الحياة تحت وطأة كوفيد-19..
وجبة الفطور هي كل ما تستطيع هذه العائلة الكاكائية تأمينه

كركوك/ 2020/ بيمان وثلاثة من بناتها جالسات على مائدة الفطور تصوير: محمد ألماس

محمد ألماس

في منزل بيمان، يبدأ أفراد العائلة يومهم المرير بوجبة شاي على صفرة شبه خالية، وينتظر الأطفال لحين الظهر ببطون خالية، عسى أن يطل عليهم أحد جيرانهم ومعه بعض الطعام الذي يؤمن لهم وجبة أخرى.

تجلس بيمان مع زوجها وبناتها الأربع صباحاً حول مائدة عليها صحن من اللبن وبعض قطع الخبز القديمة وهي كل ما يحصلون عليه في وجبة الفطور.

تقوم احدى بنات بيمان التي تشعر بالجوع أكثر من البقية بوضع حصتها من الخبز داخل آنية وتضع عليها بعض السكر لكي تتغلب على جوعها.

"وجبة الفطور هي كل ما نستطيع تأمينه في بيتنا، أما الغداء والعشاء فننتظر أن يجلبه لنا أهل الخير"، حسبما قالت بيمان نجاة (43 سنة).

وجبة الفطور هي كل ما نستطيع تأمينه في بيتنا، أما الغداء والعشاء فننتظر أن يجلبه لنا أهل الخير

بعد تناوله الفطور، يتوجه فائق ستار، زوج بيمان، الى الساحة الرئيسية في سوق داقوق بأمل الحصول على عمل يستطيع من خلاله تأمين لقمة العيش لعائلته لعدة أيام أُخَر.

فائق ستار كان سابقاً يعمل في مصنع لإنتاج أكياس النايلون في كركوك، لكن المصنع أُغلِق جراء تداعيات جائحة كورونا واصبح عاطلاً عن العمل.

في الوقت الحاضر، يحصل فائق على أعمال مؤقتة لا تدوم أكثر من يومين بأجر يومي يتراوح بين 10 آلاف الى 15 آلاف دينار، نتيجة لذلك تمر عائلته بظروف صعبة منذ عدة شهور.

"أذوق مرارة العيش كل يوم، عندما أرى أطفالي ينتظرون أن يجود أحد عليهم بشيء"، يقول فائق ستار (43 سنة).

xezani faiaq kakaiy (2)

احدى بنات بيمان وفائق بحاجة لعملية جراحية تقويمية لساقيها المصابتين بالاعوجاج   تصوير: محمد ألماس

فائق هو من ابناء الأقلية الكاكائية في داقوق، لحين اعداد هذا التقرير، كانت عائلته تعيش في بيت متواضع في حي الامام جابر في قضاء داقوق بإيجار شهري يبلغ 200 ألف دينار، قبل أن يطرهم صاحب البيت.

أثناء هجوم تنظيم داعش في 2014، انتقل فائق مع عائلته الى مدينة كركوك بسبب المخاطر الأمنية التي كانت تواجههم، وبعد تفشي فيروس كورونا واغلاق مصنع انتاج النايلون الذي كان يعمل فيه، اضطر للعودة الى داقوق.

"في كركوك عجزت عن تأمين ايجار البيت، فبعت الثلاجة، لكن ذلك لم يكن كافياً لتأمين الايجار فطُرِدنا من البيت."

فائق أب لأربع بنات، احداهم مصابة باعوجاج في ساقيها ورغم تلقيها العلاج الدائم، الا أنها بحاجة الى جراحة تقويمية لكي تتمكن من المشي.

زوجة فائق واحدى بناته الأخريات مصابات بفيروس الكبد وهو ما يستدعي تأمين الأدوية لهم بصورة مستمرة.

"فقدت عملي بسبب مخاطر كورونا واجراءات حظر التجوال، في الوقت الذي يحتاج فيه أطفالي الى العلاج، وبين فترة وأخرى يضغط علي صاحب المنزل لدفع الايجار، حالتي مزرية جداً ونحن على وشك أن نتشرد."

وصَدَقَت مخاوفهم، حيث أن صاحب المنزل الذي كانوا يسكنون فيه في داقوق طردهم لعدم دفعهم الايجار الشهري، حالياً تعيش العائلة في منزل غير مكتمل داخل القضاء.

ابنة فائق الكبرى تبلغ من العمر 15 سنة، ابنته التي بحاجة لأن تًجرى لها عملية جراحية، اسمها فاطمة وعمرها 9 سنوات، أما سارا فعمرها 6 سنوات وزينب 4 سنوات.

 

المنزل الذي يعيشون فيه حالياً يفتقر الى أبسط الاحتياجات الضرورية لعائلة مكونة من ستة أفراد، جهاز تلفزيون صغير موضوع في احدى زوايا غرفة الاستقبال، بضع سجادات، مطبخ خالٍ يحوي على ثلاجة صغيرة فقط استعاروها من أحد الجيران، أما غرفة النوم فتحوي على دولاب ملابس فقط.

"بعت الثلاجة، المجمدة والغسالة لكي أُؤمن ايجار البيت"، كما قالت بيمان وهي تُري مراسل (كركوك ناو) داخل بيتها وقد غلبها البكاء.

العملية الجراحية التي تحتاجها ابنة بيمان تكلّف قرابة أربعة ملايين دينار، علاوةً على المبالغ التي يحتاجونها لتوفير الأدوية الخاصة بمرض فيروس الكبد والذي تعاني منه بيمان واحدى بناتها.

"اقسم لكم بأنن أخجل من نفسي، لكن ماذا أفعل هذه هي ظروفي، كل يوم حين يخرج زوجي من البيت أدعومن الله أن يحصل على عمل من أجل الأطفال."

"انه لأمر محزن أن تتناول الفطور وتنتظر بعدها ان يجلب لك أحد الخيّرين طعام الغداء والعشاء"، تقول بيمان. 

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT