تجددت مطالبة أهالي قضاء تلعفر غرب الموصل، بتحويل القضاء إلى محافظة مستقلة إدارياً عن نينوى، التي تتبعه حالياً، لما يعتقدوه من "إهمال وتهميش" لمدينتهم، وفق ناشطين غزت منشوراتهم مواقع التواصل الاجتماعي، وهاشتاكات اتفقوا على إطلاقها للضغط على الجهات الرسمية لتنفيذ مطالبهم.
ويرى النائب التركماني مختار الموسوي، أن "قضاء تلعفر والمناطق التركمانية عاشت على مدى التأريخ تمييزاً عرقياً من قِبل الإدارات المتعاقبة في محافظة نينوى، وتمّ استبعاد التركمان من المشاركة في الإدارة، وفي توفير التخصيصات المالية اللازمة لاعمارها".
وأضاف الموسوي، في بيان الجمعة 18 أيلول 2020، أنه "لا يمكن لتلعفر الاستمرار والصبر لتحمل المزيد من التمييز العرقي الذي يمارس بحقها، وقد أصبحت بحدودها الإدارية مع الاقضية المجاورة جاهزة لئن تكون محافظة وتبدأ مشاريع الاعمار فيها".
ووفق تقديرات المركز الوطني للإحصاء في وزارة التخطيط، بلغ عدد سكان تلعفر عام 2018، نحو 511 ألف نسمة، بينهم 215 ألف نسمة يسكنون مركز القضاء، و 295 ألف نسمة يتوزعون على النواحي الثلاث التابعة له (العياضية، ربيعة، زمار)، وبلغ عدد المؤسسات والدوائر الحكومية في القضاء (146) دائرة.
كما يضم القضاء عدد من الأحزاب السياسية ومقراتها يصل إلى (11) حزباً، أما دور العبادة فيصل عددها إلى (100) جامعاً وحسينية، وهناك مستشفى واحد، وآخر قيد الإنشاء، و(13) مركز صحي، و(234) مدرسة ابتدائية و(70) مدرسة ثانوية وإعدادية و4 رياض أطفال، وجامعة واحدة هي جامعة تلعفر التي تضم كليتي التربية الأساسية، والتمريض، ومعهد للمعلمين ومعهد تقني.
بدوره دعا عضو مجلس المفوضين في المفوضية العليا لحقوق الإنسان، علي البياتي، في وقت سابقٍ، إلى "استحداث قضاء تلعفر كمحافظة، فيما أشار إلى خلوه من أي مشاريع خدمية إستراتيجية".
وقال البياتي في بيان، إن "تلعفر متروكة وبحاجة إلى اهتمام حقيقي من الدولة والجهات الدولية المانحة"، مبينا أنها "تخلوا من إي مشاريع خدمية إستراتيجية"، مطالباً "بدعم قضاء تلعفر المضحي بتشريع قانون استحداثها كمحافظة لزيادة دعمها على كافة المستويات".
ويؤكد محمود صالح، أكاديمي، أنه "وفق التخطيط الإقليمي والحضري، لتلعفر نفوذ حضري واسع، وهذا ما دعا بعضهم إلى القول أن المطالبة باعتبار تلعفر محافظة ليس كلاماً من نسج الخيال أو تعصب، وانما هناك جملة أمور علمية وحقائق تاريخية وجغرافية تدعم مطالبتهم.
تلعفر مركز للعمل ونقطة جمع وتسويق منتجات المناطق المحيطة ونقطة لتقديم الخدمات الصحية والتعليمية والحضارية، إضافة إلى كونها عقدة للمواصلات والمرور وتجمع السكان
واوضح ان تلعفر مركز للعمل ونقطة جمع وتسويق منتجات المناطق المحيطة ونفطة لتقديم الخدمات الصحية والتعليمية والحضارية، إضافة إلى كونها عقدة للمواصلات والمرور وتجمع السكان بالرغم من إهمالها من قبل الحكومات المتعاقبة السابقة.
وبخصوص الكثافة السكانية التي تتمتع بها المدينة، قال صالح: ان "تلعفر أكبر كثافة سكانية لقضاء في العراق وموقعها وصفاتها الطبيعية ومساحتها ومؤهلاتها العسكرية". ويتابع في حديث لـ(كركوك ناو) "لهذا وغيره يسعى الكثير من أبناء تلعفر إلى أن تتمتع بالاستقلالية الإدارية المحلية وذلك بتحويلها من قضاء إلى محافظة".
علاء عبد الأمير، ناشط مدني، يقول لـ(كركوك ناو) أن "فكرة فصل تلعفر إداريا عن نينوى، قديمة، تعود لعقود خلت، فقد طرحت أعوام 1941 و1977 و2002، و2008، إلا أنها لم ترى النور، حيث مارس أهالي تلعفر، أساليب قانونية للضغط على الحكومات المتعاقبة بهدف تحويل القضاء إلى محافظة، بينها عدة تظاهرات شعبية، كان أخرها في 15-10-2008، كما نظّم شخصياتها حملات عديدة، كان أبرزها الحملة التي وقعّها نحو 26 شخصية من تلعفر للغرض ذاته في 22 أب 2012".
ووافق مجلس الوزراء، في 26 كانون الثاني 2014، على مشروع قانون استحداث محافظة تلعفر وإحالته إلى مجلس النواب استنادا إلى أحكام المادتين (61/البند أولا و80/ البند ثانيا) من الدستور العراقي النافذ.
وتمّ إعداد مشروع قانون استحداث محافظة تلعفر، متضمناً أربعة مواد هي: استحداث المحافظة التي يكون مركزها قضاء تلعفر وتتبعها الاقضية والنواحي التالية بكامل حدودها الإدارية وهي: (مركز تلعفر- ناحية زمار - ناحية ربيعة - ناحية العياضية)، ونص القرار أن تكون ناحية زمار وربيعة والعياضية أقضية تابعة لمحافظة تلعفر وان تكون قرى (عوينات- أبو ماريا- تل موس- قصر سيريج - برغلية) نواحٍ تابعة للاقضية.
وجاء في الأسباب الموجبة انه لتوفر مقومات المحافظة في القضاء المشار إليه وانه يعد من اكبر الاقضية من ناحية الكثافة السكانية ونتيجة لما عاناه القضاء من الحرمان في ظل النظام البائد ونتيجة لاستهدافه من قبل المجاميع الإرهابية من خارج الحدود الذي أودى بحياة آلاف من أبنائه جراء ملاحقتهم عند مراجعتهم لمركز مدينة الموصل لانجاز معاملاتهم الإدارية فقد جاء مشروع هذا القانون انسجاما مع ما تقدم.
إهمال نينوى للقضاء على صعيد تولي التركمان مناصب إدارية في مديرياتها أو في التوجه لاعمارها وإنصافها بعد سنوات الدمار والعنف، أمر لا يمكن إخفاؤه
ويرى سلام حسن، متقاعد، في حديث لـ(كركوك ناو) أن "جميع مقومات جعل تلعفر محافظة متوفرة، وإهمال نينوى للقضاء على صعيد تولي التركمان مناصب إدارية في مديرياتها أو في التوجه لاعمارها وإنصافها بعد سنوات الدمار والعنف، أمر لا يمكن إخفاؤه.. لذا فالحل يكمن في استقلال تلعفر إدارياً عن نينوى".
وتقع تلعفر شمال غرب العراق، وتبعد عن مدينة الموصل حوالي 70 كم، وتسكنها أغلبية من التركمان، وقعت تحت سيطرة تنظيم داعش عام 2014، واستعادتها القوات الأمنية في أب 2017. وبعد أن عاد نحو 55% من سكانها ما زال ينتشر نازحوها في عددٍ من المحافظات الجنوبية والوسطى، لا سيما النجف وكربلاء وبابل، إلى جانب إقليم كوردستان، وكركوك وتركيا.