لا يزال المتهم الرئيسي في حادث مقتل شقيقتين من قضاء جمجمال حراً طليقاً و الشرطة تقول أنها ليست على علم بمكانه، لكنها ألقت القبض على أحد أعمامهما و الذي اعترف بمشاركته في دفن جثتي الشقيقتين.
اختفاء المتهم الرئيسي و ايواء مرتكبي العنف الأسري في جمجمال قصة لها جذور، غالباً ما كان اللجوء الى محافظة أخرى و المناطق النائية التي تخضع لنفوذ القبائل و العشائر أو الأحزاب السياسية، السبيل الوحيد للتملص من القانون.
سركوت أحمد، المتحدث باسم مديرية شرطة السليمانية قال لـ(كركوك ناو) "يوم الأحد، 11 تشرين الأول، ألقينا القبض على أحد أعمام الشقيقتين المقتولتين في جمجمال، بحسب التحقيقات اعترف هذا الشخص بمشاركته في دفن جثث الشقيقتين، فيما تواصل قوات الشرطة البحث عن المتهم الرئيسي و هو والد الشقيقيتين."
و كان الشرطة قد عثرت على جثتي الشقيقتين ئاواره (19 سنة) و هيلين (17 سنة) في التاسع من شهر ايلول الماضي مدفونتين معاً في حفرة عمقها نصف متر بالقرب من مقبرة في قرية برايم آغا الواقعة بين قضاء جمجمال و ناحية شوان التابعة لمحافظة كركوك و ذلك بعد اسبوعين من اختفائهما.
عقب الحادث، أُصدِرَت أوامر قبض بحق والد الفتاتين و الذي عرفته الشرطة على أنه المتهم الرئيسي في القضية.
المتحدث باسم شرطة السليمانية أكد بأن "قوات الشرطة مستمرة في بحثها عن المتهم الرئيسي و الذي هو والد الضحيتين."
جثتا الشقيقتين ظهرت عليهما آثار طلقات نارية، بعد اكتمال اجراءات التشريح في الطب العدلي و بعد عدم حضور أحد من اقاربهما لتسلم الجثتين، أعيد دفنهما في قضاء جمجمال بقرار من قائممقام القضاء في مراسيم حضرها ممثلو منظمات المجتمع المدني.
في جمجمال، المتهمون في قضايا العنف الأسري و القتل بدافع الشرف، ينجون بسهولة من طائلة القانون و يتم ايواؤهم خارج القضاء. تشير احصائية حصلت عليها (كركوك ناو) من جهات رسمية بأنه اضافة الى قضية الشقيقتين توجد ثلاث حالات مشابهة أصدرت أوامر قبض بحق مرتكبيها، لكن السلطات في محافظة أربيل لم تسلمهم للعدالة رغم ابلاغهم رسمياً.
يقول سامي ساتي، محامٍ في محكمة جمجمال، بأن عدم القاء القبض على بعض المتهمين يتعلق بالإجراءات الروتينية، و بعضها يعود الى ضعف الشرطة و عدم وجود تنسيق بين المؤسسات، الى جانب تفشي ظاهرة حيازة الأسلحة في المنازل و التي غالباً ما تؤدي الى حدوث مواجهات مع الشرطة.
كمثال على ذلك، قال سامي ساتي "اذا ارتكب شخص ما جريمة في جمجمال و هرب الى كركوك، حينها يجب توجيه كتاب رسمي الى محكمة الاستئناف في السليمانية، و من هناك الى محكمة الاستئناف في أربيل، ثم الى بغداد و بعدها تُوَجَّه الى محكمة كركوك، أحيناً تستغرق تلك الإجراءات ستة اشهر"، نظراً لأن جمجمال تتبع محافظة السليمانية ادارياً.
علاوة على ذلك، فإن حيازة الأسلحة في المنازل و مواجهة الشرطة تعد من الأسباب الأخرى وراء عدم التمكن من اعتقال مرتكبي جرائم القتل. حول ذلك قال سامي "بعض الأسلحة التي بحوزة المتهمين أفضل و أقوى من الأسلحة التي بيد عناصر الشرطة"، و اضاف "الانتماء السياسي للمتهم يكون في بعض الأحيان ذو تأثير على عدم اعتقاله، فحين يفر متهم من حدود محافظة السليمانية الى اربيل أو دهوك فالسلطات هناك لا تعمل جدياً لاعتقاله و العكس صحيح... هناك ايضاً حالات لإيواء المتهمين من قبل بعض المسؤولين"، حسبما قال سامي.
بعض الأسلحة التي بحوزة المتهمين أفضل و أقوى من الأسلحة التي بيد عناصر الشرطة
غير أن المتحدث باسم شرطة السليمانية شدد على وجود "تنسيق جيد" بين محافظات اقليم كوردستان، "هناك العديد من المتهمين ممن أُلقي القبض عليهم في حدود محافظة أربيل و تم تسليمهم إلينا و بالعكس... هناك تنسيق جيد مع بغداد أيضاً، شخصياً لم اسمع بوجود تدخلات حزبية أو سياسية."
"لا أحد يجرؤ على ايواء المتهمين خوفاً من الإعلام، إلاّ اذا لجأوا الى عشيرة ما في منطقة حدودية نائية لا تصل اليها الشرطة."
و يأتي ذلك في الوقت الذي أكد فيه مصدر يعمل كموظف في مكتب مناهضة العنف ضد النساء و الأسرة لـ(كركوك ناو) بأن اعتقال المتهمين بارتكاب العنف الأسري يقف في بعض الأحيان على العلاقات الشخصية و معرفة ذوي المناصب.
في 17 تموز من هذا العام، و بعد أن سجّلَت الفتاتان شكوى ضد والدهما بسبب "ارتكاب العنف" تم فتح ملف للقضية في مكتب جمجمال لمديرية مناهضة العنف ضد المرأة و الاسرة و أودِعتا على اثر ذلك في احدى الملاذات.
هيوا كريم، المتحدث باسم المديرية في السليمانية، قال في تصريح سابق لـ(كركوك ناو) "بعد بقائهما في الملاذ و زيارة والدهما بعد ذلك وافقت الفتاتان على العودة الى المنزل و سحبتا الشكوى."
و تابع هيوا "بقرار من القاضي، في 11 آب و بعد أن قدم والدهما تعهداً خطياً أُعيدت الفتاتان الى والدهما."
بشأن كيفية متابعة أوضاع النساء و الفتيات التي يتم تسليمهن لذويهن من قبل المشرفين على الملاذات قال هيوا كريم "بعد ابداء موافقتهن على العودة الى كنف عوائلهن و اقربائهن، لا يوجد شيء اسمه متابعة... لا يوجد قانون يخولنا بمتابعة أوضاعهن بعد تسليمهن الى عوائلهن وزيارة منازلهن."
و اشار هيوا الى طرحهم لعد من المشاريع لتعديل القانون لكنها لم تصل الى أروقة البرلمان.