أبسط مستلزمات الحياة في درجة حرارة تبلغ 45 درجة مئوية تتمثل في مياه الشرب وهي ما حُرِمَ منه أهالي قرية متيق الكاكائية.
سكان هذه القرية الواقعة جنوبي قضاء داقوق مجبرون على شراء مياه الشرب التي تصلهم كل عدة ايام عن طريق صهاريج المياه المتنقلة ويدفعون مقابل كل صهريج صغير قرابة 20 ألف دينار (16 دولار)، في الوقت الذي يعانون فيه من أوضاع معيشية صعبة بسبب تداعيات جائحة كورونا.
مصدر المياه الرئيسي لقرية متيق عبارة عن بئر ماء، غير أن المضخة التي كانوا يعتمدون عليها لضخ مياه البئر تعطلت منذ شهور ولم يتمكنوا من الحصول على مساعدة الدوائر الحكومية لإعادة تشغيلها بسبب الاجراءات الوقائية المفروضة بسبب كورونا والتي أدت الى توقف الدوام في هذه الدوائر.
"نعاني من شح المياه منذ مدة طويلة، أوضاعنا صعبة جداً خصوصاً في فصل الصيف، فلا يمكننا فعل أي شيء بدون الماء"، تقول سونكول محمد (48 سنة)، وهي من أهالي متيق.
نعاني من شح المياه منذ مدة طويلة، أوضاعنا صعبة جداً خصوصاً في فصل الصيف، فلا يمكننا فعل أي شيء بدون الماء
سونكول، ربة بيت، تحدثت لـ(كركوك ناو) عن هموم ومشاكل كاكائيي داقوق، منها قلة الخدمات الأساسية.
تقول سونكول بأن عجز الحكومة عن معالجة أزمة المياه في قريتهم طوال تلك المدة أجبرهم على جمع التبرعات من أهالي القرية لكي يتمكنوا من حل مشكلة شح المياه بالتعاون مع فريق من دائرة ماء داقوق.
القرية تبعد 10 كيلومترات عن مركز قضاء داقوق، سكانها من الأقلية الكاكائية، في عام 1982 في عهد النظام البعثي تعرضت القرية الى الإخلاء، لكنهم عادوا اليها بعد سقوط النظام في عام 2003.
سكان قرية متيق يعتمدون في معيشتهم على الزراعة وتربية المواشي، خلال الأعوام الماضية نزح قسم من الأهالي بسبب تدهور الأوضاع الأمنية، أما من آثر البقاء فقد يجبره هذه المرة شح المياه ونقص الخدمات على النزوح من الديار.
"الى جانب المخاطر الأمنية، تفشي فيروس كورونا والاجراءات الوقائية التي تسببت بتوقف أعمالنا، نعاني ايضاً من سوء الخدمات وشح مياه الشرب"، كما يقول ناظم حميد (49 سنة).
ويضيف ناظم بأن الاجراءات الوقائية المفروضة بسب كورونا منذ شهر آذار الماضي صعَّبَت علينا ممارسة الزراعة وتسويق محاصيلنا في الأسواق.
"اضافة الى مياه الشرب المعبأة، نضطر لشراء المياه التي تُنقل بالصهاريج كل عدة أيام، وذلك بالرغم من أننا فقدنا أعمالنا."
ناظم وغيره من أهالي القرية أوصلوا مشاكلهم ومعاناتهم الى الدوائر الحكومية أكثر من مرة دون أية نتيجة.
تقطن في قرية متيق حالياً أقل من 15 عائلة، فيما غادر معظمهم القرية خلال الأعوام الثلاثة الماضية صوب مدن اقليم كوردستان.
لويس شيخ فندي، قائممقام قضاء داقوق وكالةً، قال لـ(كركوك ناو) "هذه القرية تعاني منذ مدة من شح المياه، التقيت مع أحد وفودهم وأرسلت توصية رسمية الى دائرة الماء لمعالجة مشكلتهم، لكن مع الأسف تعاني الدوائر من الروتين الزائد ولا تسير الأمور فيها بسهولة."
هناك عدة قرى أخرى في المنطقة تعاني من شح المياه، هذه القرى أعيد اعمارها بعد أن تعرضت للدمار جراء هجمات تنظيم داعش، حسبما قال قائممقام داقوق.
لويس فندي أشار الى أن سكان قرية متيق جمعوا التبرعات لحل أزمة المياه لحين تمكن الحكومة من تأمين مستلزماتهم وتنفيذ مشروع مياه جديد.
من مجموع 15 قرية يقطنها الكاكائيون في داقوق، أُخليت أكثر من خمسة قرى بالكامل بسبب المخاطر الأمنية ونقص الخدمات الأساسية.
صدام حميد (42 سنة)، أحد سكان قرية متيق، يقول بأن دائرة ماء داقوق نَأَت بنفسها سابقاً عن حل المشكلة بحجة أن بئر الماء الموجود في القرية كان من ضمن المشاريع التي نفذتها حكومة اقليم كوردستان في القرية.
داقوق (44 كيلومتر جنوب كركوك) هي من المناطق المتنازع عليها بين الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كوردستان.
"حياتنا أصبحت صعبة جداً، هناك مشكلة شح المياه والعديد من المشاكل الأخرى، اذا بقي الوضع على ما هو عليه فربما سنضطر أيضاً لمغادرة القرية، ليس من المعقول أن نقوم فوق كل هذه الأزمات والمِحَن بشراء مياه الشرب أيضاً"، هذا ما قاله صدام حميد لـ(كركوك ناو).