ذاق الويلات بينما كان في العراق، من شظايا الانفجارات و معاناة الحياة كأحد ذوي الاحتياجات الخاصة، لذا ترك دياره و توجه لبلاد الغربة.
في حياة مليئة بالغربة، أضافت جائحة كورونا الى هموم سامان و أحبطت خططه للعودة الى موطن الكاكائيين في داقوق.
تسبب انتشار فيروس كورونا منذ شهر آذار الماضي في تعليق جميع الرحلات الجوية و البرية بين العراق و بلدان العالم.
يقول سامان محمد حسين الكاكائي (43 سنة) "تسببت جائحة كورونا في ظروف غير مستقرة و عصيبة بالنسبة لي، كنت متلهفاً لمجيء اليوم الذي أتمكن فيه من العودة الى الوطن، و عندما جاء ذلك اليوم و خططت للعودة، قضى فيروس كورونا على ذلك الأمل."
سامان هو من السكان الأصليين لقرية دلس الكاكائية في داقوق، تنقّل بين عدة مناطق بسبب الظروف الأمنية و عوامل أخرى، أقام لفترة في احدى أحياء مدينة كركوك و هو الآن يعيش في ألمانيا منذ سنوات.
سامان يعيش بجسده في أوروبا و قلبه و تفكيره منصب على كركوك، لا يمضي يومه دون أن يطَّلِعَ على أخبار كاكائيي داقوق، ليست الأخبار فقط، بل يحاول قدر الإمكان ايصال تفاصيل الأحداث و المصائب التي يتعرض لها الكاكائيون للناس عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي.
"في عصر الكورونا، دأبت على نشر آلام الكاكائيين و الأحداث التي تواجههم لكي يعرف الناس كيف أن الاجراءات الوقائية المفروضة بسبب كورونا قد منعتهم من ممارسة الزراعة، الأمر الذي كبّدهم خسائر كبيرة."
و قال سامان لـ(كركوك ناو) "كورونا حبستني داخل المنزل، ازدادت بسببه متاعبي النفسية، لكنني لا زلت متفائلاً بعودة الحياة الى طبيعتها قريباً لكي أتمكن حينها من العودة."
الهدف من عودة سامان الذي هاجر الى أوروبا منذ عام 2014 عن طريق منظمة خيرية، هو لرؤية و تفقّد ذويه و أقاربه.
سامان الكاكائي من ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث أصيبت ساقاه بالشلل جراء انفجار سيارة مفخخة في بغداد في 2005، كُسِرَت على اثرها ثلاث من فقرات ظهرة، بعد اجراء عدة عمليات جراحية تقويمية تمكن من الجلوس على كرسي متحرك.
سامان كان حينها من أفراد حماية رئيس الجمهورية السابق جلال الطالباني.
سامان وصل لوحده الى ألمانيا و اضطر لترك زوجته و ابنته ذات العشرة شهور في ظروف غير مستتبة شهدت هجمات مسلحة و انفجارات.
"قضينا أحلك أيامنا بعدما سافر ساما الى أوروبا، كنت مشتتة بين التفكير في مصير سامان و حماية حياة ابنتي، كنت أرى الموت كل يوم بأم عيني"، هذا ما قالته فيان بيلان، زوجة سامان البالغة من العمر (40 سنة).
بعد فترة من التنقل بسبب المخاطر الأمنية و استهداف مسلحي داعش للأقليات الدينية في المناطق المتنازع عليها، قرروا الهجرة الى تركيا و من هناك عبروا الى أوروبا.
يقول سامان "في عام 2015 التَمَّ شملي بزوجتي و ابنتي و بدأنا حياتنا من جديد."
و لفت سامان الى أن الحكومة الألمانية قد أمَّنَت حياتهم و ينال معاملةَ طيبة هناك لكونه من ذوي الاحتياجات الخاصة، بخلاف الحياة الصعبة التي عاشها في العراق.
سامان كان يهتم كثيراً بالأخبار و الأحداث، و هو ما حفّزه لتطوير نفسه حيما كان لا يزال في العراق و تعلم تقنيات المونتاج حتى حصل على فرصة عمل في قناة كركوك الفضائية.
حول ظروف زوجها بعد اصابته بالشلل، تقول فيان "كنت دوماَ أرفع من معنوياته و لا أدعه يشعر باليأس، أصبحت طبيبته و صديقته، لأنه كان بحاجة الي."
وظيفة سامان في قناة كركوك كانت في البداية مونتاج فيديو الأخبار و نشرها عن طريق اليوتيوب و شبكات التواصل الاجتماعي.
بعد مرور 12 سنة، لم ينقطع سامان عن أخبار و أحداث كركوك، أصبح لوحده منبراً لصوت الكاكائيين، يشارك في نقل جميع الفعاليات و الأخبار الخاصة بهذه الأقلية الدينية أينما كان، قام بنشر العديد من التقارير الصحفية لـ(كركوك ناو) على صفحته الخاصة في شبكة فيسبوك.
حتى و إن كانت جائحة كورونا قد أجَّلَت أمل عودة سامان الى وطنه، لكنها مثّلت فرضة أخرى له لكي يهتم بأخبار كاكائيي داقوق و ينقلها لأكبر عدد من المتابعين، نظراً لأن أغلبية الناس تقضي أوقاتاَ أكبر على شبكات التواصل الاجتماعي بسبب الحجر المنزلي و الاجراءات الوقائية.