امرأة اعتادت أن تجذف ضد التيار، لم تلتزم بأغلب أعراف وتقاليد مجتمعها بل تحاول منذ زمن تغييرها لتنعم النساء والفتيات بالحرية.
"اشكر والدي لأنه لم يبتر جناحيّ و علَمني الطيران"، هذه عبارة نشرتها سميرة الكاكائية على حسابها في شبكة فيسبوك مرفقة بصورة تفرد فيها ذراعيها كأجنحة طائر في اشارة الى حريتها.
سميرة قد أصبحت رفيقة الشارع، تتواجد في أية فعالية تدعو لحرية النساء والفتيات، في معظم الأوقات تكتب الشعارات على راحَتَي يديها.
"كنت اسير ضد التيار، لم أكن أؤمن بالتقاليد التي كانت تلتزم بها أغلب الفتيات، دائماً ما كنت أتبنّى آراء و مواقف خاصة بي"، هذا ما قالته سميرة لـ(كركوك ناو).
سميرة محمد حسين (57 سنة)، المعروفة بـ(سميرة كريمات)، ناشطة فاعلة و وجه بارز في كركوك، لظهورها المتكرر في المناسبات و المراسيم المتعلقة بالدفاع عن حقوق المواطنين و بالأخص النساء.
"الشارع بمعنى الحرية، الشارع ساحة لعرض امكانيات أي شخص خارج اطار البيت."
سميرة لديها ثقة تامة بصوت الشارع و تأثير الاحتجاجات، لأنها ترى أن بإمكانهم ايصال رسائلهم من الشارع.
هذه الامرأة الكاكائية لا تستطيع الابتعاد عن الشارع، لذا كان ظهور جائحة كورونا و الاجراءات الوقائية المرافقة لها خبراً سيئاً بالنسبة لسميرة كريمات، حظر التجوال كان بمثابة إنهاء فعاليات الشارع و التجمعات النسائية.
"كانت لجائحة كورونا تأثير كبيراً لأن جميع الفعاليات المختلفة اختفت في كركوك، كانت اياماً صعبة جداً."
لن استسلم ابداً لأنني أؤمن بالحرية
سميرة كريمات، بطبيعتها، تكره الجلوس دون عمل، لذا قررت خلال فترة الحجر المنزلي صبّ تركيزها على شبكات التواصل الاجتماعي و لجأت اليها كبديل مؤقت لفعاليات الشارع، فبدأت بنشر آرائها حول حرية النساء و شجّعت الناس على الوقاية من الفيروس كما قامت أيضاً بمساعدة ذوي الدخل المحدود، نظراً لأن العديد فقدوا أعمالهم جراء كورونا.
"كنا ناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي، من خلال مجموعات التواصل الالكتروني و كنا نعمل بصورة جماعية، أنشأنا مجموعة خاصة بمناسبات الكاكائيين ضمّت أكثر من أربعة آلاف عضو، الى جانب عرض الفعاليات و المواهب، أصبحت تلك المجموعة منبراً للتفاهم و التعرف على أناس آخرين."
لا يزال فيروس كورونا مصدراً للخطر في العراق حسب ما يقوله مسؤولو الصحة في الحكومة الاتحادية، لكن معظم الاجراءات الوقائية، من بينها حظر التجوال، قد تم رفعها.
زوال حظر التجوال و استئناف فعاليات الشارع أمر لطالما انتظرته سميرة لكي تبدأ بمواجهة العوائق من خلال الشارع، "لن استسلم ابداً لأنني أؤمن بالحرية و لا أعتبر نفسي أدنى من غيري."
عاشت سميرة كريمات في كنف عائلة لم تكن النساء فيها مغبونات، و هيأ ذلك الفرصة لها لكي تبدأ رحلة الدفاع عن حقوقها من المدرسة و تريد من ابناءها اتباع نفس الطريق.
سميرة أم لإبن و ثلاث بنات، احدى بناتها مغنية وقد حازت على المرتبة الأولى في برنامج مسابقات للموهوبين.
"أؤمن بأنه ما لم تكن الأم حرة فلن يترعرع أبناؤها و أحفادها بحرية."
تقول سميرة بأنها تمكنت، بدعم من زوجها، تنظيم حياتها ما بين المشاركة في النشاطات والفعاليات و الاعتناء بأسرتها.
الأقليات مغبونة في جميع المجالات
عملت سميرة في مؤسسة روز لتأهيل النساء و الدفاع عن حقوقهن لخمس سنوات وهي الآن موظفة في احدى مدارس كركوك.
الى جانب دفاعها عن حقوق المرأة، سميرة كريمات مدافعة عن حقوق الأقليات في العراق، حيث شاركت في عشرات الاحتجاجات و الفعاليات الي نظمها الكاكائيون، و تشجعهم على الدفاع عن حقوقهم و تطوير وصقل مواهبهم."
"الأقليات مغبونة في جميع المجالات، لذا حاولت دائماً ايصال صوتهم للجهات المعنية."
تقول سميرة بأن الشارع يمثل تحدياً صعباً، و الأصعب هو أن تلجأ اليه للمطالبة بحرية المرأة و رفض الخضوع، لذا بدأت التغيير من داخل عائلتها و تحاول أن يشمل ذلك التغيير المجتمع بأكمله.