"محبوبة الحويجة"، تلك المرأة التي خدمت أهالي الحويجة على مدار ثلاثة عقود وآزرتهم في السراء والضراء، توفيت في الخامس من شهر آب الجاري عن عمر ناهز 100 سنة، رحيلها لم يسبب الحزن لأسرتها فقط، بل آلَمَ الكثيرين من أهالي الحويجة، والذي أطلق عليها بعضهم اسم "أم الأطفال".
ولدت شمسة سليمان زنكنة في عام 1920 في قرية ينكيجة الطالبانية التابعة لقضاء داقوق، أحَبَّها أهالي الحويجة لأعمالها الخيرية التي شملت القبالة، غسل الموتى، الاشراف على الولائم في المناسبات وكذلك تقديم المعونة للنازحين، مما جعلهم يطلقون عليها لقب "محبوبة الحويجة".
في عام 1967، عندما كانت سن الـ47 توفي زوجها، فتوجهت مع أطفالها الى قضاء الحويجة وبدأت العمل في احدى مزارع القطن هناك.
تولت شمسة لوحدها أعباء رعاية خمسة أطفال أكبرهم كان يبلغ من العمر 14 سنة فقط.
ذوو شمسة يقولون بأنها مع وصولها الى الحويجة أصبحت شخصية معروفة في القضاء، تطوعت لممارسة القبالة، مما أكسبها منزلة اجتماعية جيدة بين النساء وأهالي القضاء.
كذلك بدأت بالإشراف على اعداد الولائم في المناسبات الاجتماعية اضافةَ الى تطوعها لغسل الموتى من النساء.
قسم من التعليقات التي كُتِبَت في نعي شمسة سليمان
عمر الجبوري، النائب السابق في البرلمان العراقي كتب في تعليق نشره على شبكة فيسبوك حول وفاة شمسة "رحمها الله وجعل الجنة مثواها، كانت صاحبة قلب طيب وكانت محبوبةً جداً، كانت دائماً ما تجعلنا نشعر بالفرح والسعادة."
وكتب أيضاً "خلال القرن الماضي، كنت أذهب صباحاً عند الاستاذ رجب، وكانت شمسة تستقبلنا بكل حب واحترام."
رجب، هو ابن شمسة وهو مدرس سابق يعمل حالياً كمشرف تربوي في الحويجة.
في العقود الثلاثة الماضية، أي السبعينات، الثمانينات والتسعينات، أخذت شمسة على عاتقها مهام القبالة، غسل الموتى واعداد ولائم المناسبات للعديد من أهالي الحويجة، كما كان لها دور في حل بعض النزاعات والمشاكل الاجتماعية التي كانت تحدث في منطقتها، الأمر الذي جعل الناس يطلقون عليها لقب "محبوبة الحويجة".
كان لها دور في حل بعض النزاعات والمشاكل الاجتماعية التي كانت تحدث في منطقتها، الأمر الذي جعل الناس يطلقون عليها لقب "محبوبة الحويجة"
في ثمانينيات القرن الماضي فقدت شمسة ابنها الأكبر في الحرب الايرانية العراقية، وفي عام 2003 غادرت الحويجة صوب مدينة كركوك.
أحمد خورشيد، عضو مجلس قضاء الحويجة المنحلّ، نشر أيضاً تعليقاً في عزاء شمسة كتب فيه "رحم الله شمسة، كان أثرك على الحويجة واضحاً، أنت كنت أماً لكل طفل يتيم، كنت تغسلين الموتى وتعدين الولائم في مناسباتنا."
"كنت تنظرين لكل الأطفال من العرب والكورد على أنهم أطفالك، الجميع أحبوك لضحكتك وعطفك، جميع أهالي الحويجة مفجوعون لوفاتك وكأنك كنت والدتهم، كنت مثل الملاك، لا تعرفين غير الخير والاحسان"، هكذا وصفها أحمد خورشيد.
رغم أن شمسة كانت تعيش مؤخراً في كركوك، لكن بحسب ما يقول أقرباؤها كانت تحن الى الحويجة، وكانت تزور القضاء اسبوعياً لأمرين، زيارة قبر ابنها وللعلاقات الاجتماعية المتينة التي كانت تربطها بأهالي المنطقة.
في 5 آب 2020، توفيت شمسة في عمر ناهز 100 عام، لكن الاجراءات الوقائية المتخذة بسبب جائحة كورونا حالت دون اقامة مراسم عزاء تليق بما قدمته في حياتها.
