منذ أن سمعت قرار الحكومة في التلفزيون، و (هديا) تعيش في قلق دائم، لأنها تخشى من أن تتم اعادتها الى ديارها تحت الضغوط، في حين أن منطقتها و منزلها مجرد أنقاض.
قرار الحكومة الاتحادية العراقية بإغلاق كافة مخيمات النازحين قبل نهاية هذا العام يهدف الى اعادة النازحين و استئناف حياتهم الطبيعية في مناطقهم الأصلية.
"سمعنا منذ أيام بأن الحكومة تنوي اخلاء المخيمات، نحن مسرورون من جهة لأن ذلك يعني نهاية فترة النزوح لكننا في الوقت نفسه نخشى أن يجبرونا على العودة"، تقول هديا قاسم (30 سنة).
هديا من أهالي قضاء سنجار و تعيش منذ قرابة ست سنوات في مخيم كبرتوو بمحافظة دهوك، "منزلنا تهدَّم بالكامل خلال الحرب ضد داعش، لذا لا نعرف كيف نعود اليها، في حين أن المشاكل الي تعاني منها سنجار لا تزال معلقة."
الى جانب الدمار الذي لحق بمنازل المواطنين، أدّت حرب داعش الى تقويض البنية التحتية لمعظم مناطق نينوى، من ضمنها الخدمات الأساسية كالماء و الكهرباء.
تطالب هديا الحكومة بعدم استخدام الضغط و التهديد لإجبار النازحين على العودة.
ما أرادت هديا و أغلب سكان المخيم التأكيد عليه هو أنهم لن يعودوا تحت الضغوط، لأنهم يريدون أن تعود الخدمات الى مناطقهم و يصبح في مقدورهم اعادة بناء منازلهم المدمرة.
اذا قررت الحكومة اغلاق مخيمات دهوك أيضاً، فسيكون ذلك ظلماً كبيراً
وزارة الهجرة و المهجرين العراقية أعلنت اغلاق جميع مخيمات النازحين في كل من محافظات بغداد و كربلاء، بعد عودة ساكنيها الى مناطقهم.
و أكدت الحكومة العراقية على أن عودة النازحين كانت طوعية، و الهدف من ذلك اغلاق المخيمات في كافة أرجاء العراق.
بعثة الأمم المتحدة في العراق كانت قد أشارت في بيان أصدرته في 30 تشرين الأول الى جهود الحكومة العراقية لإغلاق المخيمات و طالبت بأن تكون عملية اعادة النازحين طوعية، آمنة، كريمة و مستدامة.
"اذا قررت الحكومة اغلاق مخيمات دهوك أيضاً، فسيكون ذلك ظلماً كبيراً، لأن آلاف العوائل هنا ترفض العودة"، هذا ما قاله مراد جوكي، الذي يعيش في احدى مخيمات دهوك منذ ست سنوات.
و يعتقد جوكي بأن قرار بغداد لم تتم أن مناقشته جيداً لأن الظروف غير مواتية لعودة النازحين و لا يمكن اجبار أحد على العودة قسراً.
يتواجد في اقليم كوردستان أكثر من 737 ألف نازح داخلي، يعيش نسبة 38% منهم في المخيمات، و البقية يقيمون في مساكن مؤجرة أو مباني غير مكتملة البناء في مناطق أربيل، السليمانية و دهوك، حسب احصائيات مركز التنسيق المشترك للأزمات التابع لحكومة اقليم كوردستان لعام 2020.
وحيد أمين، مسؤول مؤسسة البارزاني الخيرية في محافظة دهوك، و الذي يشرف على جميع المخيمات في المحافظة، قال لـ(كركوك ناو) "لم يتضح بعد فيما سيتم اغلاق المخيمات الواقعة في أربيل و دهوك أم لا، يعتمد ذلك على قرار الحكومة العراقية و استعداد النازحين للعودة."
كما أعرب عن اعتقاده بأن اغلاق مخيمات دهوك و أربيل سيكون ضمن المرحلة الثانية من الحملة التي أطلقتها الحكومة العراقية، و لتنفيذ ذلك، ينبغي تطبيع الأوضاع في المناطق التي تمت استعادتها من داعش، بالأخص سنجار و توفير الخدمات الأساسية فيها لتمكين النازحين من العودة.
الحكومة العراقية، عن طريق وزارة الهجرة و المهجرين، تمنح مساعدات مالية للعوائل النازحة الراغبة بالعودة تصل الى مليون و خمسمائة ألف دينار.
أسكندر محمد أمين، مسؤول دائرة الهجرة و المهجرين في دهوك قال لـ(كركوك ناو) "لن نقبل من أي شخص أو جهة ممارسة الضغوط على النازحين من أجل اعادتهم الى مناطقهم، لكننا لن نمنع العودة الطوعية للنازحين و سنقدم لهم كافة التسهيلات."
لن نقبل من أي شخص أو جهة ممارسة الضغوط على النازحين من أجل اعادتهم الى مناطقهم
و أوضح اسكندر محمد بأنه لم تصله أية قرارات حول اغلاق المخيمات، مشيراً الى أنهم يقومون حالياً بالإعداد لفصل الشتاء عن طريق توزيع المستلزمات الضرورية على النازحين.
و يعتقد اسكندر بأن قرار الحكومة بإغلاق المخيمات يختلف بالنسبة لدهوك لسببين، أحدهما تواجد عدد كبير من النازحين فيها و الثاني عدم حسم المشاكل العالقة التي تعاني منها سنجار، لذا فإن عودة النازحين أمر صعب.
يشكل الايزيديون نسبة 30% من مجموع النازحين في اقليم كوردستان، معظمهم من سنجار.
خلال فترة الحرب ضد تنظيم الدولة الاسلامية في العراق و الشام (داعش) (2014 – 2017) و سيطرتها على أجزاء واسعة من العراق، نزح ما يقرب من ستة ملايين شخص من مناطقهم الأصلية لم يعد أكثر من مليون شخص لديارهم لحد الآن.
رغم مرور عدة سنوات على انتهاء الحرب ضد داعش، الا أن نقص الخدمات الأساسية كالماء و الكهرباء و الدمار الذي خلفته الحرب في المناطق المستعادة يعيق عودة النازحين الى مناطقهم.