بسبب تداعيات تذبذب سعر صرف الدولار...
ارتفاع ملحوظ في أسعار السلع

كركوك/ تموز 2017/ سوق لبيع السمك ضمن أحد الأسواق الشعبية   تصوير: بنار سردار

كاروان الصالحي – كركوك

ارتفع أسعار السلع والاحتياجات اليومية بصورة غير اعتيادية في أسواق العراق جراء تذبذب سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي، مخلفة أوضاعاً توشك على أن تخرج عن السيطرة ويكون المواطن فيها المتضرر الأول.

سعر صرف الدولار في ارتفاع مستمر مقابل الدينار العراقي منذ ما يقرب من عشرة أيام، بحيث وصل سعر صرف الدولار الواحد يوم الأحد، 20 كانون الأول الى أكثر من 1,450 دينار، بعد أن كان في سعره في سوق التعاملات المالية في حدود 1,230 دينار.

التذبذب في سعر صرف الدولار أدّى الى ارتفاع اسعار كافة السلع الغذائية، مواد البناء وغيرها من المواد التي تُستَورد من خارج العراق وذلك في الوقت الذي لا يزال التجار يبيعون البضائع المخزونة التي اشتروه بأسعار أقل من الحالية.

 سعر كيس السكر زنة 50 كيلوغرام ارتفع من 33 ألف دينار الى 39 ألف دينار، سعر عبوة زيت الطبخ وصلت الى ألفي دينار بعد أن كانت تباع بحوالي ألف وخمسمائة دينار، وهذه أمثلة للارتفاع الذي شهدته اسعار بعض السلع اليومية.

حسن علي، أحد تجار المواد الغذائية في كركوك قال "أسعار جميع المواد غَلَت، سعر صرف الدولار مرتفع حالياً، لذا نبيع المواد بأسعار أغلى من السابق حتى لا نتضرر."

فيديو: صاحب أحد المحال في كركوك يتحدث عن غلاء أسعار المواد الغذائية والسلع الأخرى

 "زاد سعر كل كيس مواد غذائية من زنة 50 كيلوغرام حوالي سبعة الى ثمانية آلاف دينار، كلّما ارتفعت قيمة الدولار أكثر مقابل الدينار العراقي كلما  ارتفعت اسعار المواد الغذائية، وضريبة هذا الغلاء يدفعها المواطنون"/ حسبما قال حسن علي.

عبدالرزاق علي، أحد باعة الجملة قال لـ(كركوك ناو) "لسنا نحن السبب... فمثلاً، قبل ارتفاع سعر صرف الدولار، كنت أبيع علبة دهن زنة 6 كيلوغرام بتسعة آلاف دينار، أما اليوم (السبت، 19 كانون الأول) اشتريتها بنفسي من التاجر بعشرة آلاف و خمسمائة دينار، اذن بطكم تتوقع أن أبيعها.

لكن شاخوان خالد، من سكنة كركوك قال "المشكلة هي أن بعض التجار من مستوردي المواد الغذائية انتهزوا هذه الفرصة وتسابقوا لزيادة أسعار المواد الغذائية، ما يوجد الآن في الأسواق لم يتم شراؤه خلال اليومين الماضيين لكي يبيعوه بأسعار أغلى، ما يوجد الآن في الأسواق جلبوه من المخازن وكانوا قد اشتروها بأسعار أقل."

وزير المالية العراقي علي علاوي أكّد في بيان نُشِر يوم السبت، 19 كانون الأول بأن خطوة تخفيض قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار الأمريكي تأتي في إطار مشروع الاصلاحات الاقتصادية، " قرار تعديل سعر الصرف سيكون لمرة واحدة فقط ولن يتكرر مستقبلاً وستعمل الحكومة بالإضافة الى البنك المركزي على تثبيت السعر الجديد الذي ينسجم مع متطلبات الاصلاح."

وأشار علاوي الى أن الحكومة "ستعمل بشكل فوري على دعم القطاعات المتضررة والشرائح الفقيرة عبر اجراءات تتضمن زيادة مخصصات الرعاية الاجتماعية في الموازنة العامة من اجل تعويض الارتفاع المحتمل في اسعار بعض السلع المستوردة."

0Z7A6732
كركوك/ تموز 2017/ أحد الأسواق الشعبية في المدينة   تصوير: بنار سردار

وكان البنك المركزي العراقي قد أعلن في بيان بأن سعر الدولار المحدد بـ 1450 ديناراً سيكون السعر المعتمد بالبيع من الوزارة للبنك المركزي، وسيباع الدولار للمصارف بسعر 1460 دينار، فيما ستبيع المصارف الدولار للمواطنين بـ 1470 دينار.

وجاء في البيان الذي نُشِر يوم السبت 19 كانون الأول حول خطوات تخفيض قيمة الدينار العراقي بأن القرار جاء بعد " مداولات مكثفة مع السادة رئيس الوزراء ووزير المالية والسلطة التشريعية، بشأن الوضع الاقتصادي عموماً والأزمة المالية التي تمر بها المالية العامة بسبب انخفاض أسعار النفط وإنتاجه والتحديات الاقتصادية والصحية."

الإستمرار بسعر الصرف الحالي أصبح يشكل عائق كبير لإجراء التنمية الحقيقية وتعزيز التنافسية للإنتاج المحلي

وأكد البيان بأن الهدف من تلك الخطوة هو اجراء الاصلاحات الاقتصادية بعد حدوث عجز كبير في الموازنة العامة واضطرار الحكومة إلى الاقتراض لغرض دفع الرواتب وتلبية الاحتياجات الإنفاقية الأخرى المتعلقة بالخدمات المقدمة للمواطنين، مشيراً الى أن " الاستمرار بسعر الصرف الحالي، الذي لا يتناسب بجميع الأحوال مع معدلات أسعار الصرف لدى الدول الأخرى أصبح يشكل عائق كبير لإجراء التنمية الحقيقية وتعزيز التنافسية للإنتاج المحلي."

الى جانب الارتفاع الحاصل في أسعار المواد الغذائية، أسفر القرار عن زيادة ملحوظة في أسعار مواد البناء، مواد التجميل، الذهب وكافة المواد التي تستورد من خارج العراق.

نسرين نعمان، صاحبة محل بيع مواد التجميل قالت لـ(كركوك ناو) "المشكلة الأخرى التي تواجهنا وتواجه المواطنين والتي لم يدركها الكثيرون هي كيفية التعامل مع القروض والمعاملات التي جرت سابقاً بالدولار"، و تابعت نسرين "على سبيل المثال، اشتريت مواداً بقيمة 800 دولار حين كان سعر صرف الدولار الواحد 1,220 ديناراً، أي أن قيمة المواد كانت 976 ألف دينار، لكنها قيمتها الآن اصبحت حوالي مليون و 200 ألفي دينار."

ويرى الخبير الاقتصادي الدكتور صلاح العبيدي بأن أحد الأسباب التي أدت الى ارتفاع أسعار المواد الغذائية يعود الى تسرب مسودة مشروع الموازنة العامة لعام 2021، " أدى هذا الأمر الى أن ينتهز التجار الفرصة ويجمعوا أموالهم من السوق عن طريق بيع سلع المخازن بأسعار أغلى من السابق."

حسب مسودة القرار الذي سبق بيان البنك المركزي العراقي حُدِّدَ سعر صرف الدولار الواحد بـ1,450 دينار.

"رفع قيمة الدولار مقابل الدينار العراقي عمل غير صائب، حتى أنه تسبب بمشاكل للتجار الذين يتعاملون بالدولار، فهم أيضاً لديهم عقود مع أناس آخرين، كان يجب على الحكومة والبنك المركزي مناقشة السألة مع وزارة التخطيط والمؤسسات الاقتصادية"، حسبما قال صلاح العبيدي.

ويعتقد الخبير الاقتصادي بأن مشاكل "أكبر" ستواجه الخطوة التي قامت بها لحكومة في المستقبل، بالأخص من قبل المواطنين، "لأن رواتب الموظفين على حالها، ولن تكفي لسد احتياجاتهم بسبب الغلاء الذي تشهده الأسواق."

 

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT