مسيحيو العراق في محنة جديدة..
القصف التركي يتسبب بإغلاق 10 كنائس وتشريد عشرات العوائل

دهوك/ 2020/ كنيسة "الشهيد مارايس ئالاها" في مركز المحافظة   تصوير: عمار عزيز

عمار عزيز- نينوى

نزحت عشرات العوائل المسيحية من المناطق الحدودية للعراق فيما أُغلِقَت أبواب عشرة كنائس، وذلك في غضون أقل من شهر، جراء العمليات العسكرية التي أطلقها الجيش التركي بذريعة استهداف مقرات حزب العمال الكوردستاني.

العمليات الجوية والأرضية للجيش التركي بدأت منذ منتصف شهر حزيران 2020، وقد دخلت تلك القوات الأراضي العراقية من حدود محافظة دهوك، مما أدى الى اندلاع اشتباكات مع مقاتلي حزب العمال الكوردستاني في المناطق الحدودية لقضاء زاخو.

"غادرنا قريتنا منذ عشرة أيام، لا نعرف ماذا نفعل، تعرضنا لأضرار فادحة، حيث لم يبق أحد ليعتني بالعشرات من أشجار التفاح، الخوخ والكمثري في بساتيننا"، هذا ما قاله منال حبيب عيسى توما.

"غادرنا قريتنا منذ عشرة أيام، لا نعرف ماذا نفعل، تعرضنا لأضرار فادحة، حيث لم يبق أحد ليعتني في بساتيننا"

توما، مختار قرية شرانشي المسيحية في ناحية دركار التابعة لقضاء زاخو، والتي أُخليت جراء العمليات العسكرية التركية، قال لـ(كركوك ناو) "أُخليَت في منطقتنا أربعة قرى مسيحية، وتواجه عدة قرى أخرى نفس المصير اذا استمر الوضع على ما هو عليه، حينذاك يجب أن نتوقع حدوث كوارث أخرى."

بحسب متابعات (كركوك ناو)، نزحت أكثر من 80 عائلة من القرى الحدودية صوب مركز محافظة دهوك بسبب المواجهات المسلحة الأخيرة بين الجيش التركي وحزب العمال الكردستاني.

هموم مسيحيي المنطقة الذين تعتمد معيشتهم على زراعة البساتين تتمثل في حماية أرواحهم وكذلك محاصيلهم الزراعية، وكما يقول توما "لم نسقِ بساتيننا منذ عشرة ايام، أشجارنا توشك أن تجف وتموت، لذا نناشد المجتمع الدولي بالتدخل لمساعدتنا."

وكانت الحكومة العراقية قد طالبت تركيا بوقف عملياتها العسكرية داخل الأراضي العراقية، غير أن تركيا أشارت الى أنها غير مستعدة لإيقاف العمليات بحجة حماية الأمن الداخلي والقضاء على التهديدات على حدود بلادها.

من جانبها، طالبت حكومة اقليم كوردستان في بيان كلاً من تركيا وحزب العمال الكوردستاني بإبعاد ساحة المواجهات عن اقليم كوردستان.

زيرفان موسى، مدير ناحية دركار في قضاء زاخو قال لت(كركوك ناو) "تضم منطقتنا 10 قرى مسيحية لكن لم تتعرض جميعها للإخلاء، لا تزال عدد من العوائل باقية في بعض منها، أما العوائل التي اضطرت للمغادرة فقد لجأوا الى أقاربهم في مركز قضاء زاخو وأطرافها.

العمليات العسكرية وقصف المقاتلات التركية خلال الأسابيع الماضية أسفرت عن سقوط عدد من القتلى والجرحى بين المدنيين في كل من دهوك، نينوى والسليمانية.

مدير ناحية دركار أكد عدم وقوع ضحايا بين المسيحيين مشيراً الى أن الأضرار كانت حتى الآن مادية، بسبب تركهم لبساتينه وراءهم، فيما يسعون بالتنسيق مع الجهات الأمنية لإيجاد حل يمكّنهم من الوصول الى بساتينهم والاعتناء بها.

 

kanisay margorgis

دهوك/ 2020/ كنيسة "مار كوركس" في قضاء زاخو  تصوير: اعلام الكنيسة 

هذه ليست المرة الأولى التي يضطر فيها المسيحيون للنزوح من ديارهم، حيث تشردت آلاف العوائل المسيحية عندما سيطر تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) على محافظة نينوى ووضعوا المسيحيين فيها أمام ثلاثة خيارات: اعتناق الاسلام، دفع الجزية أو الرحيل.

فارس يوحنا، عضو مجلس محافظة دهوك، وهومن المكون المسيحي قال لـ(كركوك ناو) "الهجمات التي شنتها تركيا ضد مقرات حزب العمال الكوردستاني تمثل تهديداً حقيقياً على القرى التي يقطنها المسيحيون، حيث أن أغلب تلك القرى تقع في الحدود الفاصلة بين تركيا ومحافظة دهوك"، وهي تمثل هذه المناطق بؤراً ساخنة للمواجهات.

لهجمات التي شنتها تركيا ضد مقرات حزب العمال الكوردستاني تمثل تهديداً حقيقياً على القرى التي يقطنها المسيحيون

تضم زاخو أكثر من 20 قرية مسيحية، يقطن فيها حوالي 12 ألف شخص.

"تعرضت قريتان مسيحيتان في زاخو للإخلاء التام، حيث كانت عدد العوائل الساكنة فيها قرابة 80 عائلة، وفي القرى الأخرى تنزح العوائل باستمرار نحو مركز زاخو ودهوك."

يقول عضو مجلس محافظة دهوك بأن أكثر من 10 كنائس أُغلِقَت في المنطقة، "الأوضاع سيئة للغاية، المسيحيون كان لهم النصيب الأكبر من الأضرار، حيث اضطروا لترك بساتينهم التي تمثل مصدر عيشهم الرئيسي."

موجة النزوح الجديدة التي يتعرض لها المسيحيون تأتي في الوقت الذي لا تزال فيه الآلاف من العوائل المسيحية تعيش بعيدة عن ديارها بعد نوحها قبل أعوام.

يشكل المسيحيون نسبة 7% من مجموع 787 ألف نازح في اقليم كوردستان، حسب احصائية أعلنها مركز التنسيق المشترك للأزمات في حكومة اقليم كوردستان في شباط 2020.

zaxo

دهوك/ 2020/ زيارة وفد برلماني للمناطق الحدودية العراقية بهدف تقييم الأضرارا التي خلفتها العمليات العسكرية التركية   تصوير: اعلام البرلمان 

لجنة شؤون البيشمركة، الداخلية والعلاقات في برلمان كوردستان أجرت متابعة ميدانية لتقييم آثار الهجمات التركية في المناطق الحدودية، وذلك بهدف معرفة نسبة الأضرار، من ضمنها أزمة النزوح.

ريفينك هروري، رئيس لجنة شؤون البيشمركة في برلمان كوردستان قال في تصريح لـ(كركوك ناو) "ذهبنا الى مناطق زاخو، ئاميدي وآكري بصورة ميدانية وأجرينا كل ما يلزم لجمع البيانات والمعلومات حول أضرار الهجمات التركية والتي شملت اخلاء القرى ونزوح ساكنيها."

 ريفينك اشار الى أن اللجنة ستسلم هذه البيانات والمعلومات التي حصلت عليها لرئاسة برلمان كوردستان قريباً لمناقشتها واتخاذ القرارات اللازمة بشأنها.

خلال تسعينيات القرن الماضي، كانت أعداد المسيحيين في العراق تقدر بمليون و500 ألف شخص، أي ما يعادل 3% من السكان، ولحين سقوط نظام البعث في 2003 كان حوالي 800 ألف مسيحي لا يزال يعيش في العراق.

المكون المسيحي الذي تراجعت أعدادهم الى أقل من النصف يقطن أغلبهم في مناطق دهوك، نينوى، أربيل، كركوك وبغداد (وفقا لإحصائية قدمها الكاردينال لويس ساكو، بطريارك الكلدان في العراق والعالم لـكركوك ناوفي عام 2019).

   

 

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT