في العراق إن تأثير جائحة كورونا يتفاقم خاصة مع الظروف التي يعيش فيها النازحون، وأضاف أنهم "يعيشون في أماكن مكتظة، سواء في المخيمات الرسمية أو المواقع غير الرسمية، إضافة إلى صعوبة حصولهم على الخدمات الأساسية، وعلى وجه الخصوص الرعاية الصحية، كل ذلك يجعلهم عرضة بشدة لانتشار الفيروس."
أعداد المصابين بفيروس كورونا في العراق وصلت الى حوالي ألفين شخص، مع تسجيل حالة اصابة وحيدة داخل احدى المخيمات وكانت للاجئ سوري يسكن في مخيم دار شكران في أربيل.
اسماعيل محمد، معاون محافظ دهوك لشؤون النازحين واللاجئين أكد على استمرار الاجراءات الوقائية وحظر التجوال في المخيمات، وقال لـ(كركوك ناو) "اتخذنا كافة الاجراءات اللازمة، لكننا لا نستطيع أن نقول بأن المخيمات محصنة من خطر فيروس كورونا."
لا نستطيع أن نقول بأن المخيمات محصنة من خطر فيروس كورونا
توجد مراكز صحية صغيرة أو متنقلة في المخيمات بالاضافة الى عدد قليل من الكوادر الطبية، وتفتقر المخيمات الى وجود مستشفى أو قسم خاص لاستقبال أو معالجة المصابين بفيروس كورونا.
وزارة الهجرة والمهجرين توزع بين آونة واخرى الكمامات والقفازات الطبية على النازحين، لكنها لا تكفي الأعداد الموجودة فيها.
عليا حسين بزاز، مديرة مكتب وزارة الهجرة والمهجرين في اقليم كوردستان أوضحت بأن الوزارة وزعت 33 ألف كمامة في خمسة مخيمات في أربيل، وذلك وفقاً لبيان أُصدرَ قبل عدة أيام.
تمنح المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، عن طريق احدى المشاريع، مبلغاً نقدياً يبلغ 110 آلاف دينار لكل عائلة نازحة أو لاجئة، لتمكينهم من شراء المستلزمات الوقائية الأساسية.
وقد أشار بيان للمنظمة صدر في شهر نيسان الى أن النازحين قلقون بشأن سلامة عوائلهم ولا يمتلكون المستلزمات الضرورية للوقاية من الفيروس.
منذ منتصف العام 2014 وحتى نهاية 2017 نزح قرابة ستة ملايين نازح، أي ما يعادل نسبة 15% من سكان العراق، بسبب هجمات تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) والمواجهات المسلحة، وحتى اليوم يعزف قسم كبير منهم عن العودة الى مناطقهم الأصلية بسبب نقص الخدمات الأساسية وتدهور الأوضاع الأمنية.